يتمتع كل إنسان بصفات شخصية تميزه عن غيره، وأقصد بذلك الصفات السلوكية، التي تنم عن عقلية ذلك الفرد، فمنهم من يتمتع بعقلية واعية ونظرة واسعة، ومنهم دون ذلك، وأصعب تلك الشخصيات من ناحية التعامل هو الشخص الثرثار فهو دائما التشكيك في الأحداث والمواقف ويطرح الأسئلة باستمرار حتى قبل حدوث الفعل، فليس من السهل أن يتقبل أي طرح دون أن يشكك فيه وفي صاحبه، ويصب جام أسئلته في كيف ولماذا وأين ومن ؟؟
وهذه الشخصية تكون غير منتجة، متهورة، كثيرة الاعتراض على الآخرين، لذلك ينصح بعد إسناد أي مهام قيادية اليها.
ولأسباب عدة أخذت هذه الشخصية تنتشر في مجتمعاتنا، خاصة تلك التي تعرضت لأزمات وانتكاسات، فهو يجادل ويطرح الأسئلة في كل أمر يطرأ عليه، وبالتالي تجده يدور في حلقة مفرغة لأنه يحاول إقناع نفسه بأنه على صواب.
هذا الأمر أدى الى نشوء ظاهرة التسقيط تماشيا مع السلوك الذي اعتاد عليه المجتمع في التشكيك وطرح الأسئلة، ما أدو الى ظهور شخصيات كثر الجدل حولها بسبب العقلية التي يتمتع بها المجمع وليس بالضرورة أن يكون العيب في الشخصية نفسها.
من تلك الشخصيات شخصية خميس الخنجر السياسي ورجل الاعمال العراقي.
هذا الرجل برز دوره بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 حيث أخذ العراقيون يقصدون العاصمة الاردنية عمان مقر أقامة خميس الخنجر آنذاك، فقد كان للرجل دور معروف في مد يد المساعدة لكل من يقصد داره، سواء من الشخصيات الدينية والسياسية او من الناس العاديين ممن له حاجة. وكانت يده السخية مطمعا من قبل هذا إلا أنه لم يكن يفرق في العطاء بين أحد.
وقد تكون هذه هي نقطة الانطلاق الأولى لاستهداف الرجل حسب رأيي، إذ كان خميس الخنجر يدعم جميع الشخصيات ولا يفرق بين كونه ينتمي لهذه الجهة أو تلك، ما جعل نفس هذه الشخصيات تنقم عليه وتعاديه، لا لشئ سوى غضبها من دعم الخنجر لغيرها، وكأنها تريده لها فقط.
برز نجم الخنجر في عالم السياسة عام 2010 عندما أصبح عرابا للقائمة العراقية التي استطاعت الفوز بأغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات العراقية، إلا أن نوري المالكي – رئيس الوزراء آنذاك- استطاع أن يلتف على القوانين ويبتز القضاة ليكون الفائز حُكماً .
اتجه الخنجر نحو تفعيل مشاريع خاصة لخدمة المجتمع، فانشأ مؤسسة الخنجر للتنمية العلمية حيث ابتعث مئات الشباب للدارسة خارج العراق على نفقته الخاصة، وعادوا يحملون شهادات الماجستير والدكتوراه في تخصصات علمية مختلفة كالطب والهندسة والاعلام وغيرها.
ثم كان له دور بارز في مجال الاغاثة الانسانية للعوائل النازحة والمحتاجة طوال السنوات الماضية، اضافة للتكفل بعلاج المرضى من الحالات المستعصية في ارقى المستشفيات خارج العراق، وكذلك فتح مدارس الرصافي للنازحين بشكل مجاني، وانشاء العديد من المراكز الطبية.
اليوم وبعد حصول حزبه ( المشروع العربي) على عدة مقاعد في البرلمان وتشكيله لتحالف المحور الوطني، بدأ الهجوم يطال الخنجر بتهم الارهاب تارة ودعم الجماعات المسلحة تارة اخرى، وهي تهمة أصبحت مستهلكة لدى الجميع، والغريب في الأمر أن من يهاجم الخنجر هم أكثر الشخصيات فسادا ونهباً، وكأنهم يقولون لا نريد شريفاً بيننا، مثل شعلان الكريم ومشعان الجبوري وأثيل النجيفي وغيرهم.
فلا ريب أن بعض الناس يكرهونك لا لعيوبك ولكن لمزاياك التي يفتقدونها، وهذا ما يحصل مع الخنجر، فالذين يكرهونه ليس على أساس أنه سارق أو فاسد، بل بالعكس فهو رجل يملك ثروة تجعله يزهد في كل الاموال التي أمامه، ولا ينقصه شهرة أو جاه، لكنه – كما صرح في أكثر من مناسبة- يحمل مشروعاً لأنقاذ البلد من الطوفان الذي أغرقه طوال الخمسة عشر سنة الماضية.
وللتاريخ فان هذا الرجل افتري عليه أكثر مما افتري على جميع رؤساء وساسيي العراق منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1920 ولحد الآن، لكن يبدو أن الرجل يحمل رؤية ثاقبة تجعله لا يكترث بتلك التهم، ويتمتع بعقلية وحزم تجعلانه يواصل مشواره بخطى واثقة وصبر طويل.