برنامج ” مع المالكي ” والتي تبثه قناة آفاق الممولة من قبل حزب الدعوة ، وُيبث من على قناة العراقية يثير لدى المواطن ، والشارع العراقي عموماً عدة تساؤلات ….لماذا مع السيد المالكي ، ولماذا لا يكون مع بقية السياسيين ؟ ، ولماذا لا يكون مع علاوي مثلاً أو النجيفي أو أي شخصية سياسية أخرى ؟
الإجابة على هذه التساؤلات جاءت من نفس البرنامج ، وانه دعاية انتخابية مبكرة للسيد المالكي ، خصوصاً أنها ترافقت مع الزيارات التي يقوم بها الأخير إلى الدوائر الخدمية كدائرة المرور والتقاعد وغيرها .
إن تقييم هذه الخطابات وأهميتها لا يأتي بتحديد زمن دوري لها، وإنما يتعلق بمضمونها وان تستند إلى وقائع حقيقية وأرقام، لان الشعب العراقي يعطي انطباعه اتجاهها عندما تكون بمصداقية عالية ووضوح والكشف عما يجري بشكل دقيق .
كنا نتمنى أن يعتمد هذا الظهور بعد تشكيل الحكومة بشكل مباشر يوضح فيه الخطط التنفيذية لها ، لكن الحكومة غير مكتملة وعجزت إلى اليوم عن إكمال كابينتها ومنها عدم تعيين الوزراء الأمنيين وإدارة اغلب مفاصلها بالوكالة ، وبالتالي يأتي الخطاب اليوم بهذه الطريقة بأنه لا يخلو من الدعاية الانتخابية، كما انه جاء لاستهداف وتسقيط بعض الكتل والأحزاب السياسية من خلالها .
كما أن قناة العراقية هي الأخرى لن تلتزم بالقوانين الإعلامية ، وأن تلتزم بالمبادئ والمنهج الإعلامي ، وان تكون للعراق جميعاً لا لشخص أو حزب أو كتلة ، وان تمد جسورها مع الجميع ، حتى تحضى بثقة الشعب العراقي عموماً ، فمعَ نهاية عمر الحكومة الحالية ومجلس النواب واقتراب الانتخابات التشريعية وبدء الحملات الدعائية المبكرة لأغلب الكتل السياسية بصورة مباشرة وغير مباشرة جاءت الحملة الخاصة برئيس الوزراء نوري المالكي من خلال قناة “العراقية” والتي بدأت ببث برنامج بعنوان “مع المالكي” يستعرض “انجازات ومشاريع رئيس الوزراء خلال فترة ترؤسه للحكومة ووعوده بانجازات ومشاريع آنية ومستقبلية، الأمر الذي اعتبره سياسيون ومراقبون في مجال الإعلام ابتعادا عن الحيادية وانحياز لجهة معينة دون أخرى ، كما انه زعزع ثقة الجماهير والسياسيين بهذه القناة .
الحملة الانتخابية لم يتبق لها سوى أيام وتنطلق لتبدأ مرحلة التنافس الإعلامي للمرشحين ، لذلك على قناة العراقية أن تبتعد عن إجراء اللقاءات والمقابلات أو البرامج التي تدخل ضمن مفهوم الحملة الدعائية المبكرة، وباعتبارها قناة “الدولة الرسمية ” فالأولى إن لاتقوم بأية دعاية انتخابية لأي طرف من الإطراف السياسية، إلا من خلال توفير المساحة المتساوية للجميع وهذا الأمر يجب أن يكون ضمن المدة القانونية للحملات الانتخابية التي حددتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، على أن يكون شاملاً للجميع ، من مرشحين ، ومسؤولي الدولة العراقية ، وان تعطي المساحة نفسها مع باقي المرشحين ، لتكون بذلك قناة الجميع بدون استثناء .
كما أن للمفوضية دور مهم ، وهو مراقبة ومتابعة مثل هذه “الدعايات المبكرة ” ، وان تتخذ الإجراءات الكفيلة بمنع تكرارها ، ومحاسبة المقصرين من الكتل السياسية ، ونسعى إلى أيجاد جو انتخابي ملائم لإجراء الانتخابات ، دون تعكير أو تشويش أو تشويه ، وان يسعى السياسيون إلى الابتعاد تماماً عن الخطاب التسقيطي المتشنج ، لان السلام الإعلامي يملكه الجميع ، والجميع يستطيع الحديث والاتهام ، لذا يجب أن تسود لغة التهدئة ، وان تسعى جميع الكتل السياسية والمرشحين خلال الأيام القادة ، وقبل بدء الدعاية الانتخابية إلى عقد مؤتمر وطني ” معاً من اجل العراق ” لإيجاد الأرضية المناسبة بين جميع الكتل ، وإيجاد ميثاق شرف وطني وانتخابي ، يُمنع فيه ظاهرة التسقيط السياسي بين المرشحين قبيل الانتخابات ، لان الجميع سوف يذوب في قاعة كبيرة اسمها البرلمان ، وسوف يتفقون ويتعاونون جميعاً من اجل بناء وطنهم ، وإعانة شعبهم ، والذي ينتظر أن تكون حياته كباقي الشعوب التي تعيش أوطانها وهي مستقرة ، لان هناك من ينظر من ثقب الباب متى تعلن الحرب الطائفية ، ليقف ويتغنى على رماد الحريق .