لم يجرؤ أياً منهم أن يسأل الرئيس الأمريكي ذلك السؤال الذي لم يغادر مُخيّلة أي عراقي ويُؤرقه، ولم تُحرّك الغيرة الوطنية شعور أي رئيس عراقي بالتوالي وهو يصافح أي رئيس أمريكي ويجالسه ويتبادل معه الإبتسامات إلى الإفتراض ولو على سبيل المُزحة أن يسأل “لماذا فعلتم أيُها الأمريكيون كل هذا الدمار ببلدي”.
كل رؤوساء الوزراء والجمهورية الذين حكموا العراق إلتقوا بجميع رؤوساء الولايات المتحدة الأمريكية إبتداءاً من إبراهيم الجعفري الذي جلس مع جورج بوش الإبن مهندس تدمير العراق وإنتهاءاً بالكاظمي الذي جالس بايدن، مع وجود أجوبة للعُقلاء جاهزة للإجابة عن ذلك السؤال الذي لايقبل التأويل أو التحديث في تفسيرات الخيانة أو العمالة أو حتى العِرفان بالجميل لأولئك الذين إحتلوا العراق وإنهالوا عليه بالمعاول ووضعوهم على ماتبقى من الأطلال في رأس السلطة وحوّلهم إلى طلاب مُطيعين يجلسون أمام رئيس أكبر دولة لم يكونوا يحلمون أو يتخيلون بمقابلة أصغر موظف بسفارته لكنها (الصّعلكة) السياسية التي تجعلهم يتجردون من كل القيّم والمبادئ والأخلاق لا لشيء سوى للتسابق وحث الخُطى لإلتقاط بعض الصور بإبتسامات مليئة بالزهو والفخر والغرور وهم يَرَون أنفسهم أمام ذلك الرئيس الأمريكي وهو يُربّتْ على أكتافهم تثميناً لخدماتهم الجليلة في التخريب وتهديم بلدهم ، هي الصّعلكة التي تجعل من الصعلوك يتخيل نفسه في ذلك القدر من الترّفع حين يُجالس الملوك لكنه من سُخريات القدر السيء والزمن الأغبر ليس أكثر، أو حتى المكان والزمان الأحلك الذي جعل هؤلاء يتّسيدون الإرادة والموقف العراقي.
صور تجمعهم مع الرئيس الأمريكي حتى يَخال المرء أنها مُفبركة أو مُصطنعة من كثرة الإبتسامات وطريقة الجلوس كأنهم تلاميذ مدرسة أجادوا الدرس أمام معلمهم الكبير الذي علّمهم السحر فعملوا بذلك لتدمير وتخريب الوطن الذي يدّعون الإنتماء إليه، ويا لبراعتهم في التمثيل وفي أداء دور القائد الذي يُجالس نظيره من القادة، لكنهم نسوا أن الزعامة لاتفرضها عناوين المسؤولية الحكومية، وإن القيادة لا تُشترى أو تُباع وأن كلتا الزعامة والقيادة ليست أثواباً يرتديها كل من أراد ذلك.
كل المسؤولين العراقيين الذين إلتقوا رؤوساء أمريكا لم يخرج من أفواههم سؤال يعلم العراقيون إجابته مُسبقاً وهو لماذا دمرتم العراق وإنهالت عليه المعاول من كل نطيحة ومُتردّية لتدميره؟ ولماذا إنفلت السلاح وعمّت الفوضى؟ لماذا أيُها الرئيس دمرتم بلد عمره أكثر من 6000 عام علّم البشرية القراءة والكتابة والصناعة والزراعة ليصبح بلداً لا همّ له سوى تصدير نفطه وإستحصال إيراداته في جيوب اللصوص والسُراق، وما تبقى من فتافيت تُرمى لهذا الشعب المُحتسب؟ ولماذا رهنتم مصير هذا البلد بيد مجموعة من المرتزقة والأفّاقين ومُتسولّي مدن الضباب؟ ولماذا نتسول الطاقة من دول الجوار ونحن الذين كُنّا من الأوائل الذين إمتلكوا المفاعل النووي؟.
يُجالسونهم وكأنهم سُعداء بهذا التدمير وشاكرين للرئيس مساعدتهم في ذلك التخريب وهو يُربّتْ على أكتافهم وكأنه يقول في داخله “لقد أحسنتم العمل في تنفيذ أهدافنا أيُها الكومبارس وأجدنا التدميرلبلدكم”.