22 ديسمبر، 2024 7:34 م

لماذا تنتظر السعودية النجف في التطبيع مع اسرائيل؟

لماذا تنتظر السعودية النجف في التطبيع مع اسرائيل؟

(1)
قال نتنياهو في مقابلة مع القناة “13” العبرية، مساء السبت المصادف 15مايو 2021 مخاطبا جمهوره: “سأؤمن لكم رحلات جوية مباشرة من تل أبيب إلى مكة “.
وهذا التصريح يقودنا الى سقف العلاقات التي حصلت عليها اسرائيل مع بعض الدول العربية في ادارة ترامب تحت عنوان “اتفاقيات إبراهيم” على اساسها قامت إسرائيل علاقاتها مع أربع دول عربية هي السودان والامارات والبحرين والمغرب. وهناك دول قادمة حسب اعتقاد صناع القرار في إسرائيل وهي السعودية وماليزيا واندنوسيا وسلطنة عمان والاخيرة رغم انها تتمتع بعلاقات قوية مع اسرائيل الا أن الموقف العام في عمان يشوبه نوع من الخجل كالمشهد المغربي قبل التطبيع حيث كانت تؤكد رفضها لخطوة التطبيع. أما المملكة العربية السعودية لم يتحقق معها اي نوع من العلاقات العلنية على المستوى التجاري او الامني سوى العلاقات شبه السرية بين الطرفين، وما كشفته العلاقات الاخيرة عند السماح للطيران الاسرائيلي حق عبر أجوائها رغم حرمته في الماضي. هو أشارة الى بوادر تلك العلاقات القادمة ضمن خطة سابان التي بشر بها كوشنر.
(2)
السعودية تعلق على تعهد نتنياهو من خلال وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان في حديث لقناة “CNN” “أن إبرام أي صفقة حول تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل يعتمد على موضوع التقدم في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين” وتابع: “بالطبع هناك صفقة تطبيع مطروحة على الطاولة منذ عام 2002 وتسمى مبادرة السلام العربية، وحتى قبل ذلك كانت لدينا المبادرة الأولى التي قدمتها المملكة سنة 1982، والتي طرحت آفاق التطبيع الكامل والتام مع إسرائيل مقابل تسوية عادلة للقضية الفلسطينية”. واعتبر بن فرحان أن “تطبيع مكانة إسرائيل داخل المنطقة سيحقق فوائد هائلة للمنطقة ككل، وسيكون مفيدا للغاية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية وكذلك من المنظور الأمني”. وأردف “إذا استطعنا إيجاد طريق نحو ذلك فأعتقد أنه سيمكننا رؤية منطقة أكثر أمانا بحد كبير وأكثر ازدهارا، حيث يمكن للجميع المساهمة في ازدهارها بما في ذلك إسرائيل”. والسعودية ترى أهمية كبيرة في التطبيع مع إسرائيل وتشرطه بتحقيق السلام.
(3)
وسط توقعات بعض المسؤولين الامريكان والاسرائيلين حول انضمام السعودية قريبا إلى هذه القائمة التي تشمل مجموعة الدول المطبعة قال ترامب في حفل التوقيع بين الامارات والامارات “السعودية ستطبع مع اسرائيل في الوقت الملائم” كم صرح “جاريد كوشنر” كبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق ترامب الى احد القنوات الامريكية على أثر إعلان التطبيع مع تلك الدول. هناك دولا عربية أخرى مهتمة جداً بالمضي قدما في إقامة علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل وتطبيع العلاقات بينها وعن “السعودية” قال “ان التطبيع معها أمر حتمي” ولم يصدر أي تعليق رسمي من السعودية حول هذا التصريح.
فيما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن رغبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باقامة علاقات تجارية مع “إسرائيل” وإنشاء جبهة عربية اسرائلية ضد إيران، وتجاوز خطوط الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لأنه نزاع عقيم”. لكن والده الملك سلمان عارض ذلك.
كما نقل الملياردير اليهودي الأميركي حاييم سابان مهندس التطبيع بين اسرائيل والامارات عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قوله إنه “يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين له في حال أقام علاقات علنية مع “إسرائيل””.

(4)
للحديث عن مشروع التطبيع هو الحديث عن صفقة القرن التي رسم ملامحها ترامب وهي خطة سلام تهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وتشمل الخطة إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم الاقتصاد الفلسطيني والدول العربية المجاورة لها والتي تعرف بدول الشام الجديد وسيحصلون على خمسين مليار دولار لبناء دولة فلسطين المرتقبة.
وأن أغلب المشاريع التي تدور في فلك المنطقة العربية, وماتعرف بالمشرق الجديد أو الشرق الجديد هي جزء من صفقة القرن .
العراق ضمن خارطة الدول القادمة للتطبيع وهذا ما بدأت بوادره تظهر نتيجة للضغط الامريكي المستمر وكذلك مقترحات البنك الدولي لتطوير وتنمية اقتصاد الدول العربية. من خلال ربط العراق مع دول المنطقة لتشكيل تكتل أو محورعربي, وذلك من خلال انشاء وتفعيل خطوط النفط العراقية كأحد الموارد الغنية التي تغذي الدول ذات الاقتصاد الضعيف كالاردن ولبنان ومصر مقابل خدمات صحية وخدمات جغرافية استراتيجية وتصدير الطاقة الكهربائية وبعض الصناعات التحويلية ومواد البناء والحديد والصناعات الغذائية.
(5)
ربما الحديث عن مرور قطار التطبيع على سكة العراق يشكل صدمة على مستوى الشارع العراقي والعربي، طالما يستذكر الكثير عن مواقف العراق من القضية الفلسطينية وتاريخه البطولي في الحروب العربية ضد دولة الاحتلال. وهذا يقودنا الى تصريح لنائب رئيس الوزراء السابق والعضو في التيار الصدري السيد “بهاء الأعرجي” خلال لقاء مع قناة “آي نيوز”، في 15 أكتوبر 2020، أكد في جوابه على سؤال مقدم البرنامج “حول إمكانية عقد اتفاقية السلام بين العراق وإسرائيل” قال أن “العراق مهيأ جداً وكل الطرق مهيأة نحو إتفاقية السلام”، وأضاف لمقدم البرنامج: “وأزيدك علماً: من الممكن أن يصدر قرار التطبيع من النجف لا من بغداد”.
وهناك تساؤل مشروع حول تصريحات الأعرجي من غير المعقول أن يصنف هذا التصريح الجريئ ضمن الآراء الشخصية بوقت حرج وملتهب في بلد تحكمه سلاح المليشيات الموالية لإيران. والاغرب ليس هناك أي بيان من قبل النجف يستنكر هذه التصريحات سوى التهديد على صفحة “محمد صالح العراقي”.. وهل هذا يعني أن يبقى الباب مفتوحاً أمام جميع الاحتمالات والتوقعات؟؟
فضلا عن أن هناك ساسة عراقيون سبق وأن زارو إسرائيل من السنة والشيعة والكرد ناهيك عن العلاقات بين إسرائيل وحكومة اقليم كردستان. وهناك أصوات سياسية وحركات حزبية جديدة لاتعارض هذا التوجه وتطالب بعلاقات جديدة مع اسرائيل مثل “حركة 25 أكتوبر” وامينها الشاب طلال الحريري وتحشيد اعلامي عبر منصات السوشل ميديا تديرها جهات عربية اسرائيلية تحت عناوين مختلفة, مثل صفحة “إسرائيل باللهجة العراقية” على الفيس.

(6)
المملكة العربية السعودية لاتريد ان تعلن عن علاقاتها وأن تبدي رغبتها في التطبيع مال تتقدم في ذلك بغداد.!! وبغداد لايمكن ان تخطو هذه الخطوة بدون موافقة النجف..!! لكون النجف يمثل رمزية كبيرة للاسلام الشيعي المعتدل. السعودية تخشى من أن يتحول اكثر من مليار مسلم من المذهب السني الى المذهب الشيعي في حال هي بدأت أو بادرت في التطبيع وهذا ما يهدد وجودها ويقلب طاولة الحكم على ملوك وأمراء السعودية. لكون المملكة العربية السعودية تمثل العمق الاسلامي, وما تحمله من رمزية دينية وقدسية لمدينة مكة والمدينة وأثرهما على ملايين المسلمين. وهي تدرك خطورة الجماعات المتشددة داخل وخارج المملكة في حال اتخاذ قرار التطبيع بشكل رسمي. فهي تخشى ان تفقد مسلمي دول مهمة مثل باكستان وافغانستان وماليزيا واندنوسيا وتركيا وبعض المسلمين في دول اسيا وافريقيا واعادة علاقاتهم مع السعودية وتحولهم الى ايران ودخولهم بالمذهب الشيعي. بالوقت الذي ترفع ايران القدس شعاراً لها وتستنكر على اسرائيل وجودها وحضورها الدولي. وتدعم الجماعات الفلسطينية مثل حركة حماس والجهاد الاسلامي المناهضة للوجود الاسرائيلي واحتلالها للقدس.
لذلك تتطلع السعودية للضغوط الامريكية وبنك النقد الدولي وبعض المنظمات الدافعة لمشروع صفقة القرن على الحكومة العراقية وتقربها من الدول السائرة في طريق السلام الاسرائيلي من أجل تمرير مشاريعها الداعمة للتطبيع مع طرح المبادرات الروحية التي تقرب الاديان الثلاثة. وقضية السلام بين “إسرائيل والعراق” يرتبط بالصراع الدولي بين أمريكا والصين، حيث ان التقارب الإيراني الصيني والروسي، يجعل امريكا تبحث عن طرق وأساليب لاقناع الحكومة العراقية وقواها السياسية بإقامة سلام بين بغداد و”تل أبيب”؛ لتحييد العراق عن المحور الايراني المناهض للمشروع الامريكي. ولكن هل سيجد العراق نفسه مجبرا للدخول في نادي التطبيع الاسرائيلي نتيجة الضغوطات الدولية الكبيرة والتأثير الاقليمي؟؟ .