17 نوفمبر، 2024 12:39 م
Search
Close this search box.

لماذا لا أحد يذهب للمعارضة؟

لماذا لا أحد يذهب للمعارضة؟

تُعرف النظم الديموقراطية بحكومات وبرلمان يُشكل أغلبية حاكمة وأقلية معارضة، حتى الحكومات الإئتلافية المتعددة الأحزاب، يتآلف الأغلب لتشكيل الحكومة والمتبقي يذهب للمعارضة، وأن كان بفرق مقعد واحد، إلاّ في العراق فالكل يُشارك في الحكومة ويمارس دور المعارضة المعرقلة والمشككة طيلة 14 عام.
ربما كانت الضرورة تدعو لإشراك جميع القوى السياسي في الحكومة لطمئنتها، إلاّ أن بقاء الوضع لأربعة عشر عام؛ شذوذ ديموقراطي.
أثبتت حكومات السنوات السابقة بمختلف مسمياتها: المشاركة، الشراكة، الوحدة الوطنية، المصالحة الوطنية، بأن الفشل يساورها ويتعقد المشهد السياسي بتقادم الأعوام، وبدل إنحسار الأحزاب على عدد الأصابع، أصبح من الصعب التفريق بين مسمياتها وأهداف وآليات تشكيلها، ومن الصعوبة تشكيل الحكومة في ظل إنفراط سياسي.
في إنتخابات 2006م كانت ثلاث قوى رئيسية تمثل المشهد السياسي؛ التحالف الوطني، التحالف الكوردستاني، وجبهة التوافق، وفي إنتخابات 2010م إنسلخت دولة القانون من التحالف الوطني وكذلك ظهرت قوى جديدة من التحالف الكوردستاني وجبهة التوافق، سرعان ما إلتأمت في تشكيل الحكومة، وهكذا الحال في إنتخابات 2014م، مع ظهور قوائم جديدة في كل إنتخابات.
أما إنتخابات 2018م، فتوزع التحالف الوطني على خمسة قوى رئيسية وفرعيات، وكذلك السنة والكورد، سوى بعض المقاعد الفردية التي حصلت هنا أو هناك، ويمكن أن يكون محور الأغلبية السياسية من ثلاثة قوى شيعية وتحالفين كورديين وما يزيد قليلا على الأربعين مقعد من السنة، مع بقاء قوى آخرى شيعية سنية كوردية في المعارضة، وتوزيع القوائم الصغيرة بين الأغلبية والمعارضة، وبذلك سيسهم بتشكيل حكومة قوية ومعارضة يمثلنان مختلف المكونات.
سُأل ثلاثة قادمين من البصرة عن أحوالها، فقالوا بما معناه؛ الأول يراها مدينة دين وعبادة، والثاني يراها مدينة خمور وغناء، والثالث يراها مدينة علم وأدب، وعند كل أجابة للسائل يقول له صدقت، فتعجب الحاضرون، فأجاب أن كل واحد منهم يراها بعينه ومعشره وتجربته، وهكذا معظم القوى السياسية ترى السلطة إستحواذ وإلغاء الآخر وهيمنة حزبية وعائلية على مفاصل الدولة، وثراء وجاه على حساب الشعب، وتسابق بين أحزاب لإسقاط بعضها، لذلك لا تريد الدخول بالمعارضة، كي لا تكون فريسة لمنافسيها أو لا تقع في بئر حفرته لغيرها.
تتصور بعض القوى أن تقدمها عن غيرها وأن كان بمقعد، فذلك نصر وحق للإستئثار بالسلطة، ولا تعتبره مسؤولية إضافية على عاتقها تحملها بجدارة.
فيما لا ترى القوى التي تراجعت بأن هذا درس، وعليها مراجعة أدائها والعودة لجمهورها، وكل من القوتين المتقدم والمتأخر عليهما التفكير بالتعاضد ودراسة أسباب العزوف عن الإنتخابات وفقدان الثقة بالطبقة السياسية من جانب، والجانب الآخر النظر الى تراجع الدولة وإنشغالها بخلافات هدفها مكاسب حزبية،. والتواجد في صف الأغلبية البرلمانية مسؤولية كبيرة، كما أن المعارضة ليست تهميشاً أو مؤامرة كما يصفون، بل دور أهم لتقويم عمل الحكومة والبرلمان، وطرح ما ينفع الدولة من مشاريع غائبة على الأغلبية، لا إشكالات عرقلة وإفشال الآخر، بينما على الأغلبية سماع أطروحات المعارضة والتعاون لحلها، وتشكيل حكومة أغلبية أختبار حقيقي لمصداقية القوى السياسية التي كانت تنادي بها، وتقول أن سبب الفشل هو المحاصصة وغياب المعارضة.

أحدث المقالات