لم يتمكن القائمون على تظاهرات إسقاط حكومة ألعبادي،من جلب الحد الادنى من الاحترام المطلوب ،في الاعلام وفي الاوساط السياسية ،وبين عامة ابناء الشعب العراقي المتعب، بعدما فشلوا في تحشيد اي عدد من الرافضين لحكومة العبادي ومنهجة الاصلاحي.
وحسنا فعلت الحكومة،عندما تركت الباب مفتوحا للمنظمين،لان يظهروا قوتهم في الشارع العراقي،لانها لو كانت قد منعهتم لعلقوا فشلهم على شماعة المنع ،ولعادوا لما نهوا عنه،لكن الامر الذي اتخذ كان ايجابيا،وحتى مع فرض عدم تنصل بعض الاطراف في الاوقات الاخيرة عن دعم التظاهرات،لما راينا تغيرا كبيرا في الاعداد،التي لا تكاد تذكر،خاصة في المحافظات الجنوبية،المشغولة بجراح سبايكر والصقلاوية وبادوش،اما متظاهري بغداد،فكانوا لا يعدون على اصابع اليد الواحدة.
ان المواطن العراقي،اثبت في عدم تعاطيه مع دعوات التظاهر ضد حكومة العبادي،انه ليس حقلا للتجارب ،وليس جسرا لان يمر عليه كل من هب ودب،وبالتالي فان ما اتخذه من قرار في الثلاثين من الشهر الفائت،كان قرارا مصيرا والتزاما اخلاقيا بمنهج التغيير والاصلاح الذي دعت اليه المرجعية،وتنفذه الحكومة الحالية،كما اثبت المواطن العراقي،انه يستطيع قراءة ما بين السطور ويستخلص العبر والدروس،وبامكانه ان يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
ان وقوف المواطن العراقي،الى جانب صف الحكومة العراقية في المحنة السياسية والامنية التي يعيشها البلد،تبين قدرة المواطن على الفرز،وعدم تصديق الأكاذيب،ونبذ اصحاب الاجندات والمفلسين والحالمين والراغبين باعادة البوصلة الى الخلف،وانه مستعد للانتظار،وفسح المجال للحكومة لتنفيذ برنامجها،ومن ثم الحكم على مدى جديتها من عدمه.
ان فشل التظاهرات،وبشكل ذريع،يؤشر حالة من الاطمئنان لدى الحكومة ومريديها،لاسباب اهمها ان المواطن العراقي مقتنع بهذه الحكومة ابتدءا،وانه على استعداد لمنحها الوقت الكافي،وانه مؤمن بالية التغيير وبالطريقة التي جاءت بها،وانه غير مستعد لتصديق أكاذيب وترهات اصحاب الأجندات المريضة والفاشلين والحاقدين.
ان الفرصة جيدة ومواتية لحكومة السيد العبادي،لتعزيز ثقة المواطن فيها،وقطع الطريق على جميع المشككين والعابثين والمتحجرين،من خلال تنفيذ برنامجها الحكومي الاصلاحي،وتقديم الخدمة المطلوبة،وتوفير الاحتياجات الاساسية،واخراج البلد من حالة الانفلات والاحتراب،وتوفير فرص العمل والنهوض بالواقع العراقي.
نعم ان المهمة ليست سهلة،لكنها ليست مستحيلة،خاصة مع تصاعد وتيرة الدعم الشعبي والدولي،ومع بوادر سحق العصابات الاجرامية والدواعش،ومع حالة التوافق الكبيرة بين الرئاسات الثلاثة،ومع رغبة الجميع بمغادرة اخفاقات السنوات الثمان المنتهية،والتي لم تجلب للبلد غير الموت والدمار.