نسمع احياناً بقيام السلطات النقدية ( البنك المركزي) في بعض الدول بتخفيض سعر الفائدة .. ومراجعته دورياً واتخاذ قرار بتخفيضه أكثر او رفعه او تثبيته..
ودائماً نلاحظ ترقّب الأسواق لذلك القرار والتأثر به سلباً او ايجاباً خاصة اذا كان ذلك يتعلق بدولة ذات وزن اقتصادي مهم ..
ولكن مهما كان حجم الدولة وحجم اقتصادها ، فأن هذا القرار يبقى هاماً ، لكن الفرق هو في حجم دائرة الأهمية .
بعضها تغييره يؤثر على اسواق العالم ، مثل قرارات بنك الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة الامريكية، او بنك انكلترا او البنك المركزي الاوربي ، وبعضها يكون تأثيره محلياً فقط.
من الناحية الفنية ، يمكن ايجاز تلك التأثيرات بمايلي :
١-عند تخفيض سعر الفائدة ، ينخفض اقبال الجمهور على التوفير في البنوك ويبحث اصحاب الأموال عن فرص أخرى ذوات مردود أفضل.
٢-يزيد الاستثمار في الأسهم والسندات لان عوائدها تصبح اكثر جاذبية من عوائد الايداع في البنوك ، مما يُحَسّن من اوضاع اسواق الأسهم والسندات.
٣-قد يزداد الانفاق الاستهلاكي لعدم جدوى الأدخار ( تصل فائدة البنك احياناً الى الصفر، او تكون سلبية بقرار من البنك او تصبح سلبية كمحصّلة عندما يكون معدل التضخم اعلى من معدّل الفائدة). وتلك الزيادة في الانفاق الاستهلاكي تُحفّز النمو الاقتصادي..
٤-يصبح تمويل الاستثمارات أقل كلفة عند الاقتراض ( تخفيض كلفة الاقتراض) من البنوك لتمويل الاستثمارات الجديدة وبذلك يتوسع الاستثمار والنمو وخلق فرص عمل جديدة.( مع ملاحظة احتمال عجز البنوك عن الاستجابة لكل طلبات الاقتراض بسبب تراجع الايداعات من قبل الجمهور وبالتالي تراجع قدرة البنوك على التمويل ” شح السيولة”.
وهنا يبدأ مسلسل رفع سعر الفائدة من جديد لتشجيع الادخار ولكن بحذر وللبحث عن نقطة التوازن الجديدة).
مع ان الكينزيين يعتقدون ان سعر الفائدة ليس هو من يؤثر على الادخار بل : تفضيل السيولة .. وتفضيل السيولة او الاحتفاظ بها تمارسه حتى البنوك وليس الافراد فقط ، في ظل ظروف معينة.. عندما يكون الأفق الاقتصادي ملبّداً او أثناء الأزمات او التوقعات السيئة . لذلك يدعو الكينزيون الى تدخل الحكومة حتى لو عن طريق الإصدار النقدي لتحريك الاقتصاد ( كما نلاحظ هذه الايام من خلال تبني الحكومات الغربية لحُزَم التحفيز stimulus للخروج من أزمات الركود وعدم التعويل على زيادة الادخار ، بل انهم لايحبذون كثرة الادخار لانه يخفض الانفاق) “.
٤-موضوع علاقات سعر الفائدة بباقي النشاطات الاقتصادية، معقدة وحساسة ولها آثار على قيمة عملة ذلك البلد وعلاقتها بعملات الدول الأخرى..
فعندما يرتفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة ، مثلاً، تتدفق الاستثمارات في الدولار ويزداد الطلب عليه ويرتفع سعر صرفه تجاه العملات الأخرى ( لانه مُعوّم وسعر صرفه يتحدد بموجب العرض والطلب عليه).
ذلك يؤدي الى اعاقة الصادرات الأمريكية وتشجيع الاستيرادات مما ينعكس على وضع ميزان المدفوعات الأمريكي وبالذات الميزان التجاري.
٥-تعتبر الفوائد التي تدفعها البنوك على الودائع ، نقطة مرجعية عند إجراء الحسابات الاقتصادية وفي إعداد دراسات الجدوى، حيث تُقارَن العوائد المتوقعة من المشروع المقترح مع الفوائد التي يدفعها البنك في حالة ايداع مبلغ الاستثمار في البنك..
وعلى سبيل المثال فأن معيار صافي القيمة الحالية NPV ، يتخذ عوائد الودائع البنكية نقطة مرجعية للمقارنة مع عوائد المشروع.
لذلك اذا انخفضت فوائد البنوك يصبح الكثير من المشاريع مجدياً اقتصادياً عند إعداد دراسة جدواه.
هذا يعني توسعاً في الاستثمارات.