9 أبريل، 2024 3:32 ص
Search
Close this search box.

لماذا تنتحر النساء؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

في ظل غياب نظام احصائي عراقي يعطي نتائج دقيقة للمخاطر والظواهر السلبية المتفاقمة في المجتمع، يظل الاعتماد على الدراسات والبحوث للمتخصصين في المجال الرصد والبيانات للحصول على الارقام التقريبية، رغم كونها غير رسمية الا انها تقدم فكرة عن حجم الظواهر والمخاطر التي تمثل تهديدا للنسيج الاجتماعي، وان عدم وجود تمثيل حقيقي للمرأة في مفاصل المجتمع، وحالة الحرب التي تعيشها من اجل انتزاع حقوقها من الذكر، ارتفعت نسب الطلاق، العنوسة، الانتحار، وفقدان الامن الاسري والاجتماعي، قضايا الشرف والنهوة وغيرها من المواريث العشائرية والقبلية القديمة.
عقدة العنوسة
كثيرا مانرى في المجتمع نساء صنعن اقدارهن بإنفسهن، كفاح واصرار وتحدي لمختلف الظروف، من اجل تحقيق ذواتهن، بعيدا عن الشعور بعقدة العنوسة، منهن اكاديميات ومثقفات وتربويات واداريات ومبدعات في شتى مجالات الحياة، الا ان الاسباب التي يخلقها المجتمع سببت بتراكم الحمل الثقيل على كاهل الانثى.
الباحثة والناشطة في مجال حقوق المرأة كاترين ميخائيل اولت اهتماما كبيرا لهذه المشكلة منذ عدة سنوات،ففي بحث موجز لها عن العنوسة في العراق تحدثت فيه عن جذور المشكلة ” هناك عوامل مجتمعة مع بعضها تجعل من هذه المشكلة ظاهرة لابد ان نبحث لها عن حل، الزواج الاجباري بصيغة مباشرة او غير مباشرة، المهور العالية والطلبات المبالغ فيها من قبل الاهل واعتبار الفخامة جزء من التطور الاجتماعي والرقي الاسري، اسباب جوهرية عززت من ارادة المراة لتخوض التحدي”.
وتضيف ” كما ان البطالة اخذ مأخذها في التأثير على الحياة الزوجية والعلاقات الاجتماعية، والتي هي الاخرى احدى نتائج الحروب التي والعمليات الارهابية التي مر بها العراق والتدمير للبنى التحتية وشسياسات التقشف الاقتصادي التي جعلت من الشباب عاجزا عن توفير قوت يوم لعياله”.
ومبينا ان “هناك اسباب تحتاج الى تدخل الحكومة المركزية فيها، مثل ازمة السكن وارتفاع اسعار الاثاث، كما ان الحلول والمعالجات التي تقوم بها بعض الجهات ماهي الا نقطة في بحر”.
عندما تنتحر النساء
قفزا حرا الى الاخرة من غير مظلات، تأرجح على حبل الموت، او شهية لاستنشاق الحياة المظلمة، اوجه عدة لنتيجة واحدة، المنتحرون يأخذون معهم اسرارهم الى القبر، ويبقى المحللون والصحفيون يتكهنون بالاسباب.
يقينا ان العامل الاقتصادي والضغوط الاجتماعية، ليست هي المسبب الوحيد، بدليل وجود حالات انتحار في مجتمعات متقدمة تشهد رخاءا ماليا.
العراق لم يكن على قائمة الدول التي تشهد حالات الانتحار، الا انه خلال السنوات الاخيرة شهد ارتفاعا ملحوظا وفق الاحصائيات والتقاريرالخاصة بالمجتمع المدني والمنظمات الدولية، وتشير الباحثة ميخائيل الى انه “من المؤسف والذي يثير القلق ان اغلب حالات الانتحار من النساء.
ومن البديهي ان عوامل نفسية مثل القلق واليأس والاكتئاب بسبب التمييز والعنف والاضطهاد، تؤدي الى انهاء المرأة او الفتاة حياتها، كما ان الاعراف السائدة باخفاء الحالات وعدم وصولها الى الجهات المختصة ادت الى عدم جود احصائيات رسمية بهذا الصدد، الا ان الواقع اكثر بكثير من الارقام التي يتداولها الاعلام”.
الملاذ الامن
استخدام مبتكر وخطير يشير الى فقدان الامان الاسري، فالملاذ الامن للمرأة هو بيتها وعائلتها واذا مافقد هذا الجانب التجأت الى الحكومة لتوفير ذلك وهذا يدل على ان ابواب الامل اغلقت بوجوههن.
تتقول الباحثة ان :”التفكك الاسري الذي نشهده بنسب مهولة ومخيفة يولد اليأس لدى النساء الذي يقودهن الى قتل النفس خلاصا هروبا واستسلاما.
كما ان تحملها مسؤولية الاسر بالعمل وتلبية احتياجات المنزل والاولاد مع ضغط العمل يعرضها للتقريع واللوم وكانها مسؤولة غرفة عمليات امنية”.
واذا كان اللجوء الى حضن الحكومة يتطلب الثقة العالية باجهزتها ورجالاتها، فأن المرأة اليائسة تفضل الموت على ذلك المنفذ غير الامن.
قبور بلا اسماء
“تزوجت بشخص لم تره الا في ليلة زفافها، يكبرها بعشرين لم تكمل الرابعة عشرة من عمرها، عنيفا بالاسلوب وحدي بالتعامل وعصبي حد الانهيار، في ليلة زواجها تعرضت للضرب ونقلت الى المستشفى لانه اغتصبها، من المستشفى عادت الى بيت اهلها لتبقى ثلاثة اشهر، وتعود بالاكراه ايضا.
وبعد صراع مع زوج اقل ما يقال عنه ارهابيا ومجرما بحقها، وجدت عبير التي تشم عبير الشباب بعد، جثة هامدة بعد ان فقدت وعيها بسبب نزيف حاد بعد ان اقدمت على قطع وريدها بقطعة زجاج في ليلة خفارة زوجها في مركز الشرطة”.
بعد عناء طويل تحدث ام عبير بحسرة عن طفلتها التي خطفت من بين يديها بزواج هيمن على قرارته الاب المتسلط والزوج الظالم، وراحت ضحيته زهرة كانت يانعة، والقضية الاهم من ذلك تقول ام عبير وهي من سكنة احد المحافظات الجنوبية :” اخذو جثتها الى احد المقابر القريبة ودفنوها دون ان يعملوا لها شهادة وفاة او حتى يبحث عن اسباب الحادثة بالقاء اللوم عليها حتى بعد ما قتلت نفسها من شدة الالم الذي كانت تمر به، والى الان لم اعرف اين قبرها، بلا عنوان، بلا اسم اخفوه هربا من المساءلة القانونية”.
ارقام واحصائيات
قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في تقرير لها أنها رصدت نحو 3000 حالة إنتحار في الفترة بين 2015 و2017 لدوافع مختلفة، كما أن مستشفى الشيخ زايد في بغداد أعلنت عن إنقاذ نحو 18 حالة إنتحار خلال أغسطس/آب الماضي.
وتتصدر محافظة ذي قار نسب المقدمين على الإنتحار في العراق، تليها ديالى ثم نينوى وبغداد والبصرة، إضافة إلى الحالات الموجودة في إقليم كردستان، التي غالباً تحاط بالسرية والكتمان.
وقد بلغ عدد الذين قرروا إنهاء حياتهم خلال عام 2017 في ذي قار 119 شخصاً و76 وفي ديالى و68 وفي نينوى و44 في بغداد و33 في البصرة، وفقاً لتقرير المفوضية.
تقول ميخائيل :”ان هذا الامر المفجع لا يتوقف على مدينة واحدة او ناحية دون اخرى، ففي تقرير لمنظمات مدنية ان ازديادعدد القبور التي لا تحمل اسماء فهي دائما تعود لفتيات مغدورات بذريعة الشرف، او الانتحار لنفسس السبب او الظلم الذي يقع من الاهل او الزوج،
وقد عقدت مؤتمرات لمواجهة العنف ضد المرأة عالميا وليس على مستوى العراق فقط”.
وختمت موضحة “وتأتي الحلول بتكثيف الجهود لتشكيل حملات مدافعة بتعدبل او تشريع القوانين التي تحمي المرأة، والعمل على ارساء المبادئ والقيم الانسانية والتي جاء بها الاسلام لضمان حقوق وواجبات كل فرد من المجتمع.
وتبقى المرأة بنظر البعض مجرد مشاريع زواج فاشلة، وتبقى هي تدفع اثمان باهضة من حريتها وكرامتها واستقلاليتها الى ان يقضي الله امرا كان مفعولاعند انقضاء احد الاجلين اما الطلاق او الموت”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب