المصالحة والتسوية واللحمة من أبرز المصطلحات التي طَفَتْ على الساحة العراقية بعد 2003.
حصلت مصالحات وتسويات كبيرة, مع ارهابين وقتلة, ومع بعثيين وخونة ومع دول وامم.
بموجب التسويات والمصالحات صار القاتل طليقا, والارهابي حرا, وبموجب التسويات ضُيعت حقوق الضحايا,والغيت الحقوق الجنائية العامة والشخصية, وبرزت التنازلات, وصارت بمثابة ثقافة لدى القوى السياسية,وتحولت من عيب ومثلبة الى عطاء ومكرمة.
قد لا يختلف اثنان على أن بلدنا يعاني من الفساد بأبشع صوره, فهو فساد سياسي واداري ومالي, وتتحمل الاحزاب الحاكمة مسؤولية الفساد, كونها المعنية بتشكيل الحكومات التنفيذية من خلال ممثليها في البرلمان أو مجالس المحافظات.
تختلف الكتل فيما بينها على كل شيء,إلا في أمر واحد, فهي متفقة وتعيش حالة من الحميمية عند التكلم عن الحصص والمغانم!.
هذه الصورة للفساد, والقوانين الحاكمة التي تفضي بنهايتها الى عودة نفس الاحزاب والكتل للواجهة وللتمثيل النيابي, وبما إننا بلد مصالحات وتسويات, فلماذا لا نجلس مع الفاسدين ونتفاوض معهم, ونعقد معهم مصالحة وتسوية؟!
تكون التسوية بتثبيت حصص للكتل كأن تكون ثلث المتبقي من الميزانية –أو أي نسبة يتفق عليها الشعب مع الفاسدين- بعد استقطاع رواتب الموظفين, وتكون نسبة الثلث لهم في التعينات, وكل ما يمكنهم منه المنصب من مغانم, على شرط أن لا تنقسم الاحزاب على نفسها, لكي لا نعيش تخمة التحزب, ونضطر لإشراكآخرين في النسبة, وان من ينشق من الاحزاب الحاكمة فلن تكون له حصة من النسبة, وكذلك يصار الى عقد اجتماعي,بان الفاسد الذي يحاول أن يتعدى النسبة المنصوصة في العقد الاجتماعي يعرض نفسه للمسائلة, كذلك يضمن هذا العقد التصالحي للفاسدين ان يحوزوا المغانم دون مسائلة.
قد تكون فكرتي هي ضرب من الجنون,لكني ارى أن نسبة خمسين بالمئة –فضلا عن الثلثين- من الواردات تكفي لتطوير البلد, وانعاش الاقتصاد, وزيادة فرص العمل, والدخل الفردي للمواطن “غير المتحزب”, ونتجنب استحواذ الفاسدين على كل الموارد, فما دمنا في مصالحة تتصافح مع القاتل, فلماذا لا تتصافح هذه المصالحة مع الفاسد؟!