7 أبريل، 2024 2:09 م
Search
Close this search box.

لماذا صفقة السلاح الروسي !!

Facebook
Twitter
LinkedIn

تكثر التكنهات حول الدوافع الحقيقية لعقد العراق صفقة سلاح مهمة مع روسيا في توقيت اقليمي دقيق، مثلما تتباين وجهات النظر بشأن المستفيد الحقيقي منها، لكنها في جميع الأحوال  نتيجة طبيعية لتردد و ” تقاعس أمريكي ” مبهم بخصوص زيادة كفاءة القدرة العسكرية العراقية، حيث جعلت منها أجندة أمريكية قبل ان تكون حاجة عراقية ملحة، ما يضع واشنطن وليس بغداد في قفص الاتهام المباشر، لأن الأخيرة كريمة جدا في صفقاتها التسليحية المتطورة الى الجميع باستثناء العراق.
وهذا ما يطرح تساؤلا مهما حول جدية واشنطن في تأمين سيادة العراق والمحافظة على استقراره الداخلي بكل توصيفاته، خاصة مع تنامي دعوات الانفصال وتهميش قرار الحكومة المركزية، لكنها ومع كل هذه التحديات لم تحرك ساكنا، رغم المحيط بالعراق من مخاطر كثيرة وعميقة الجذور، ومع ذلك تركت ادارة أوباما العراق مفتوحا بوجه تهديدات داخلية وخارجية لاحصر لها، بعد أن دمرت امكانيات العراق العسكرية ولم تعوضها بخبرات وكفاءات أمريكية مقاتلة و متطورة، تتناسب و حجم  التهديدات باستهداف وحدة العراق وسيادته مثلا.
هناك من يقول ان الصفقة مع روسيا محاولة أمريكية لتهميش دورها في سوريا، وأخر يرى أنها تدخل في باب قلق موسكو من خسارة المتبقي لها من وجود في المنطفة بانهيار النظام السوري، أما الأكثر تشاؤما فانه يرى أنها صفقة سورية روسية بمال عراقي، وكأن البعض يتوهم ان العالم اضحى غابة يتقاتل فيها الجميع بلا رقابة، أو أن الوطنية في العراق باتت من الماضي،  أو ان رمال الاحتلال الأمريكي أعمت بصيرة أصحابها لا سامح الله.
وفي جميع الأحوال ولأن سوء الظن يتغلب هذه الأيام على غيره، فمن غير المعقول أن يوقع رئيس وزراء العراق علنا صفقة لصالح النظام السوري، ويتجاهل تحدياتها الداخلية والاقليمية قبل الدولية، أو أن العراق بات ضيعة يتقاسمها الجميع باستثناء أبناء شعبه، علما أن الحقيقة غير ذلك، رغم كل الدمار النفسي والمعنوي والاجتماعي والاقتصادي الذي خلفته أخطاء الاحتلال.
وضمن هذه النقطة بالذات فانا من بين المدافعين عن الصفقة العراقية الروسية لاعتبارات كثيرة، منها أن عقيدة التسليح والخدمة العسكرية والخبرة الميدانية فيها من الأسس الروسية ما هو كثير جدا، بينما العقيدة الأمريكية خلقت فوضى حتى في سلوكية العسكري العراقي، حيث أختفت القيافة المنظمة وتراخى الانضباط ،وبين هذا وذاك انهارت امكانيات العراق العسكرية لتقتصر على أسلحة لمحاربة الحيوانات المفترسة، والا كيف تمضي 10 سنوات ولا توجد مقاتلة عراقية أو رادارات متطورة ومروحيات كفوءة، الا يعني ذلك أن واشنطن راهنت على بقاء ارض وأجواء العراق مستباحة، بحيث يمتلك أي فريق معادي أقوى من اسلحة الجيش العراقي.
ولو كنت مكان رئيس الوزراء نوري المالكي لاضفت فقرة مهمة الى الصفقة الروسية بالحصول على تجهيزات عسكرية كاملة يرتديها أفراد القوات المسلحة بشكل منضبط جدا بدلا من ” الخربطة الحالية”،وفرض رقابة شديدة على التنفيذ الميداني بكل صرامة، بحيث تعود القيم العسكرية من الحلاقة اليومية الى تلميع ” البسطال”، عوضا عن ” الأحذية الخفيفية والرياضية”، التي يتم التعامل بها بين أفراد القوات المسلحة، مقابل منع كل ما له علاقة بالاحتلال من همرات وبزات عسكرية وتجهيزات فنية، تمثل كابوسا يوميا لشعب العراق، خاصة وأن أثارها ما زالت شاخصة ، فغالبا ما تقوم قطعة عسكرية من عجلتين وشفل مثلا في منع المواطنين من الاقتراب منها، بنفس عنجهية قوات المارينز، او استخدام أشعة الليزر بمناسبة أو بدونها، مقابل انهيار مقومات الانضباط والاحترام بين الضابط والجندي، وغيرها من ممارسات شاذة كثيرة لا تنسجم وشعبية الجيش العراقي الذي ظل دائما قريب من أبناء شعبه ولم يقحم في المعارك ضده الا في ظروف استثنائية محدودة جدا، وقد حان الوقت لا بل أنه تأخر كثيرة في العودة الى الممارسات الصحيحة بحيث يكون للجيش دوره وللاجهزة الأمنية الأخرى مجالات اختصاصها، فتداخل المسؤوليات والصلاحيات يأتي بنتائج عكسية كما هو حاصل في العراق، منذ أن خلطت العقيدة الأمريكية الأمور وقلبت موازينها!! فهل من عاقل يزيد من تفاؤلنا .. الله أعلم.

رئيس تحرير” الفرات اليوم”
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب