23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

لماذا تعددت رسالات السماء….ومن هم اصحابها …

لماذا تعددت رسالات السماء….ومن هم اصحابها …

ولماذا التفريق بينهم …اذا كانت كلها من الله …؟
ابتداءً علينا ان نُقرَ بأن هذا الموضوع من الموضوعات الشائكة والمعقدة ، و الدخول في محاورته يحتاج الى أثبات بنص غير محرف ، ولا قابل للتفسير اوالتأويل المختلف عليه ، حتى لا نقع في اشكالية الموروث واصحاب النص الذين لا يؤمنون الا بما هم فيه يوقنون ، وهذه هي مشكلتهم ، ,والتي سببت لنا كل هذه الفُرقة الوطنية عبر الزمن وجعلتنا أشتاتاً . فهم لا يمكن ان يقبلوا بالرأي الاخرلتحجر عقولهم ولأيمانهم بالفلسفة المثالية في التفكير،وهؤلاء لا يتطورون ،لأعتقادهم بالمطلقية،وما دروا ان المطلقية لله وحده دون الناس أجمعين .لذا علينا توخي الدقة والحذر من كل كلمة او رأي نأتي به وموثقا بنص لا يقبل التأويل .

وانطلاقاُ من الأعتقاد من ان لاشيء مقدس الا الله والقرآن . نقول :علينا ان نبحث وبجدية لماذا تعددت رسالات السماء عبر الزمن للأنبياء والرسل،وهل كانت فعلا كلها من الله ؟وهل في بعضها نقص بحاجة الى أكمال او تصحيح ؟ وهل من ماتوا عليها كانوا مقصرين أو كفاراً بحسب نظريات العوام؟،وسنحاول ابداء وجهة نظرنا ، نرجو من القراء والمعلقين ان يقرأوا المقال بجدية وبحيادية مطلقة ويجيبوا او يعلقوا بموضوعية بعيدا عن العاطفة الدينية التي أبتلينا بها اليوم وافسدت علينا حياتنا والأوطان، نعني ان نخرج بنتيجة تنهي لنا التزييف والتحوير، وحتى لا نخسر الجهد المبذول ولا القُراء معاً.وحتى لا نُهاجم بالعاطفة بل نحاور بالعقل كما هوجمنا عند كتابة مقالنا السابق (الناسخ والمنسوخ والآيات الشيطانية لسلمان رشدي ( الذي بتطرفنا وعدم موضوعيتنا في الرد عليه ، خلقنا منه مدافعاً عن الحرية وأنسانية الأنسان ،لازنديقاً من زنادقة هذا الزمان .

يقول القرآن الكريم ) ان الله أصطفى آدم ونوحا وأبراهيم وآل عمران على العالمين،آل عمران 33(.واذا ما تتبعنا الجذور التاريخية للانبياء الذين اصطفاهم الله تجدهم من هذه السلسلة المباركة حتى مجيء الرسول محمد(ص) ووفاته في 11 للهجرة ،وبوفاته أنتهت رسالات السماء،

وبنهاية رسالته كان عدد الذين ذكرهم القرآن من الانبياء(24) نبياً وغالبيتهم وردت أسمائهم في خمس سور قرآنية محكمة هي الانعام،الانبياء،الشعراء،مريم ،والصافات منهم (13) رسولا والباقين من الانبياء – راجعها اخي القارىء بنفسك في القرآن-. والفرق بين الانبياء والرسل، ان الانبياء جاؤا ومعهم الكتاب ، والرسل حُملوا بكتاب ورسالة. وبرسالة محمد (ص) المفروض قد وصلت المجتمعات العربية الاسلامية الى قمة الكمال بالقياس الى التطبيق الرسولي الذي قد بلغها بقوله تعالى )اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا،المائدة آية (3) (.وبهذا يكون الرسول والدين قمة الكمال الذي لا يأتي بعدهما الا النقص ،

فهل حافظ أصحاب العقيدة على هذا الكمال ؟.وهل حقق هذا الدين الكمال فعلا…؟

من هنا نفهم ان النبوة ابتدأت بنوح وانتهت بمحمد بدلالة الاية 163 من سورة النساء والتي تقول:( انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح ٍ والنبيين من بعده) ،اي ان آدم ومن جاء قبل نوح ليسوا من الانبياء بل من الذين اصطفاهم الله وعلمهم التجريد ، ومن هنا بدأت التوجه الالهي نحو اسعاد البشرية.فآدم ليس بالضرورة هو ابو البشرية ولكنه ابو الانسنة التي جاءت من بعده حين اضاف عليها بعدا انسانيا اخلاقيا وليس ابوياً. أما حواء فهو اسم مجهول لم نعثر له من اصلٍ في القرآن والكتب السماوية الاخرى ولا حتى في الوثائق التاريخية المتقدمة ،ولا ندري من أين جاؤا به الفقهاء وحولوه الى حقيقة .

والسؤال المطروح هو:

هل كانت الديانات في عهد نوح وحتى مجيء اليهودية غير قادرة على استيعاب قوانين الجدل والتطور؟ نقول نعم لاننا لم نجد شيئاً يذكر من هذا في نبوة نوح ومن بعده ، بينما نراها قد ذكرت في عهد موسى وعيسى ومحمد (ص) لتطور العقل الانساني عبر الزمن وتفهمه لقوانين الطبيعة والجدل والتطور؟.وهل كان الانبياء والرسل بعد نوح غير مؤهلين لمثل هذه المهمة الصعبة بعد؟ ام ان النبوات في عهدهم جاءت بمحدودية المعرفة على قدر ماكانت عليه الناس يوذاك من علم ومعرفة وأدراك؟ ام كان هناك نقصا في التشريعات القانونية التي يجب ان تُنزل في كمال الانسان وتقدمه البشري عند هؤلاء الأنبياء ؟ نستطيع ان نقول حصرا( نعم) ، فالعقل لم يصل بعد الى مرحلة ربط الظاهرة الحياتية وتفسيرها ،وظلت ظاهرة فقدان القانون والعدالة عند ا الحكام بلا حقوق ولا قانون للآلهة والاباطرة ولان القانون كان يخدم الاله المقدس عندهم او الامبراطور دون عامة الناس ،فهم عاشوا من الناحية الواقعية في دول بلا قانون رغم وجود القانون وخاصة عند اليونان والرومان ، واصحاب الشرائع والقوانين العراقية القديمة كشريعة آور نمو وقوانين حمورابي والقوانين الآشورية .لذا تجيب الاية الكريمة على لسان من كان يُستخدم قهرا ولا يُعطى له اجرأ في عهودهم (السُخرة كما نسميها اليوم ) ، يقول الحق :(وما أسئلكم ان أجري الا على رب العالمين،الشعراء 109).

أسئلة بحاجة الى حوارهادىء وأجابات صريحة لا لف فيها ولا دوران؟ بعد ان عجز الفقهاء ان يعطونا تفسيرا واضحا فيها لأنهم غير قادرين عليه؟ اذن نحن هنا بحاجة الى نقاش المقدس،ونقاش المقدس لا يزيدنا الا ايمانا واقتناعاً بالعقيدة ؟ فلا قيمة للعقيدة – أية عقيدة – ان لم تضمن حقوق الناس،ولا قيمة لشريعة أو قانون لم يضمن حقوق معاملة الناس بعدل التعامل؟ أم ان القانون كان موجودا عندهم دون آلية في التطبيق ؟ هنا بيت القصيد . هذا قبل الاسلام رغم أننا وجدنا الكثير من التنظيمات الاجتماعية عند العرب كما في مجالس الملآ والعرفان ،وكما في قوانين العرف التي أقرها الأسلام ، يقول الحق: “خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهليين،الأعراف 199”.أما في الاسلام فقد تجاهل القانون حقوق المرأة كبشر مساوٍ للرجل ، ،والأماء ( كبشر مُسترق) والبشر مسخر بلا حقوق عند المسلمين مثالاً في التقصير القانوني

2

والعدالة الاجتماعية. وظلت البشرية في الظلم سائرة دون تطبيق الحقوق سواءً قبل الاسلام او بعد مجيئه.اذن لا فرق بيننا وبينهم الا بقدر معين في التحقيق.

نحن نعلم ، منذ نزول الديانة اليهودية والديانة المسيحية من بعدها كانت هناك حضارات قائمة ،لها قوانينها وتشريعاتها المعروفة.كحضارة المصرين القدماء ،والعراقيين القدماء، وحضارات الفرس واليونان والرومان والهنود والصين وغيرهم . أذن ماهي اوجه الشبه والاختلاف او النقص والتباين بين تشريعات الحضارات القديمة وتشريعات الاسلام التي جاء بها لتصحيح المسار الانساني؟.اذا علمنا ان تلك الحضارات انتجت وابدعت لنا علوما وفنونا وصناعات وصلتنا عن طريق الاثار المعتمدة الان وهي متقدمة جدا بالمقياس الحضاري الحالي ولا زلنا نفتخر بها،وجملة شرائع وقوانين ابتداءً بأصلاحات أوركاجينا السومري ،وقانون آور نمومن بعده، وقوانين حمورابي البابلي ،والقوانين الاشورية. مرورا بالتشريعات الفرعونية واليونانية والرومانية والتي لازالت معتمدة للتدريس في الجامعات العالمية الى الان، وانتهاءً بالمثيولوجيا الفارسية الضخمة المعروفة. تلك القوانين التي كتبت وظلت معلقة قي غالبيتها دون تطبيق لسيادة الحكم المطلق من آلهتهم الوهمية ومن يمثلهم على الارض من شعوب تلك الحضارات. أنها بالمقياس الحضاري كانت قوانين يركن اليها في تطبيق العدالة لو طبقت عندهم لعجزعن تحقيقها وتطبيقها من جاء من بعدهم.ولأنتجت حضارة ونظم غير التي قرأ ناها عنهم. وعندما جاءت عقائد الاديان في اليهودية والمسيحية والاسلام،هل حققت العدالة المفقودة في حضارات الاقدمين بين الناس ؟

هنا نحن بحاجة الى مكاشفة وتحديد.

بعد ان اصبحت حضاراتنا معلقة بأراء رجال الدين الذين افسدوا الانسان والدين معا،وتسلقوا التوجيه بينما القران لم يخولهم حق هذا التوجه الخاطىء الذي افسد حياة الناس دون تحديد.

فلا زال العلم الحديث لم يتوصل الى كيفية بناء الاهرامات واكتشاف اسرار التحنيط للموتى عند المصريين القدماء ،واسرار بناء حدائق بابل المعلقةعند العراقيين،وكل ما كتب عنها لا يدخل الا في حساب الحدس والتخمين وليس في حساب الثبت العلمي الصحيح .ومع هذا العلم الجبار ينادي اصحاب الديانة الاسلامية المتطرفة بهدم اثار تلك الحضارة بحجة ان محمداً(ص) هدم اصنام مكة بعد فتحها ولم يقارنوا بين الحالتين. ناهيك ان بعضاً من نصوص القرآن نراها قد تشابهت مع نصوص حضارات الاقدمين كما جاء في مضمون الاية”العين بالعين ….والسن بالسن …..والجروح قصاص،المائدة 45″ حيث ورد النص في قانون حمورابي وبعض الشرائع العراقية التي سبقته. ناهيك عن الكثير من النصوص المتشابهة لها ورود في القرآن الكريم. (أنظر دوائر المعارف العالمية).

مسألة شائكة تطرح للنقاش بعيدا عن تفسيرات الفقهاء ورجال الدين والعاطفة معاً.وعندي ان النص القرآني جاء على سبيل العضة والاعتبار لا أقتباساً من حضارات السابقين.

أبتداءً نحن لا نشك بأن الاسلام كان دينا سماويا أنزل على الرسول محمد(ص) بآكثر من 6300 آية قرآنية كلها من البينات ( واذا تتلى عليهم اياتنا بينات ،أنظر سورة يونس آية 15) .وعلى موسى(ع) بتسع آيات بينات(ولقد اتينا موسى تسع آيات بينات الاسراء 101). وعلى عيسى(ع) بثلاثِ ايات بينات”وآتينا عيسى بن مريم البينات” وهي ان ( أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراًبأذن الله وأبرىء الاكمهِ والابرص واحي الموتى…. آل عمران49).ان كل هذه الايات البينات هي الحقيقة المدركة من الله جلت قدرته للانسان.لا كما قال عنها المخالفون انها سحرمبين كما قال فرعون لموسى في محاورته معه (اني لأظنك يا موسى مسحورا ،الاسراء 101). .يبدو انهم -اي الفقهاء- قد فهموا الاعجاز جمالا لفظياً،لا أعجازا ربانياً غير مدرك لقصر نظرهم في التآويل القرآني. فيرد القرآن هنا: ( واني لأظنك يا فرعون مثبورا،الاسراء 102).

ان الاشكالية الواجب معرفتها اليوم ،هي ان القدماء كانوا قد شاهدواالظاهرة الكونية بأم اعينهم، لكنهم لم يفهموا القوانين الالهية الخفية ،فحين رمى موسى العصا وانقلبت الى ثعبان شاهد السحرة وفرعون العملية، لكنهم لم يستوعبوا القوانين التي تمت بها العملية حين انقلبت العصا الى ثعبان، فقالوا عنها سحراً ، “والسحرُهو مشاهدة الظواهر بالحواس”فهل للاية ظاهر وباطن” في التأويل والتفسير؟.فعندما نعود لهذه المشكلة نتلمس حديثا نبويا ينقله لنا الفقهاء في الجامع الصغير ج1 ص107 يقول فيه الرسول(ص): (أنزل القرآن على سبعة احرف لكل حرف منها ظهر وبطن) .ونحن نعلم ان كل ايات الاحكام ليس لها من باطن ابداً ،وهي قابلة للفهم العام بأستثناء آيات الغيب التي يصعب الحوار فيها لانها خارج الادراك الانساني) وتلك حدود الله فلا تقربوها،البقرة 187(. لكن من وجهة نظر العلم ان الغيبيات ما جاءت لتقرأ فقط ،بل جاءت لتضع قوانين الطبيعة على المحك لمعرفة اسرارها،كما في مجيء الحروف في أول بعض الآيات،فلا زال الفقهاء لم يعطونا تفسيرا منطقيا لها،ونحن نطالب؟ ولا جواب.فهل في القرآن حروف وآيات لا معنى لها ؟ واذا كان الجواب هكذا دائما فأن في القرآن حشوٍٍ لا فائدة منه ،وهل يستحق الفقهاء ان يحتكروا التفسير الخاطىء بهم دون تدخل العلماء والقرآن يصر على ان التأويل للعلماء دون الفقهاءالآية 7 من سورة آل عمران ؟ بعد ان فات زمانهم ومات ؟.وهل نستحق نحن كل هذه الفرقة والتباعد لأن الفقيه الفلاني قال لنا كذا وكذا ؟ لا… انهم قوم من المفترين على الله والدين حركتهم اصابع السياسة فأوجدوا لنا التفسير.

هنا علينا ان نفرق بين نبوة موسى وعيسى(ع) من جهة ونبوة محمد(ص) من جهة اخرى،ولا زالت المسيحية تنادي عيسى بالرب،فاذا كان هو الرب فمن يكون الرب الاساس اذن؟ فالديانات الاولى جاءت بآيات بينات مفصولة عن الكتاب المنزل عليهما في كتابي التوراة والانجيل ، بينما نبوة محمد (ص) كلها ايات بينات بكتاب واحد غير مفصولٍ عن الايات البينات يقول الحق:( ان الله وملائكته يصلون على النبي ،يا ايها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما،الاحزاب آية 56 ) .والمقصود هنا بكلمة يصلون هي الصلة بين الله والمؤمنين وليست الصلاة الاعتيادية المعروفة كما يفهمها البعض خطئاً، لان الله لا يصلي على احد أبداً ،بل العباد هم الذين يصلون عليه ومحمد(ص) منهم. هنا اختلط الامر على الفقهاء قي التفسير. لان القرآن يؤول ولا يفسركما في قول الحق : ( ولما لم يأتهم تأويله،يونس 39). ،ولم يقل الله جلت قدرته تفسيره ،بل قال تأويله وهنا بين اللفظتين فرق كبير،فالتفسير يعني تفسير النص لغويا ،بينما التآويل هو تأويل النص علميا. وعلينا ان ندرك الفرق بين الفقهاء والعلماء ،فالفقهاء هم الذين يفقهون الناس في علم الشريعة (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم

3

طائفة ليتفقهوا في الدين ،التوبة 122) .اي ليكونوا فقهاء فيه .وليس في العلوم البحتة التي أحتوى جزء منها القرآن كما في نظريات جدل الكون والانسان، يقول الحق: ( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثلٍ وكان الانسان اكثر شيء جدلا ،الكهف54)

.وآيات اخرى كثيرة تتطرق الى الجبال والامطار والحركات الكونية وتكوين الاجنة ،كلها بحاجة الى تأويل علمي بحت بعيدا عن عاطفة الفقهاء ورأي الاخرين.

ولا زال التفسيرالقرآني

عاجزا عن اعطاء الحقيقة المطلقة لها لعجز المفسرين عن أدراك الحقيقة القرآنية. فهم لا يستحقون لقب العلماء.

فالعلماء هم المتخصصون في العلوم البحتة ،يقول الحق :(انما يخشى الله من عباده العلماء،فاطر 28 ). فأذا علمنا ان القرأن هو كتاب الوجود المادي والتاريخي ,والمقيد بقواعد البحث العلمي والتفكير الموضوعي،رغم كونه ليس كتابا في النظريات العلمية بل كتاب عقيدة وهداية، فهل تنطبق عليه عبارة “هكذا اجمع الفقهاءاوما قاله السلف” ومن هؤلاء الفقهاء وذاك السلف ،ليُعتمد تفسيرهم في النص القرآني بشكل شمولي ويجعلوننا اليوم اسرى تفسيراتهم الخاطئة.هذا غير جائز ابدا لكون القرآن حقيقة موضوعية مطلقة خارج الادراك الانساني. من هنا فقد ترك التأويل مفتوحاً للعلماء مجتمعين لا منفردين وليس للفقهاء الذين ليس من حقهم التحدث عنه بنص الاية الكريمة،(وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم،آل عمران آية 7). والاية جاءت بصيغة الجمع للعلماء وليست بصيغة المفرد،اذ ليس بأستطاعة العلماء تأويل القرآن الا اذا كانوا مجتمعين لا مفرقين لاحتواء الاية الواحدة على تخصصات علمية متعددة،وهذا ما يتعذر على الفقهاء فهمه من هنا فهم اساؤا الى النص اكثر من ان يحسنوا اليه ،وهذه اشكالية كبيرة لابد لنا من الالتفات اليها لحلها لنتخلص من التفسير القرآني الاحادي وفق نظرية الترادف اللغوي الخاطئة الذي بنيت على الحدس والتخمين وبه أضاعوا المعنى العلمي واللغوي للنص القرآني وجعلونا في تيه لا نعرف له من نهاية، فاعطوا لأنفسهم التقديس ،دون علم من دراية. فهل ستبقى العقيدة لمجرد الترديد ؟كما هي قيادات الشيعة اليوم في كربلاء مجرد ذكر محاسن الحسين اما ما جاء من اجله الحسين فذاك في طيات صفحات التاريخ ،والا كيف يكون النفاق عند التابعين ؟ام لينتفع منها الناس اجمعين؟ ولتخلق لهم قوانين العدالة والحقوق؟ ونظريات الآمان والأطمئنان والكفاية والعدل؟

ام نتركها في المساجد تردد دون نفع نريد ؟

اذا تتبعنا الايات القرآنية وتعمقنا في دراستها نجد ان القرآن الكريم هو كتاب هداية وعقيدة أساساً ،وليس كتابا في العلوم النظرية او التطبيقية، ولا يَقصد به او يطلب منه ان يضع نظريات او حقائق علمية مجردة ،وأنما يسوقها في معرض الهداية والارشاد.لذا لايصح ان يحشرالقرآن الكريم حشرا في تفسير الاتجاهات العلمية المختلفة ،لان العلم في تطور مستمر قد يضع القرآن في موقف الحرج غداً عندما تتغير القناعات العلمية رغم ثبات النص وحركة المحتوى فيه وهذا ما يعاني منه التفسير اليوم .

هنا نحن بحاجة الى دراسة مقارنة كما فعل الباحثون في الديانات الاخرى دون حرج من آثم،وهذا لايتم الا بأستقلالية الباحثين وابعاد مؤسسة الدين من التحكم بالنص القرأني دون دليل وبقانون ملزم.،وكذلك عند دراسة الظواهر في أنقى أشكالها. نعم نحن بحاجة الى مثل هذه الدراسات حتى لا نسمح لسلمان رشدي وغيره من الطعن بالشريعة التي اعتبرها ناقصة او محدودة الاهمية ولانسمح لخنجر داعش والقاعدة الملوح لنا بقطع الرقاب على كل من يفكر برأي جديد ان يهددنا باستمرارتحريضا من المنتفعين بالتخلف وسلطة دكتاتورية الدولة متخذين من تفسير النص وسيلة للتقديس وبقاء السلطة والمال في أيديهم دون الأخرين. ولا نسمح لمرجعيات الدين بتزوير الجهاد وتقسيمه الى جهادين كفائي وفرض عين ليحموا السلطة وأبنائهم من المشاركة في الدفاع عن الدين والمواطنين.

ان القرآن الكريم يفتح لنا مجال الحرية التامة في الفكر والاعتقاد ،يقول الحق 🙁 قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر،الكهف 29) .كما اننا نرفض القول بأنه توجد آيات في الكتاب غير قابلة للفهم كما يدعي البعض ،والا لو كانت كذلك فلا داعي لورودها في القرآن ،او لاصبح القرآن حشوا لا لزوم لبعض اياته ،وحاشى ان يكون القرآن كذلك. فكل آية وردت في القرآن لها تفسير. فنظرية الترادف اللغوي في التفسير لم تبقِ لنا من رأي صحيح، فأين الحقيقة اذن؟ علما بأن مركبات الدين الاسلامي قائمةعلى المتناقضات وهما الأستقامة والحنيفية (الأعتدال والتطور) ،وعلى ثلاث مركبات هي الحق ،والأخلاق، والتشريع والعبادات والأعراف،

فأين هذه المركبات في تفسيراتهم الناقصة وفي كتب الأحاديث ؟

من هذ المنطلق نجد ان الدين الاسلامي كان ديناً شموليا لكل الناس،يقول الحق : (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات) والمسلمين هم اصحاب الديانت الاخرى والمؤمنين هم اصحاب محمد (ص). لقد جاءت هذه الآيات حلا للأشكاليات الحياتية لكل المجتمعات الانسانية ،بينما عجزت الديانات السابقة عن تحديد هذا المسار الشمولي و الوعي الفكري والعلمي الذي رافق الحضارات القديمة والتي عجزت هي الاخرى عن تطبيق نظرية انسانية الانسان التي جاءت بالقرآن ملزمة التنقيذ وبآيات حدية ،بينما جاءت عندهم مشرعة بلا رقابة او تنفيذ .يقول الحق:(ومن يبتغِ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين،آل عمران 58)،اي ان على المسلمين والمؤمنين واجب التنفيذ لحقوق الناس،حكاما ومحكومين والخروج عليها يستوجب المحاسبة والمسائلة دون تمييزوليس لحاكم صفة التمييز على المحكومين ،ولا يجوز لنا ان نميز بين اصحاب الديانات الا بقدر العمل بها والتطبيق،لا ان يجبر الانسان على اعتناق الاسلام بلا حقوق تذكركما اصبحنا اليوم نحن المسلمون اسما بلا مسمى ودينا بلا عمل. فهل كانت الفتوحات الاسلامية شرعية من وجهة نظر الدين ؟ وهل ان خيانة الاوطان جائزة اليوم كما تعامل معها قادة العراقيين…؟

ان النظرية الاسلامية ترفض التماهل بالتشريع مطلقاً كما في قول الامام علي(ع): كلكم أمام الله سواء). والالتزام بالمعاييرالحضارية في معاملة الناس وتقديس انسانية الانسان وتنفيذ آيات الاحكام التي عجزت عنها الحضارات القديمة وتطبيق القوانين وأداء الأمانة والصدق في

4

العمل،ومن هنا جاءت صفة ان محمدا هو الصادق الامين لصدقه وامانته في التنفيذ،وهنا أيضاً يكمن سر تعدد الديانات السماوية للبشر اجمعين لكون ان المعرفة الانسانية جاءت تدرجية فق عقل الأنسانيين..

فالقرآن الكريم:

جاء بنظرية الاستقامة والحنيفية ، فالاستقامة سلوك معتدل، والحنيفية (تطور) وهي قانون ملزم التنفيذ ،يقول الحق : (وقل سيروا في الأرض فأنظروا كيف بدأ الخلق)،فهو يجمع بين السلوك والاخلاق والفضيلة والقانون المنظم لحياة الناس،فألاسلام دين الحنيفية المتغيرة

حسب الزمان والمكان وحسب الاحوال الاجتماعية والاقتصادية ، اي انه يتطابق مع فطرة الناس في التطور . لذا نحن بحاجة الى فقه جديد يلغي اصولية التفكير التي الغت الزمان والمكان واسقطت العقل والتاريخ،وأعتمدت على نظرية( ما قاله السلف واجمع عليه الفقهاء) الباطلة منطقياً،فهم ليسوا من المخولين في الفتوى الدينية والزام الناس بها ، بحسب نظرية الاستقامة والحنيفية. والفتوى يجب اعادة النظر فيها ما عدا فتاوى الشريعة الاسلامية ،اما فتاوى السياسة الدينية فيجب الغائها واستبدالها بالقانون او النص الدستوري المعتمد في الدولة لضمان حقوق الناس دون تمييز من دين او مذهب او عقيدة ما بعد ما أصبحت اليوم مصدرا للفتنة بين الشعوب، كما هم اليوم كلما اردوا شيئا للتحقيق هروا خلف مرجعيات الدين؟

ان تكالب السلطة الحاكمةعلى المرجعيات الدينية لأعتماد رأيها في القانون لهو تجاوز على حقوق الناس دون تحديد ، ان كل شيء ما عدا الله فهوهالك ومتغير(كلُ شيء هالكُ الا وجَهَهٌ‘القصص 88) . وقابل للتأويل ،لان الاسلام جاء ليحيا الناس به ،لا ان يحيا هو بالناس . والرأي للعلماء ولأهل القانون وليس للمرجعيات الدينية من أصل فيه . هنا نحن نمر بمرحلة الضعف المنهجي في رأي السياسيين و في الدراسات القرآنية ومعاهدنا الدينية بما فيها الازهر الشريف والحوزات العلمية في النجف الاشرف مع احترامنا وتقديرنا لهم،فهم لم يطرحوا لنا منهجا جديدا يتماشى مع حركة التطور الحضارية اليوم،لكنهم وضعوا لأنفسهم هالة التقديس (قدس الله سره) ولا نعلم أي سر عندهم لا يعرفه الناس،علما ان الآية القرآنية 174 من سورة البقرة تتنافى مع هذا القول، وحتى يضمنون عدم أختراقهم من العامة،وهذا هو الظلم بعينه. ولم

نسمع عنهم انهم انتجوا دراسات مقارنة ترشدنا الى كشف الغوامض في التنزيل الحكيم رغم آلاف المجلدات التراثية التي تصدر عنهم دون تغيير..فالديانات الاخرى عينية اي محددة المعنى والتطبيق ،لا تستوعب الشمولية كما جاء في القرآن الكريم.اي في ديننا قوانين الحق والاخلاق والتشريع والعبادات والاعراف ، التي كلها تنسجم مع الفطرة الانسانية ومع قوانين الطبيعة،ولكن ما فائدتها ونحن عنها بعيدون؟. ومن هنا جاء الالزام بتعدد الديانات وفقا لحاجة التطور الحضاري للانسانية جمعاء وكان الاسلام أخرها جامعاُ مانعاً.

الاسلام جاء ليضع الناس في طريق الاستقامة ويبعدهم عن طريق الاعوجاج او النقص قي مفاهيم الحياة الانسانية وقوانينها وليس كتابا في العلوم الطبيعية او الادبية ،بينما المسلمون هم اكثر الناس اعوجاجا اليوم على مستوى التطبيق ،فالجريمة عندهم ،وقتل النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق عندهم ، واختراق القانون عندهم ،وسرقة اموال الناس عندهم .اذ ما فائدة العلم والدين حين يفقد المجتمع المساواة في الحقوق والضبط والدقة والامانة وتحري الصدق في القول والعمل عند الحاكم والمحكوم، ويتخلى المسلم وخاصة الحاكم عنها حين يغريه المال والمنصب مؤيدا من فقهاء السلطان ،كما نراها اليوم في عراق المظاليم ،وفي اغلب المجتمعات الانسانية وكالحالة التي مرت على عهدي الامويين والعباسيين ومن جاء من بعدهم، ونحن المسلمون اليوم نقف في المقدمة منها حتى اصبح القرآن الكريم كلاما يقال لا تنزيلا ملزم عند العامة والخاصة معاً بعد ان أخترق النص واصبح حنث اليمين مستمرءاً عن الحاكمين وممثلي الأمة.

هنا يكمن سر تعدد الديانات ايضاً لتصل الى مرحلة الكمال كما في الاسلام والذي عجز الفقهاء عن ادراك النص وتأويله ونقله للناس اوقل تطبيقه،فظل عالم الاسلام في مرحلة التيه الفكري اللامحدود ،واعتقد جازماً، لو فسر القرأن بما يتماشى ومعنى التأويل النصي الصحيح لدخل

في الاسلام كل مترددٍ او مشككٍ في الاسلام .هنا تكمن المشكلة التي هي بحاجة الى توضيح وحل ونحن عاجزون عنها لان الحل يتضارب مع المصلحة الشخصية للسلطة الحاكمة التي نحن بها متمسكون؟ لذا فأن كل ديانة نسخت الديانة السابقة لها ليستقر المطاف في الاسلام ليصل النص الى مرحلة الكمال،والكمال الذي لا يأتي بعده الا النقص لذا توقفت رسالات السماء .من هنا نستنتج ان النسخ جاء في الديانات وليس في الايات القصار، وان كلمة الناسخ والمنسوخ بحاجة الى مراجعة جدية لتحديد معناها في القرآن الكريم كما يدعي اصحاب نظرية الناسخ والمنسوخ الخاطئة ، وان المسارالقرآني وان كان مشجعا للعلم والحضارة لكن النظرية الانسانية لتحقيق انسانية الانسان هي الغالبة عليه وهذا هو المهم .

لكننا اليوم شطارا في الشعائرالدينية والمسيرات المليونية على الخالدين ،وهم جاؤا من اجل القانون والعدل ولا غير ؟

نحن حاليا نعاني من مشاكل عديدة، هي اشكاليات بحاجة الى حل ،فهل نحن بقادرين على حلها او على الاقل الدخول في محاورتها دون اعتراض سلبي من احد.ان مسئولية الحكومة الوقوف بصف العقل والمنطق لا الهرطقة والتخريف ودكتاتورية الرأي ، و ان تخترق الحواجز لتضع القانون والانسان في المقدمة وان تحدد بين سلطات الدولة عن حقوق الناس ليتحرر الفكر وتسود الحرية وتضمن الحقوق . .

الاسلام ليس دينا للعبادة والشعائر كما يتصور البعض ،بل هو ثورة فكرية وقانونية وعدالة اجتماعية للانسانية جمعاء (أعدلوا أقرب للتقوى) ، وألا لو كان كذلك لبقينا نردد ونطبق عبادات وشعائر الجاهليين في الصنمية ومجالس الملأ وقوانين القبائل والعشائر التي تتجه الدولة اليوم لأحيائها تحقيقا لبقائها في حكم الدولة لضمان الحصول على اصواتها في الانتخابات، كما كانت قريش قبل الأسلام في انتخابات مجالس الملأ.نأمل ان يُقرأ ويُفهم ويُطبق لنتخلص من كل ما لحق بنا من شوائب وأدران عوقت مسيرتنا الحضارية كل هذا الزمن الطويل.

. ان معوقاتنا واضحة للعيان ،هي:

*

* 5

* الخروج من المنهج التفليدي والتقيد بمنهج البحث العلمي الموضوعي الذي عدوه حراما.فلا حرام في المنهجية العلمية مطلقاً.بل هي احكام ملزمة في التطبيق.

* عدم اصدار الاحكام المسبقة قبل البحث فيما نريد بحثه،لذا فالبحوث كلها جاءت اما ناقصة او مشوشة.كما في حقوق المرأة في الاسلام.حين عزلت عن المجتمع وعاشت بلا حقوق في الارث والوصية وقدم المساواة مع الرجل كما اراد لها الاسلام، ولا زالت هي ناقصة عقل ودين كما يدعي الفقهاء خطئاً.

*

*

* عدم اهمال الفلسفة الانسانية لتحديد الحرية المطلقة ،حتى وصل الحد بهم الى تحريم علم الفلسفة التي هي اصل العلوم،وما علومنا التي نتغنى بها اليوم الا من نتاج افكار فلاسفتنا العظام امثال الأمام علي (ع) والكندي وابن سينا والاخرين.

ايجاد وتحقيق نظرية في اسلامية المعرفة الانسانية مأخوذة حصرا من القرآن الكريم .وشطب الاتهام بالزندقة والهرطقة والكفر والالحاد لكل فكر نير يريد الاصلاح. ان ليس كل فكرانتجه الانسان هو عدو للاسلام بالضرورة، فالمشكلة تكمن في غياب المنهج المعرفي في التعيين.

* الازمة الفقهية ،نحن بحاجةالى عصرنة الرأي الفقهي والدخول بمناقشة اراء وطروحات الفقهاء الخمسة المعتمدين في الاسلام ، واعطاء البديل للذي يستحق من اجتهاداتهم من تغيير بعد ان ابتعدنا عن عصورهم كثيرا ًوان كانوا هم الاساس الذي يجب ان لا يهمل.فهي بحاجة الى تحديث .

اشكاليات بحاجة للمحاورة والمناقشة والاختراق بعد ان أكل علينا الزمن وشرب ونحن هنا قاعدون نتغنى باللامعقول،وبعد ان غلف عقولنا رجال الدين بالعاطفة دون العقل في التفكيرحتى جاء ما يسمى بالربيع العربي اليوم ليظيف علينا الفكر السلفي المدمر وافكار الاخوان المسلمين والقاعدة والنصرة وداعش وكل المتخلفين، الذين سيدخلوننا حتما في سجن حديدي جديد لن تفلت الامة منه الى ابد الأبدين،فهل سنبقى على حالنا الى الابد ؟وصدق من قال

:” اذا اردت ان تتحكم في جاهل عليك ان تغلف كل باطل بغلاف الدين ؟ .

على مراكز البحوث الأستراتيجية تقع مسئولية التغيير، فلا زالت الحقوق مهضومة، والرؤى بعيدة عن الواقع، والسلطان متجبر في حكم الامة، والحرية مصادرة ونحن بعيدون عن منطق الأيمان بالفكر والحرية والتقدم ،فهل من مجيب؟ .

لا أمل في التغيير الا بتغيير المفاهيم المتوارثة في اكثر من ميدان من ميادين المعرفة ، لنصنع رؤية جديدة لمستقبل الانسان قائمة على العقل والعلم والحرية.وهذا التوجه العلمي له قدره وأهميته فهل يدركون ؟.

فهل يدرك زعماء بغداد اليوم ان بقاء اعتمادهم على مؤسسات الدين ستنتج لهم دولة وقوانين؟ أظنهم خاطئون ؟ لأن الدولة تقوم على نظم وقوانين والدين بقوم على معتقد الهداية الحقة لا على القوانين… …..؟ . فلا تضيعوا وقتكم بين الدولة والدين بعد ان أصبح الشعب ينتظر التفتيت والتقسيم والموت في المصير، هذا الذي رسمه لوطننا قادة التغييربعد 2003 زنادقة العصر الحديث…؟ وأعلموا ان البيت المنقسم على نفسه معرض للزوال…؟ وسيزولون …؟
[email protected]