23 ديسمبر، 2024 11:15 ص

لماذا سينال السيد المالكي الولاية الثالثة ؟

لماذا سينال السيد المالكي الولاية الثالثة ؟

قد يبدو من خلال عنوان المقال أنّه ردّ مباشر على مقال الكاتبة هايدة العامري المنشور هذا اليوم الأحد 11/5/2014 في موقع كتابات تحت عنوان ( لماذا لن ينال السيد المالكي الولاية الثالثة ) , والحقيقة هو ليس ردا مباشرا على مقال صديقتي العزيزة الكاتبة هايدة العامري التي أكنّ لها كل الاحترام والتقدير , بل هو ردّ عام على منطق (( لن ينال المالكي الولاية الثالثة حتى وإن حقق فوزا كاسحا )) , وقبل ذلك لا بدّ من معرفة الجهات التي تسوّق لهذا المنطق وتحشدّ له هذا التحشيد الإعلامي الهائل , وبعدها نقف على دستورية وواقعية هذا المنطق .
فخصوم السيد المالكي لم يتركوا وسيلة أخلاقية أو لا أخلاقية لم يجندّوها لهدفهم المتمّثل في إبعاد نوري المالكي وقطع الطريق عليه ومنعه من تشكيل حكومته الثالثة , حتى وصل الأمر بهم لاستخدام سلاح الفتوى في منع الناس من انتخاب نوري المالكي , في سابقة خطيرة ستترك آثارها المستقبلية على مكانة ومنزلة المرجعية الدينية العليا , ومنطق (( لن ينال المالكي الولاية الثالثة )) تقف ورائه جهات وأجندات سياسية وإعلامية داخلية وخارجية , وهذه الجهات تعمل على ترويج فكرة مفادها , إنّ إعادة نوري المالكي للحكومة مجددا سيكون سببا مباشرا لتمزيق الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي , وإنّ نوري المالكي قد فشل في تحقيق الأمن والخدمات للناس , وإنّ إعادته للحكومة تعني إعادة الفشل مرة أخرى , هذا هو جوهر خطاب ومنطق خصوم المالكي الذين يرّوجون لفكرة عدم إعادة نوري المالكي لتشكيل الحكومة القادمة , ومن أجل تعرية زيف هذا الخطاب وتبيان الحقيقة للناس جميعا , اسجل هذا الموقف للتاريخ :
أولا : أنّ نوري المالكي هو من أكثر القادة السياسيين الذين جاؤوا بعد سقوط النظام الديكتاتوري , حرصا على الوحدة الوطنية , وأكثرهم تصدّيا للمشاريع التي تهدف إلى تقويض هذه الوحدة وتقسيم الوطن العراقي .
ثانيا : إنّ نوري المالكي هو القائد السياسي الوحيد من بين كل القادة السياسيين , الذي وقف وتصدّى للطموحات اللامشروعة للقيادات الكردية الانفصالية التي جعلت من إقليم كردستان دولة داخل الدولة العراقية .
ثالثا : إنّ نوري المالكي لم يدّخر جهدا في محاربة الإرهاب الأسود المتمّثل بالقاعدة وداعش والذي يفتك بأرواح الناس ويدّمر ممتلكاتهم , ولم يدّخر جهدا في محاربة التطرف الديني والمذهبي عند جميع الأطراف .
رابعا : إن نوري المالكي هو القائد السياسي الوحيد الذي رفع شعار حكومة الأغلبية السياسية , وطالب بإنهاء حكومات التوافق والمحاصصات الطائفية والقومية .
خامسا : أنّ نوري المالكي هو الوحيد من بين كل رؤساء الكتل السياسية , الذي وقف بقوة وحزم أمام جريمة مسعود البارزاني في توقيع عقود نفط إقليم كردستان مع شركات النفط العالمية من دون علم وموافقة وزارة النفط الاتحادية , وتصديه الحازم لجريمة سرقة نفط العراقيين وبيعه في الاسواق العالمية بأبخس الأسعار ودون علم وموافقة وزارة النفط الاتحادية أيضا .
فإذا كانت حكومات التوافق والمحاصصات الطائفية والقومية قد فشلت في تقديم الأمثل للناس , فهذا يرجع إلى طبيعة العملية السياسية القائمة على أساس المحاصصات , والتي جائت بهؤلاء الوزراء الفاشلون والفاسدون للحكومة , وليس إدارة نوري المالكي كما يحاول البعض من إيهام الناس والرأي العام , وأمّا فيما يتعلق بالتدّهور الأمني وانخراط أعدادا هائلة من أبناء سنّة العراق في تنظيمات القاعدة وداعش , فهذا يرجع بشكل مباشر إلى الوضع السياسي والأمني الذي تمر به المنطقة بشكل عام والوضع في سوريا بشكل خاص , وإلى الدعم المادي واللوجستي الذي تقدمه بعض دول المنطقة للمنظمات الإرهابية , وكذلك الدور اللاوطني و اللاشريف الذي قامت به بعض القيادات السياسية والدينية والعشائرية السنية التي جندّت نفسها لأجندات مملكة الشر العربية السعودية في إسقاط النظام السياسي في العراق , وليس كما يدّعي البعض زورا وبهتانا في أنّ انخراط هذه الأعداد الهائلة من أبناء سنة العراق في التنظيمات الإرهابية سببه تهميش نوري المالكي لأبناء المكوّن السني , وعدم مساواتهم بباقي مكوّنا الشعب العراقي , فهذه كذبة أتفه من التافهة , ولا يصدّق بها إلا من لا عقل له .
إن الشعب العراقي قد لبّى نداء المرجعية الدينية العليا في المشاركة في الانتخابات النيابية والتصويت للأفضل والأكفأ , فليس من المنطقي ولا من المعقول أن تقف المرجعية الدينية العليا بالضد من خيار الشعب , فليس هنالك من مسوّغ شرعي أو قانوني بالوقوف بالضد من رغبة الشعب وخياره , أوليس الشعب هو مصدر السلطات كما نصّ بذلك الدستور العراقي ؟ , فالذين يرّوجون للإشاعات الكاذبة التي تدّعي أن المرجعية الدينية العليا قد حزمت أمرها بالاتفاق مع بعض الكتل السياسية في عدم تمكين المالكي من تشكيل حكومته الثالثة , إنّما هم يرّوجون لمشروع إقليمي تقوده مملكة الشر العربية السعودية لمنع المالكي من الاستمرار بالسلطة .
وإذا ما حقق تحالف رئيس الوزراء نوري المالكي الأغلبية المطلقة في مجلس النوّاب القادم والبالغة 165 مقعدا , فحينها لن يكون باستطاعة أحد أن يمنعه من تشكيل حكومته الثالثة , فالأغلبية المطلقة هي خيار الشعب , سواء حققها نوري المالكي أو خصومه , ولا بدّ للجميع من احترام خيار الشعب , فلا خيار يعلو على خيار الشعب ولا مرجعية أعلى من مرجعية حكم الشعب لنفسه , ولهذه الاسباب أقول لمن روّج لفكرة أنّ المالكي لن ينال الولاية الثالثة , إنّ ما ترّوجون له بعيدا عن المنطق , وعليكم بمراجعة حساباتكم , فالمالكي عائد بقوة لحكومته الثالثة , وعلى مقولة ياسر عرفات الشهيرة شاء من شاء وأبى من أبى .