23 ديسمبر، 2024 2:00 م

لماذا لا يتفاوض الشيعة مع داعش بدلا من ان يكسبهم الاكراد والاتراك لصالحهم؟!

لماذا لا يتفاوض الشيعة مع داعش بدلا من ان يكسبهم الاكراد والاتراك لصالحهم؟!

يقول المنظرين في الابداعي والتنمية البشرية ان الفرق بين مدير الشركة “الماهر” المبدع والمدير “الخامل” او الفاشل  هو ان الاول يقبل في مناقشة اي فكرة مهما كانت غريبة او مغايرة لتوجهات ما يخطط له المدير لانه يعتقد بضرورة مناقشة كل الاحتمالات وعدم قصر النظر على احتمال واحد, اما المدير الخامل فان اهم ما يتميز به هو رفضه لكل فكرة او مشروع لمجرد انه يخالف توجهات المدير او ما قصر نظره عليه.
ربما كان اكثر ما يحسب للصحفي العراقي سرمد الطائي هو انه كان اول من نصح المالكي بالتفاوض مع داعش بدلا من محاربتها مثلما تفاوض الامريكان مع حركة طالبان ,لقد اطلق سرمد الطائي تلك الصرخة قبل اشهر عديدة,لكنها ذهبت مع الريح دون ان يلتفت اليها احد ودون ان يفكر المالكي او المقربين منه مجرد التفكير في مناقشة ذلك الاحتمال او حتى مجرد فتح الصفحة الاولة من ملفه.
امام الحرب الشيعية مع داعش يوجد اربع احتمالات:
الاحتمال الاول ان ينتصر الشيعة على داعش ,واقصى ما يمكن ان يحقه الشيعة في هذا المجال هو طرد داعش من المدن التي حررتها لتعود داعش الى الصحراء,والنتيجة ستكون ان تعود التفجيرات المتنقلة لتضرب في بغداد تارة وفي كربلاء تارة والبصرة تارة اخرى ,ونعود لنعيش العراق كما عشناه منذ عشر سنوات, اي ان المحصلة هي “صفر”!.
الاحتمال الثاني ان تتحالف داعش مع قوى محلية واقليمية,كان تتحالف مع الاكراد اوالدول العربية اوالتحالف مع تركيا,وربما التحالف مع دول اخرى ككوريا او الصين ,فموازين القوى تشير الى انها تميل لصالح داعش على حساب قوى محلية واقليمية,والسبب ان داعش تمتلك جيشا بنيت عقيدته على القتال حتى الموت على خلاف جيوش العالم التي تقاتل حتى انتهاء الراتب!,وامام هذا التغير في موازين القوى سوف تميل الكثير من القوى والدول الى التحالف معها اما خوفا من شرها وابعاد تفجيراتها عنها,او طمعا في استخدام قوتها لصالح تحقيق مصالحها الخاصة. ولقد كنا اول من اشر بقوة الى ذلك التحالف بين الاكراد وتحديدا السيد البرزاني وبين داعش,وهو تحالف لم يكن بسبب البعد الطائفي كما يفكر البعض,بل لان السيد البرزاني يتمتع بفكر عميق ذو ابعاد واقعية تتعدى النزعات العاطفية ,فهو يفكر بمصلحة الاكراد كدولة ومجتمع ويعرف بان تاليب داعش على الاكراد سوف يستنزف الاكراد دمويا وتجاريا ونفطيا,لذلك فان مهادنته لداعش كان اكبر خطوة اقدم عليها البرزاني,وها هو يحصد ثمارها بسقوط الكثير من المناطق التي كان يحلم بالحصول عليها من المالكي,فمنحتها له داعش مجانا.
الاحتمال الثالث هو ان يوقن الشيعة بان الحرب مع داعش سوف تستنزف الشيعة وتدخلهم في حرب دموية د تستمر لعقود من الزمن لن يخرج الشيعة بعدها الا بين قتيل او مهجر  او خائف مرعوب,وسوف يتاخر نموهم الاقتصادي والاجتماعي والعلمي لدرجة قد تسبقهم الصومال بمراحل,ولذلك فسوف يكون الحل الامثل لهم هو التفاوض مع داعش والوصول معهم الى نقطة اتفاق بدلا من ان تستمر بينهم الحرب الثارية التي سوف يكون ثمرتها انهار من الدماء من كلا الطرفين.
الاحتمال الرابع هو ان تنتصر داعش دون ان تتحالف مع احد,وهو احتمال بعيد الاحتمال لان داعش التي تسعى لبناء دولة اسلامية لا بد لها من ان تدرك في النهاية بان لها ان تعقد التحالفات والاتفاقيات مع محيطها ودول الجوار والا فانها سوف تبقى مجرد تنظيم مسلح سيطر على جزيرة معزولة في احد المحيطات .
امام هذه الاحتمالات يظهر ان عدم مسارعة الشيعة لعقد مفاوضات مباشرة مع داعش والوصول معها الى حلول سلمية خير من الاستمرار بالحرب العبية والهروب الى الامام,والكل يعرف ان “الامام” هو حفرة سحيقة لا اول لها ولا اخر!.
على الشيعة سحب البساط من تحت اقدام الكرد والاتراك والمسارعة للتفاوض مع داعش  قبل ان يسبقهم الى ذلك الاكراد او الاتراك او حتى الخليجيين, كل المؤشرات تشير حاليا الى ان الاكراد د عقدوا مثل تلك التفاوضات مع داعش,وان الاتراك يخوضون اليوم مثل هذه المفاوضات حاليا,والكثير من دول الخليج لها اتفاقيات مع القاعدة من اجل عدم استهداف اراضيها كالامارات والكويت,وان الشيعة هم الطرف الوحيد الذي ما زال يصر على الهروب الى الحفرة دون ان تظهر عليه اي بوادر للبراغماتية او التعقل, والغريب ان ما تعرض له شيعة العراق لو تعرض  شيعة ايران لربع ما تعرض له شيعة العراق لرايت شيعة ايران الان يفاوضون داعش بل وربما يسلونهم بلوشستان وربما الاحواز مجانا,بل ولو طلبوا منهم طهران لسلموهم اياها شرط ان يكفوا عنهم وان يعيش شيعة ايران بامان!.
(التاريخ القديم والحديث يقول بان شيعة ايران يمتازون بانهم يفضلون الدم الفارسي على اي دام اخرولذلك فهم لا يرسلون اي من جنودهم للقتال نيابة عن العرب او العجم,وانيا انهم اناس براغماتيون تهمهم مصالحهم التجارية والامنية والاجتماعية ولذلك لا يتحرجون من التخلي عن اي من الخطوط الحمراء ان تبين لهم ان مصالحهم تقتضي التخلي عنه,ولذلك تجدهم قد تفاوضوا مع الامريكان والاسرائيليين متجاوزين كل خطوطهم الحمراء لمجرد ان ضاق عليهم الحصار الاقتصادي وذاقوا بعض لوعته!.
وهذا على خلاف الشيعة العرب الذين اعتادوا ان يكونوا مطية لتحيق شعارات الشيعة الفرس,دون اي تفكير بمصالحهم اوحتى رغباتهم,وارتضوا بان  تسفك الكثير من دماءهم من اجل ان يبتسم خامنئي!.).

لا اتوقع ان يفكر الشيعة بمثل هذا الاحتمال حاليا,وسوف يعاندون و”يركبون رؤوسهم” ويستمرون في التجييش وتجميع قطعان الشباب ورميهم في المحرقة,الى ان تتخطى داعش نقطة التفاوض وتصبح هي الاقوى افي ميزان القوى وحينها سوف يتوسل الشيعة بداعش لكي تتفاوض او حتى مجرد ان تنظر اليهم ,لكن حينها سوف ترفض داعش التفاوض بعد ان ضمنت ان حدودها مع تركيا والاكراد كافية لان تستمر بحربها مع الشيعة حتى الموت!.