الانتخابات البرلمانية التي نظمت في آيار الماضي، حظيت بإهتمام الكوردستانيين وأحزابهم السياسية، وبالذات الحزب الديمقراطي الكوردستاني، برئاسة السيد مسعود بارزاني.
في بداية الحملة الانتخابية، قال نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بأنه يجب على الديمقراطي الكوردستاني أن يكون حاضراً وبقوة في بغداد وفي دائرة صنع القرارات والمشاركة الفعالة في إدارة البلاد، لكي يحافظ على المكتسبات التي حصل عليها الكورد ولكي يكون عوناً لبغداد في حل القضايا العالقة والخلافات عن طريق المناقشة والحوار.
خلال الإنتخابات تحلى أعضاء الحزب ومؤيديه بالنضج السياسي والوعي الوطني والقومي وجددوا ثقتهم بحزبهم وبرئيسهم، وبعد إعلان النتائج، تبين أنه يتربع في المقدمة وحصل على الموقع الأول على مستوى الإقليم وعموم العراق.
كوردستانياً خاض وفد الحزب الديمقراطي الكوردستاني عدة جولات ماراثونية من المشاورات مع قادة الأطراف الفائزة في الانتخابات البرلمانية، وواجه خلالها صعوبات عدة، وتحديدا مع الأحزاب التي إنسحبت من حكومة الإقليم قبل أشهر وتهربت من المسؤوليات من جهة، وسعت من أجل كسب الشارع الكوردستاني من جهة أخرى. وأخذت اللقاءات أوقاتاً أكثر من نصيبها في المناقشة، ولم يتم التوصل إلى تفاهمات متجانسة أو حتى الوقوف وقفة واحدة لإعادة اللحمة للوضع السياسي الكوردستاني.
وعراقياً عقد الحزب الديمقراطي الكوردستاني الكثير من اللقاءات في أربيل وبغداد مع الأحزاب العراقية، وإستنتج الجميع من كلام وتصريحات وتأكيدات الرئيس بارزاني ونائبه وقيادات حزبه، وجود إرادة لا تدع مجالاً للشك في امكانية تجاوز الخلافات التي أوقعت بالكوردستانيين الكثير من المظالم، وأن الحزب الذي يؤمن بالسلام ولا يفوت أية فرصة لتحقيقه، يريد إعادة بناء الثقة بين أربيل وبغداد، وردم هوة الإنقسام ومعالجة الأخطاء، والدفع بإتجاه فتح الطريق لمعالجة شاملة وعادلة ودستورية لجميع القضايا العالقة.
ومع الإقتراب من المواعيد النهائية للإستحقات الدستورية في العراق، ونتيجة لضرورات داخلية ولمنع التداعيات المحتملة التي تفترض سيناريوهات سياسية عديدة. تحتمت كوردستانياً وعراقياً تسريع وتيرة التحضيرات لتشكيل الحكومة الجديدة في بغداد، ووسط توقعات تتمحور غالبيتها حول المواقف المعلنة للأطراف الكوردستانية والعراقية التي تؤكد على التمسك بالأسس والمبادئ الثلاثة التي تضمن الشراكة الحقيقية والفاعلة في حكومة تصح فيها فعلا تسميتها بالحكومة العراقية، والتوافق في إصدار القرارات بعيداً عن (أكثرية عربية وأقلية كوردية). والتوازن بين المكونات في كافة مؤسسات الحكومة العراقية، وبالذات في المواقع والمراكز الحساسة. جاء ترشيح الدكتور فؤاد حسين لمنصب رئيس الجمهورية من قبل الرئيس مسعود بارزاني .
وللإجابة على السؤال الذي تم طرحه بكثرة خلال الأيام الماضية وهو : لماذا الدكتور فؤاد حسين ؟
نقول : من محصلة الرصيد السياسي للدكتور حسين الذي بدأ في ستينيات القرن الماضي في صفوف إتحاد طلبة كوردستان مروراً بمحطات كثيرة مهمة وإستراتيجية، ودبلوماسيته العالية، يمكن الإستنتاج بأنه سيكون رئيساً قوياً للبلاد، رئيساً يجسد مقولة التواجد الكوردي بقوة في بغداد، رئيساً يمتلك إرادة رعاية الدستور والعمل بإخلاص وتفان من أجل الوفاق الوطني القائم على إدراك المؤشرات التي تدل على أن المنطقة تمر بظروف حساسة وخطيرة جداً وأن العراق جزء من هذه المنطقة التي تشهد خطوات تصعيدية وتغلي على صفيح ساخن، وربما تتجه نحو فوضى مكتملة الأركان. فؤاد حسين سيكون الرجل المناسب في المكان المناسب الذي يمكن إعتباره المخرج والمنقذ للمستقبل في ظل الظروف والتعقيدات والتوترات الداخلية والتحديات والمتغيرات الاقليمية والدولية ومـآلاتها، وهذا الظرف السياسي المفصلي لكي يخرج فيه الجميع منتصرين. والله المستعان ..