منذ أن اجتاحت خدمات الإنترنت حیاة البشر وظهرت شبكات التواصل الاجتماعية، والرعب مسیطر علی الأنظمة القمعية التي تقوم بقطع الإنترنت مع تصاعد الإحتجاجات الشعبیة المناهضة للحکومة. لأن الإنترنت منصة هامة لتواصل الناس حول العالم.
بعد يومين من اندلاع الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني ضد الفاشیة الدینیة الحاکمة، و بناء على أوامر من علي خامنئي ديكتاتور إيران، انقطع الإنترنت في البلاد بشکل کامل وشنّت القوات القمعیة للنظام سلسلة واسعة من الاعتقالات وقتلت العدید من المتظاهرین العزّل.
وفقاً للإحصائیات المسجّلة استشهد أكثر من 500 شهید أثناء الاحتجاجات علی ید قوات الحرس، وأصيب أكثر من 4000 واعتقل أكثر من 10 آلاف شخص. تصريحات قادة السلطات الحکومیة الثلاث وغيرهم في أجهزة الملالي القمعية تؤكد علی ضرورة تنفیذ “أشدّ العقوبات” بحق المعتقلین وقد أثارت قلق کل مواطن إیراني وإنسان شریف حول العالم. فالنظام الإیراني الفاشي لدیه سجل أسود حافل بقتل المعارضین. مجزرة عام 1988 والتي قتل فیها أکثر من 30 ألف سجین سیاسي هي مجرد جزء صغیر من سجل جرائم النظام الأسود!
لقد قطع الملالي جمیع خدمات الإنترنت بالکامل منذ اندلاع الإحتجاجات وتدفّق الحشود إلى الشارع. وعلى الرغم من أن النظام کان یهدف من هذه الخطوة إلی محاصرة وعزل الثوار وقتلهم بعیداً عن عیون وسائل الإعلام وشعوب العالم، لكنه كان یسعی أيضاً إلی غرض آخر وهو تشویه الإنتفاضة وبالتالي تشویه المقاومة الإيرانية من خلال سلسلة من التدابیر اللاإنسانية مثل كسر الزجاج وحرق السيارات وإسناد أعمال الشغب هذه إلى المتظاهرین!
نظراً إلی أن قطع الإنترنت قد کلّف النظام ثمناً باهظاً، وأن النظام کان علی علم تامّ بعواقبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فإن اتخاذه لهذه الخطوة الحساسة يوضح مدى فزع النظام من الانتفاضة التي عمّت بسرعة فائقة أكثر من 175 مدينة إيرانية وأثبتت زيف ادعاءات خامنئي بأنه قد دحر الانتفاضة وتغلّب علیها. لذلك یمکن القول بإنّ هذه المرحلة الجديدة من الانتفاضة، قد قرعت ناقوس سقوط نظام الملالي مرة أخرى!
“آذري جهرمي” وزير اتصالات النظام رداً علی أحد المراسلین في 25 نوفمبر قال: «قطع الإنترنت قد تسبّب بأضرار فادحة للکسبة بکل تأکید، لکن من المهم الحفاظ على أمن البلاد بناء علی تشخیص مجلس الأمن القومي» (وکالة إیسنا 18 نوفمبر 2019).
على الرغم من أن قطع الإنترنت قد يبطئ تحقیق أهداف الانتفاضة، لکن من المؤكد أنّ الشعب سيغضب أكثر من أي وقت مضى من تصرف النظام هذا، وسیصرّ علی مواصلة الانتفاضة حتی الإطاحة بالنظام الدیکتاتوري.
یبدو أن ما ضاعف قلق النظام هو أنّ المتظاهرین قد استخدموا جانبا من “لیاقتهم البدنیة” في مواجهة نظام الملالي الفاسد. يعكس تقرير إحدی المؤسسات الأمنیة التابعة للملالي هذا القلق قائلاً: «في الاضطرابات الأخيرة، لعب الرجال ذوي اللیاقة البدنية العالية في الغالب دوراً بارزاً في “طبقات العنف”. الحالات التي تمّ کشفها عن هؤلاء الأفراد توضح أن الطبقة الأولى من “طبقات العنف” مزوّدة بقنابل يدوية، وهلام سریع الاشتعال، وأدوات کسر الأقفال والأسلحة البيضاء من خناجر وسكاكين وقضبان معدنية، يدعمها واحد أو أكثر من راكبي الدراجات النارية المسلحين بأسلحة نارية من الطبقة الثانية» (صحیفة سیاست روز الحکومیة، 19 نوفمبر 2019).
إذا تجاوزنا “تضخیم” الأحداث في تقاریر هذه المؤسسات والذي یدّل علی أنها تحاول إظهار المتظاهرین علی أنهم «لیسوا من الشعب، هم من الأشرار وعددهم قلیل» (موقع خامنئي، 17 نوفمبر)، فخامنئي وغيره من قادة النظام یشعرون بالخوف من حقيقة أن الشعب قد لجأ إلی استخدام القوة والأسلحة للإطاحة بنظامهم الديكتاتوري!
بات واضحاً للأوساط الدولية التي تراقب قضیة إیران أن شیطنة الانتفاضة والمتظاهرین لیست أمراً جدیداً علی النظام الإیراني. فسجل النظام الأسود حافل بمحاولات شیطنة المقاومة الإیرانیة علی مدار أربعة عقود ماضیة. على سبيل المثال: في السنة الأولى من حکم نظام الملالي، بعد القبض على مجاهدي خلق وتعذيبهم من قبل الملالي، زعم خمیني بأنّ المجاهدین هم من یقومون بتعذیب أنفسهم وینسبون الأمر إلی النظام!
موجة الاعتقالات مستمرة في المدن الإيرانية. أعداد المعتقلين کثیرة إلی درجة أنّ سجون طهران اکتظت بالمحتجزين والسلطات تواجه أزمة في الأمکنة لحجز المعتلقین فیها. في العديد من المدن، يتمّ احتجاز المعتقلین في المدارس الابتدائية والثانوية وغيرها من المباني الحكومية. في الوقت نفسه أعلن رؤساء القضاء في نظام الملالي بمختلف المحافظات بما في ذلك طهران وخوزستان وفارس عن تشکیل محاکم خاصة للمعتقلين.
المعمم “أحمد خاتمي” عضو مجلس الخبراء للنظام الرجعي، في اجتماع الجمعة في طهران الموافق 22 نوفمبر، وصف المعتقلين بأنهم “بغاة ومحاربون” وطالب جهاز القضاء أن یعاقبهم بـ “أشدّ العقوبات” علی حد تعبیره.
وعدّت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية قتل المتظاهرين، جريمة صارخة ضد الإنسانية داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف فوري لأعمال القتل والقمع مناشدة الأمم المتحدة الإسراع في إرسال بعثات لإيران لتقصي الحقائق. وأضافت أن قادة النظام يجب تقديمهم للعدالة لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية. وأكدت أن الصمت والتقاعس يغاير الاتفاقيات والقوانين والمعايير الدولية كما أنه يشجع النظام على التمادي في ارتكاب الجرائم وتوسيعها في المنطقة.