المجتمعات المرهونة بغيرها لا قدرة لديها على التغيير اللازم لتأمين مصالحها , لأن الغير تهمه مصالحه , وعندما يجد في عناصر الهدف مَن يقوم بتأمينها يسعى لإسناده وفرضه على الهدف بالحديد والنار , فلا تنفع في هكذا مجتمعات التظاهرات والإحتجاجات , لأن السطوة قاهرة , وغلبة المصالح والأطماع سائدة , ولكل طامع قواته المسلحة للذود عن أهدافه.
وتعود حليمة لعادتها القديمة مستمرئة ما سيصيبها , وترضى بأهون الشرين , وهي تردد وذات نفسها “من يرى الموت يرضى بالحمى” , وتلك معضلة تسويغ العجز المتعَلم في ديار الإفتراس والإحتراس والإنتكاس المؤدين.
التظاهرات تكون ذات قيمة عندما تتوافق تطلعاتها مع مصالح الطامعين بأوطانها , أما إذا تقاطعت , فالحكومات التي تتظاهر ضدها ستستلم الإشارة من أسيادها بإبادتها ومحق وجودها , والإبقاء على آليات الحفاظ على المصالح.
وهذا يفسر كيف أن أكبر التظاهرات في المجتمعات المرهونة بالطامعين بها , تتحول إلى مسرح لسفك الدماء والقتل العشوائي للمتظاهرين , وإتهام ما يُسمى “الطرف الثالث” , وهو في حقيقته القوة المتأسدة من أبناء البلاد المخلصين لتأمين مصالح أعداء الوطن , وهي مجهزة بالأسلحة والحماية الكافية , ويُحسب ما تقوم به عملا ضد الإرهاب , لأن التظاهرات ستسمى تحركات إرهابية , ومن الواجب القانوني القضاء عليها ومحوها بالكامل , وذلك ما يجري في زمن التظاهرات المقهورة بالحكومات المعادية للشعب.
وهكذا يبدو التظاهر كسلوك إنتحاري , ولابد من العمل بآليات أخرى ناعمة , ذات تأثيرات عملية قادرة على إحداث التغيير الكفيل بصناعة الحياة الحرة الكريمة وإعادة القيمة للإنسان.
فهل ستبتكر المجتمعات المقهورة ما يعينها على صناعة الحياة الأفضل؟!!