23 ديسمبر، 2024 3:58 م

لماذا في تونس ومصر أوّلاً ـ 2 .. “ذق .. إنّك أنت العزيز الكريم” ..

لماذا في تونس ومصر أوّلاً ـ 2 .. “ذق .. إنّك أنت العزيز الكريم” ..

لا أميركا طلبت من الشيخ حمد بالتنحّي ولا يحزنون .. مشروع  الإطاحة بسوريا وإعادة علم الانتداب الفرنسي الأوروبّي يرفرف فوق جبل قاسيون بعد 70 عاماً ! فشل فشلاً ذريعاً وكما توقّعنا منذ “بو عزيز”ومنذ اندلاع الثورة السوريّة وغير قابل للحلّ إلاّ بحرب كونيّة نوويّة أولى .. وأخيرة ! لا تبقي ولا تذر وإن كانت هنالك حرب كونيّة بين بقايا بشريّة ستأتي بعدها فستكون بالحجارة  ! ..
حاكم قطر الّذي حشر نفسه في عنق نفق ضيّق للغاية فلم يستطع الخروج منه قد هاله أمر صمود سوريا سنتين وأكثر وعلى الأخصّ جيشه وتماسكه المذهل طيلة هاتين السنتين وأكثر مع جميع محاولات الشيخ القطري هو وبقيّة شيوخ النفط المستميتة وعلى رأسهم آل سعود الّذين جميعهم , “وكي لا ننسى فتأخذنا ثورة الربيع الفوضويّة الخلّاقة هذه أنّ هذه المشايخ هنّ من وقفن وراء غزو وتدمير العراق بعد حصارهم المدمّر له” بتخطيط وتناغم وتوجيه أميركي غربي بالطبع على إثناء روسيا أو اختراق الحلف الصيني الروسي السوري بشتّى الوسائل وبأعلى الإغراءات الماليّة في التاريخ وبشتّى الخدع وبآلة إعلاميّة إرماديّة هائلة لكنّهم لم يستطيعوا ؛ لتجيء “القُصير” لتشكّل اللطمة الموجعة على وجه الحلف الغربي الإعرابي التركي ولتردّ عليهم الصاع صاعين إن لم يكن أكثر والقادم ينبئ بتغييرات سياسيّة دوليّة غير متوقّعة ؛ لم يستطع الشيخ حمد مقاومة صاعقة النصر السوري الّتي نزلت على رأسه فأقلقه كثيراً وآلمه هذا النصر بشدّة على ما يبدو ففضّل الانزواء وهو ما كان لأشدّ ما كان يخشاه لو فشل في سوريا ليتوارى عن الأنظار وليرسل إشارات تنبء بذلك يطرح ابنه “تميم” خلفاً له .. في حين تشير بعض الأخبار  إن صحّت , أنّ هنالك صراع شديد داخل القصر الأميري القطري بين أركان الحكم  ..
أردوغان لم يكن حظّه في صعقة “القصير” بالقليلة عليه ؛ إذ على ما يبدو أنّ “تقسيم” هي الترجمة الارتداديّة عن القصير .. لا نعلم لحدّ الآن الأسباب أو السبب الحقيقي الّذي يقف خلف التظاهرات العارمة الّتي فجّرتها القُصير الّتي اجتاحت تركيا المطالبة بتنحية أردوغان عن الحكم والّتي فضحته إيما فضيحة , ولو كان هنالك شعب يتحمّل التظاهر في قطر لحدث نفس ما يحدث لأردوغان الآن .. لربّما التظاهر في حالات مثل قطر لا تصلح إلاّ بالرصاص أو بالغدر المحدود المساحة نظراً لإشغال القاعدة العسكريّة الأميركيّة أغلب المساحة القطريّة ! .. التظاهرات الّتي انطلقت من ساحة تقسيم ربّما لم تكن بسبب إلغاء الساحة أو “الحديقة” وإنشاء سوبر ماركت أو مجمّع تسوّقي بدلاً عنهما على غرار مجمّعات دبي التسوّقيّة لربّما سينكشف السبب أو مجموعة الأسباب الحقيقيّة وراء اندلاع هذه التظاهرات قريباً وتتوضّح صوره أكثر لأنّها لولا قد ضربت بأساسات الاقتصاد التركي “المموّل خليجيّاً وهنا تكمن أسباب التظاهرات بحسب رأيي الشخصي لأنّ النهضة الاقتصاديّة مصيرها الفشل فيما لو دخلت من الخارج” ولولا ازدياد أحجام المعتقلين المعارضين لأردوغان على ضوء كلّ ذلك لما اندلعت هذه التظاهرات ..
احتلال سوريا أو الإطاحة بالنظام السوري وكما كتبت في الموضوع باعتباري الوحيد الّذي كتب عن الربيع منذ أولى أيّام بداياته بشكل مخالف عن جميع من كتب منذ الأيّام الأولى لأحداث تونس والمقال : “ما أشبه يوم زين العابدين بأمس خميني” في وقت كان الجميع كان يهلّل للربيع , مدوّن ومسجّل في أهمّ المواقع العراقيّة رغم تمنّيّاتي كان أنّ يكون الربيع ربيعاً حقيقيّاً ؛ الاطاحة بالنظام السوري هو مطلب غربي .. وكما كتبت فيما بعد آنذاك ببعض المقالات اللاحقة يبدأ من تونس ثمّ مصر , للتمويه , باعتبارهما دولتين قابلتين للتغير السهل ومسيطر تماماً على منافذ الوصول للحكم فيهما لارتباطهما المباشر بمحور السياسة الغربيّة والأميركيّة , ولكنّ المطلوب بالتغيير وبفتح أبواب الربيع فيها ليسا هذين البلدين ولا حتّى النظام الليبي “القذّافي” رغم أهميّة تحقيق ذلك بل المطلوب هو رأس النظام السوري والأسباب كانت واضحة وتجلّت أكثر اليوم بعد عامين ونصف العام من “حرق” البوعزيزي نفسه ..
أمّا لماذا هذه “اللوفة” الطويلة الّتي عملت أميركا والغرب وبتنفيذ خليجي قطري سعودي إماراتي على جعلها كذلك فلأنّ الوضع السوري يمتلك خصوصيّة كبيرة لا سبيل لاختراقها بالشكل العسكري المباشر أو بالانقلاب العسكري داخليّاً ؛ تتمثّل :
النظام السوري يمثّل جيل الأنظمة العربيّة اليساريّة حقبتها “الشيوعيّة” كانت ثقيلة جدّاً على الغرب لذلك فالنظام السوري متجذّر عميقاً في الحكم
تعتبر سوريا في الثقافة الغربيّة الاستعماريّة أحد أملاكها الخاصّة “ما أتفهنا بعد أن كنّا أعزّة يوم كان دينناً بابليّاً لا يهوديّاً!” وأحد أهمّ مرافئها الحيويّة وأحد أهمّ موانئها العابرة لما خلفها
تشكّلان , هي والجزائر مشروع بمثابة الركن الأخير لاستعادة الغرب لنفوذه بالكامل على كافّة البلدان العربيّة وأعادته إلى ما قبل أن يدخل معه الاتّحاد السوفييتي منافساً ..
تشكّل سوريا العمود الفقري للمشروع الأميركي في تكبيل الصين عن منافستها أميركا اقتصاديّاً والتفوّق عليها ووقف زحف الهيمنة الروسيّة السياسيّة العالميّة القطبيّة القادمة  ..
ضرب المعقل الأخير الّذي يشكّل الرافد الرئيسي المباشر للمقاومة الفلسطينيّة
إكمال حلقة مشروع “الدين السياسي” بزعامة الإخوان المسلمون الحليف البديل في نظر أميركا والأكثر جهلاً بالسياسة وبالحكم لاعتماد قادته على “الله” في تسيير دفّة الحكم ..
إغلاق القاعدة العسكريّة الروسيّة في طرطوس لإغلاق البحر المتوسّط نهائيّاً بوجه الروس
بالإمكان فتح سوريا لتوطين فلسطينيّو العودة وإطلاق يد “إسرائيل” لتقود المنطقة بتعاون خليجي ــ إخواني ـ سلفي وهّابي
ربط انبوب الغاز القطري ــ العراقي تحت ضلّ المالكي لضرب مصالح روسيا الغازيّة “غاز بروم” المغذّي لأوروبّا ..
… الخ
كلّ ذلك وغيره وبالأخصّ الخصوصيّة السوريّة العالية الحسّاسيّة بالنسبة لروسيا وللصين معاً ولحسّاسيّة التدخّل العسكري الأوروبّي الأميركي المباشر في سوريا دفع الغرب لإيجاد مبرّر عملي فعّال غير مباشر ولا غبار عليه لإسقاط النظام السوري مستفيد من تجارب مرحلة الانقلابات العسكريّة الداخليّة للكثير من البلدان المتجاذبة بين طرفي القوّة آنذاك السوفييت ــ أميركا أبان الحرب الباردة ولكن يكون انقلاباً “جماهيريّا” لأنّ عصر الانقلابات العسكريّة لا مكان له الآن وخطّة مثل هذه لا تنطلي على روسيا ولا على الصين علاوةً على استحالتها لتماسك الدولة السوريّة ونظامها بشكل كبير كما كان النظام العراقي ؛ لجأت أميركا ودوائر الاستراتيجيّات الاستعماريّة فيها إلى خيار “الثورة الخمينيّة” ولكن بانقلاب شعبي ظاهره ليس ثورة دينيّة أوّل الأمر لكن نتائجه ستصبّ فيما بعد في صالح التيّارات الدينيّة لأنّها التنظيمات الحزبيّة المعدّة جيّداً إداريّاً وتنظيميّاً وأكبرها حجماً وهي الوحيدة الباقية , تحت يافطة سلاح الاستغلال الاستعماريّ الأمثل “الديمقراطيّة” وأداتها الفعّالة “الانتخابات” لتصبح بعدها حكومات سيردّ الفائزون بها على خصومهم مهما فشلوا في إدارة الدولة ومهما بلغت الفوضى الخلّاقة ضراوتها تحت ضلّ حكمهم وهو الهدف الأميركي “العراق نموذجاً” الأساس لما أسماه هو بالربيع العربي ؛ سيردّون على خصومهم : نحن حكومة منتخبة ! ..