23 نوفمبر، 2024 3:36 ص
Search
Close this search box.

لماذا فعل عبد المهدي هذا بحاله؟

لماذا فعل عبد المهدي هذا بحاله؟

حكومة عادل عبد المهدي .. هذا هو اسم الحكومة الحالية التي لمّا تزل تتعثر في عملية تشكيلها مثلما تتعثر سيارة مُستهلكة على طريق غير معبّدة.
قبلها كانت الحكومة باسم رئيسها حيدر العبادي، والحكومتان الأسبق باسم رئيسهما نوري المالكي. لكن حكومة عادل عبد المهدي كان لها أن تختلف كثيراً عن كل الحكومات التي تشكّلت في عهد ما بعد صدام.. ربما لا تشبهها نسبياً إلا حكومة إياد علاوي المؤقتة قصيرة العمر.
بخلاف الآخرين، علاوي وعبد المهدي سعت إليهما الحكومة سعياً ولم يكونا من المتهالكين عليها.. كلاهما اختير بالإجماع من القوى السياسية من دون انتخابهما في انتخابات عامة، وكلاهما أُطلِقت يداه في تشكيل الحكومة من غير فرض على أساس “الاستحقاق الانتخابي” أو سواه.
حكومة عادل عبد المهدي المسؤول عنها جملة وتفصيلاً عادل عبد المهدي نفسه، ولن يكون في وسعه التحجّج، كما كان يفعل العبادي وسلفه المالكي، بأنه ليس سوى رئيس مجلس الوزراء والمجلس تحكمه القوى والأحزاب المُمثّلة فيه أكثر من رئيس المجلس وسائر أعضاء الحكومة الذين يأتمرون بأوامر مَنْ اختاروهم، أو عيّنوهم، من زعماء الكتل والأحزاب وفرضوهم على رئيس الحكومة على وفق نظام المحاصصة والتوافق المعمول به بديلاً عن الدستور.
هذه “الخربطة” المريعة في تشكيل الحكومة الناقصة الحالية، عبد المهدي مسؤول عنها أولاً وآخراً.. ما بوسعه التملّص بمقدار ذرة من هذه المسؤولية. هو اختير بالإجماع من القوى المتنفّذة الفائزة في الانتخابات، بل الإجماع امتدّ إلى القوى البرلمانية الصغيرة والقوى الأخرى التي لم تفز في الانتخابات. أسلاف عبد المهدي لم يحظوا بهذا الامتياز الذي فرضته ظروف الحركة الاحتجاجية الشعبية الأعظم في تاريخ البلاد الصيف الماضي، وقبلها العزوف الكبير عن انتخابات أيار الماضي، ثم عدم نجاح قائمة بعينها في تشكيل “الكتلة الأكبر” التي يمكنها تشكيل الحكومة بمفردها أو بالتحالف مع آخرين.
بالفم المليان والصوت العالي، الكلّ أعلنوا أنهم قد منحوا عبد المهدي كامل الحرية في تشكيل حكومته من غير تدخّل منها، وعبد المهدي نفسه كان قد اشترط للقبول بالتكليف أن يكون حرّ اليدين. لكن عندما حان أوان التشكيل لم تمض الرياح على هذا النحو لا من القوى المتنفّذة ولا من عبد المهدي نفسه. وأمر عبد المهدي هو الأغرب، فما مِن أحد كان واثقاَ بأنّ القوى المتنفّذة التي أمضت خمس عشرة سنة في صراع متوحش في سبيل السلطة والنفوذ والمال يُمكنها التكفير عن نفسها هذه المرة ووقف صراعها الجنوني الأناني والعمل ولو مرة واحدة لمصحة الوطن والشعب.
العربة المريحة للغاية التي وُضِع فيها عبد المهدي لم ينطلق بها ليشكّل حكومة قويّة من ذوي الكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية ممّن ما كان لأحد أن يعترض عليهم، ومنهم في العراق بالمئات.
العجيب أن عبد المهدي لم يغادر مربّع القوى المتنفّذة، فهو ذهب إليها يطلب مرشحيها للوزارات أو رضيَ بأن يتلقّى ترشيحات منها، وهو الذي كان بوسعه ألا يذهب وألا يقبل بغير ترشيحاته هو، فكان أن أعاد في الواقع إنتاج عملية تشكيل حكومات المحاصصة ذاتها.
والأعجب أن عبد المهدي ضمّ أو قبِل بضمّ وزراء مشبوهين بالفساد ودعم الإرهاب، حاله حال أسلافه، ولم يصغِ سمعاً للاعتراضات داخل مجلس النواب وخارجه.
لماذا فعل عبد المهدي هذا بحاله؟.. لماذا تنازل عن حقّه في التشكيل الحرّ للحكومة؟ .. لماذا رضيَ بأن يُرشَّح له وزراء من خارج المواصفات المطلوبة؟ .. ألا يوجد بين السنّة من هو مؤهل للوزارات غير المشبوهين بالإرهاب؟ ألا يوجد بين الشيعة مَن هو مؤهل للوزارات غير المشبوهين بالفساد؟
أسئلة ما أحد يتعيّن الإجابة عنها بوضوح وشفافية غير عبد المهدي.. بخلافه لا نراه أهلاً للاستمرار في تشكيل الحكومة، لأنها بكل بساطة لن تكون الحكومة البديلة لحكومات المالكي والعبادي.. وهي، بالتالي، حكومة لا تلزم العراق في هذه المرحلة المفصليّة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات