الكلام في إزاحة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن عرين الكرسي بات كفر سياسي, او أحجية لا تخضع إلى تسلسل منطقي في استدراك التفسير, فحصاد المنجزات الحكومية وعلى مدار ولايتين سلطوية بعمر ثمان سنوات قد تجاوزت مديات الرشد السياسي بعد ان بات اللوح والسجل ممتلئ الأشلاء, مكتظ بصور الدم ,متزاحم الإخفاق وعلى جميع المستويات السياسية والأمنية وصولا إلى بقية الجوانب الأخرى,وعلى ما يبدوا إن تلك الاهتزازات في الأرض السياسية العراقية لم تكن كافية في دفع المتغيرات إلى ساحات التغير لغرض شطبها او تعديلها, بعد ما أدركنا تمام الإدراك إن الاعتراف بالفشل والتسليم إلى منطق الاستقالة ,أمر لم يكتب في دستور العقل الحكومي وهو ما يؤشر إلى وئد المولود الديمقراطي العراقي في فضاء المؤسسة العراقية ما بعد 2003, وهنا لابد من الالتفات إننا لانتكلم عن الاستقالة كورقة إسقاط وتسقيط للأخر, بل نحن أمام عشر سنوات عجاف في التأسيس لأرضية صلبة قادرة على تحمل نظام سياسي متزن, وهو ما يدفع بهكذا ثقافات أن تظهر على السطح كردود أفعال لإسقاطات متمثلة بانهيارات بنيوية في التركيبة الحكومية,وبالتالي فأن الخوض في تفاصيل المعالجات الانية والمرحلية بلباس الحكومة الحالية يعني في ابسط تداعياته انتظار الموت وإعلان وفاة التجربة العراقية, والإحداث المتوالية والأزمات المتفاقسة هي خير من تبوح عن حالها, حتى رحلت الأحلام واندثر الطموح في هندسةهرم مدني يؤسس لثقافات ومفردات مؤسساتية قادرة على بناء العراق سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا, لتحل مكانها أمنية يشترك العراقيون في راحلتها ان يشطب يوما عراقيا دون ان يؤرخ في احضانه مشهد دم أو انفجار عبوة أو قتل واغتيال..
عقد من الزمن مر عبر أعناق الزجاجة والعراق فوق فوهة بركان, مع فقر في الانجاز وتخمة في الأزمات , ومساجلات في التبرير , وربما ان السبب الرئيس الذي كان ومايزال يمد خيوط البقاء للكثير من هواة السلطة هو ان العراق, كثير الخيرات,متناثر الموارد, مما اسهم في إعطاء أشواط إضافية للكثير منهم , وهو باعتقادي انه ا الفرق الجوهري بين ازاحة الرئيس المخلوع محمد مرسي وبقاء المالكي في السلطة, فمصر تبحث عن حلول ومخارج لازمة اقتصادية خانقة لا تحتمل التجريب والمغامرة وعلى من يتصدى لذلك عليه ان يدرك ان الخبز هو الطريق الى قلوب المصريين, وهو احد الاسباب الرئيسة التي دفعت بتظاهرات الـ30 من يوليو ان تسدل الستار على التجربة الاخوانية التي لم تتجاوز العام الواحد, بعد فشلها الذريع في حمل ورقة الانقاذ لهم, فيما ان البيت العراقي , مازال المورد العراقي فيه جزءا كبيراومهم في التخفيف من وطأة الانهيارات المتعاقبة في الحاضر العراقي سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي او الجوانب الأخرى, وهذا ما نراه واضحا في الأساليب الحكومية التي تعتمدها السلطة في فك الاختناقات الجماهيرية فتارة تظهر بزيادة وراتب الموظفين وتارة بمعالجات اقتصادية وهو في حقيقة الأمر امر لم يأتي من خطط استراتيجية او تدابير مهنية استطاعت ان تؤمن الظل في افياء الشمس ,بل انها منحة بسيطة هي اقل بكثير مما تملكه الخزينة العراقية.