18 ديسمبر، 2024 11:10 م

لماذا ترشح نفسك ..؟!

لماذا ترشح نفسك ..؟!

كثيرون هم الوطنيون والشرفاء والنزهاء والغيارى ؛ الذين دخلوا المعترك السياسي وشاركوا في العملية السياسية وتسنموا المناصب الحكومية , ولكن الاعم الاغلب من هؤلاء  فشلوا في الاختبار , وسال لعابهم امام المغريات والشهوات والملذات , و وقعوا في الفخ الامريكي والاجنبي , وابتلعوا الطعم الشيطاني , واكلوا السحت والمال الحرام والميتة  , وتوضؤا بدماء الابرياء , وغسلوا وجوههم بدموع اليتامى والثكالى والمساكين والفقراء , فمسخهم الله ونبذتهم الامة والاغلبية العراقية , وسارت بمخازيهم وفضحائهم ومثالبهم الركبان , وانتشرت اخبارهم واسرارهم  بين الكرد والعجم والعربان , فصاروا مادة للتندر والسخرية والاستهزاء , وأضحوكة للأجانب والغرباء والاعداء . 

ولعل هذه الظاهرة الا وهي ظاهرة النكوص والانقلاب ؛ وتراجع المرء عن مواقفه السابقة , وانقلابه على عقائده , وتنصله من مبادئه وقيمه , وتغيره وتحوله من حال الى حال , وتنكره لأبناء قومه , وتبديل جلده كالحرباء , ظاهرة قديمة ومنتشرة بين الناس ؛ لذلك حذرت الآيات القرآنية والروايات الاسلامية ؛ من سوء عاقبة المرء  والنفاق والرياء , والامور بخواتيمها ونتائجها كما قيل قديما , لان الناس كلهم متساوون في البداية الا انهم في النهاية مختلفون , وقليل منهم من يثبت على مبدأه ورأيه ولا يغير موقفه , فللظروف احكامها وللمغريات والتحديات والتهديدات سلطانها  , ولعل اشباه هؤلاء من قصدهم الامام الحسين بقوله : ((  النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون))  ومن البلاء الاستجابة لتهديدات الاقوياء والجبن والضعف عن مواجهة الاعداء ؛ و قد جاء في وصية الامام موسى بن جعفر الكاظم لهشام بن الحكم : (( … يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ حَكَى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا- رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ‏ حِينَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِيغُ وَ تَعُودُ إِلَى عَمَاهَا وَ رَدَاهَا… ))  ما يسلط الاضواء على هذه الظاهرة ويكشف عظم خطرها , اذ كان الصالحون يطلبون من الله حسن العاقبة وعدم الانقلاب والرجوع الى الوراء ؛ فالعبرة في خاتمة المرء وعاقبته لا في بداية مشواره وظاهر افعاله  .

وحري بالمرء الذي سرق حد التخمة , وخان الوطن حد اللعنة , وتمتع بالسحت حد الابتذال والانحطاط  , والذي تغيرت خصاله وتبدلت طباعه , واصبح  في واد واهله وناسه وبني قومه وشعبه في واد اخر ؛ ان يعتزل العمل السياسي ويكتفي بما نهبه وسلبه واخذه ؛  او يكفر عن ذنوبه واخطاءه وخطاياه  من خلال اعداد قادة وطنيين شرفاء بدلاء عنه ؛ ليحلوا محله ويأخذوا دوره , ويصححوا المسيرة ويخدموا الوطن والمواطن ؛ الا ان المفروض شيء والواقع شيء اخر ؛ ولعل تسمكه بالسلطة وتشبثه بالمنصب جاء نتيجة لأمرين لا ثالث لهما ؛ الاول ان دخول هؤلاء للسياسة جاء بأمر خارجي  او قرار دولي استكباري واستعماري , وكذلك خروجهم منها لا يتم الا عن طريق تلك القوى ؛ فهم  كالعبيد والمرتزقة لا يملكون من أمرهم شيء , ولو فرضنا ان البعض منهم مارس السياسة اعتباطا وصدفة  او طموحا ورغبة في بداية امره ,  ومن ثم تدرج في المناصب الحكومية والادوار السياسية ؛ الا ان خروجه من العملية السياسية ليس سهلا كما يتوقع او يظن البعض , ولعل المثل المصري الشعبي القائل ((  دخول الحمام مش زى خروجه )) يقرب لنا هذا المعنى وينطبق على هؤلاء … ؛ والامر الثاني : ان طمع وجشع هؤلاء لا حدود له , ولعل هذه السمات يغلفه هؤلاء بدعوى انه لا بديل عنهم  , وان امن الوطن والمواطن مرهون بوجودهم في العملية السياسية ,   و هؤلاء قد يكونوا مصداقا للآية  القرآنية : ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )) وهم لا يشعرون  ؛ والا بماذا تفسر تصريحات البعض  منهم : بأنهم فاشلون وعاجزون وفاسدون  , واعترافاتهم بالتقصير بحق الشعب والاغلبية ؛ ومع ذلك تراهم في كل دورة انتخابية يرشحون انفسهم  او من ينوب عنهم ؛ هل عقمت ارحام العراقيات عن انجاب الرجال الشرفاء والساسة الاصلاء والقادة البدلاء ام فرغ العراق من الرجال الشجعان والساسة الاحرار واصحاب الكفاءات  …؟! .

الا ان بعض الكتاب يذهب الى  ان هؤلاء ليسوا فاشلين او فاسدين ولا يوجد قصور او تقصير في سماتهم الشخصية او ادائهم السياسي ؛ وان عدم  قدرتهم على الايفاء بوعودهم وعهودهم للجماهير فيما يخص تنفيذ مطالبهم وتحقيق تطلعاتهم واحلامهم في العيش الكريم والحياة السعيدة المستقرة و المزدهرة ؛ بسبب القيود الاستكبارية والمعاهدات الجائرة الاستعمارية والتحديات الخارجية والاملاءات الدولية ؛ بالإضافة  الى انعدام البيئة الوطنية القوية الساندة والحاضنة السياسية العراقية الواعية ؛ التي يرتكز عليها السياسي العراقي  ويعتمد عليها الحاكم الوطني , و التي منها ينطلق لمواجهة الاعداء والاخطار والتحديات الخارجية حسب المفروض والحالة الصحيحة  ؛ لان المجتمع الضعيف لا ينتج ساسة اقوياء ؛ بينما ينتج المجتمع القوي قادة ابطال … ؛ هذا من ناحية ومن ناحية اخرى احتياج هؤلاء للأموال وافتقارهم اليها ؛ يقف عائقا دون تنفيذ مشاريعهم السياسية و من ثم برامجهم التنموية  … الخ .    

الا ان تخريجات هؤلاء الكتاب وتبريراتهم لأفعال الساسة واثارها السلبية , وقراراتهم ومخرجاتها الكارثية  ؛ لم تحض بالقبول  ولا تصلح ان تكون عذرا للجميع , اذ ان الكلام بالعموميات الهلامية والاجوبة الكلامية والشعارات العاطفية والنظريات العامة لا ينفع في عالم الحكم و السياسة , فالكلام فيها يعتمد على دقة النسب والارقام ومقدار الثروات والانجازات ؛ لذا قيل : ان الشيطان يكمن في التفاصيل .

واليكم هذا المثال الذي يبين لنا حقيقة الامر :  اراد احد الاشخاص بناء دار له ؛ فسلم احد المقاولين مبلغ مليار دينار لإنشاء تلك الدار , وجاء بعد فترة طويلة جدا للمقاول وسأله عن سير العمل والبناء , واعتذر المقاول عن تلكؤ العمل كالعادة , و بسبب مماطلات وتأجيلات المقاول المستمرة  ؛ انقضت السنون وانصرمت الاعوام والبيت لم يكتمل بناءه بعد … , الا ان الشخص صاحب الدار سلم امره لله  , وعد هذا  الامر من البلاء والقدر والقضاء , وبعد 83 عاما من الانتظار والصبر وبذل الاموال ؛ جاء لرؤية داره الموعود بها , واذا بها عبارة عن غرفة مبنية بمادة ( البلوك ) ومادة ( التنك ) وسقفها من مادة ( الجينكو ) وبابها عبارة عن قطعة من القماش السميك , وامام هذه الغرفة فناء واسع تملئه الاتربة والاوساخ , ولا يوجد في الدار منظومة حديثة للمجاري او الكهرباء او الماء الصالح للشرب , بالإضافة الى ان ارضية الدار غير مكسوة ( بالكاشي ) واما ارضية الغرفة فعبارة عن ( صبة متموجة وخشنة من مادة الاسمنت الرديء ) … ؛ فكانت ردة فعل الشخص صاحب الدار ؛ الانقضاض على المقاول … , وضربه ضربا مبرحا , حتى سقط ميتا … , واذا بالحكومة تستنكر وتشجب ردة فعل المواطن,  والقضاء يصدر أمرا بإعدام صاحب الدار المتضرر , وتكريم المقاول المقتول واعتباره شهيدا  …!! .

لو ان صاحب الدار اعطى المقاول مليون دينار فقط , وسلمه المقاول هذه الدار وبهذه المواصفات المذكورة انفا , وخلال مدة لا تتجاوز الشهر ؛ لما اعترض صاحب الدار على ذلك , لان هنالك تناسب بين مقدار المال ومقدار العمل , فكلما انفق المرء اكثر كلما حصل على نتائج اكثر , وهذه البديهية لا يختلف عليها اثنان , الا ان البعض يتغابى او لعله غبي فعلا , ويعتقد ان نتيجة بناء المقاول لتلك الدار وبهذا المبلغ الكبير وخلال تلك الفترة الزمنية الطويلة ؛ نتيجة طبيعية ومسألة اعتيادية لا تثير الشك او الريبة …!! .

ومن هنا تعرف حقيقة الكارثة السياسية  وبشاعة الدجل والتضليل الاعلامي الحكومي والطائفي والقومي الذي حاول تلميع عهود الحكم الملكي البائس  والجمهوري  الدموي وطوال 83 عام تقريبا , بل والتباهي  والتفاخر بتلك العقود السوداء والسنوات العجاف الغبراء , والتي اسفرت عن نتائج كارثية وانجازات بسيطة تكاد لا تذكر بالنسبة لهذا الزمن الطويل والثروة الوطنية الهائلة .

نعم ان الخيرات والثروات والنعم الكثيرة والامتيازات التي حصلت عليها الاغلبية والامة العراقية و التي جاءت مع ساسة وقادة الاغلبية عام 2003 ؛ لا تقارن بما قبلها من عهود الظلام والاقصاء والتهميش ,  وسنوات الجوع والحرمان والعذاب العجاف ؛ بل لا وجه للمقارنة بين العهدين وعلى مختلف الاصعدة والمجالات ؛ الا ان الواقع ليس بالمستوى المطلوب  ولا يتناسب مع الثروات والخيرات الوطنية والجنوبية , و لكن من الظلم  والغبن ان ننسب كل تلك الماسي والنكبات والازمات والهجمات الارهابية والجرائم الى الساسة والقادة ونحملهم المسؤولية كاملة ؛ اذ لعبت المؤامرات الدولية والتدخلات الاقليمية , والتحركات الارهابية الطائفية والاجرامية الانفصالية الداخلية دورا محوريا ورئيسيا بكل ما جرى ويجري الان  ؛ بالإضافة الى تركات عهود الحكومات الهجينة والطائفية , والشيء الذي لا يشك فيه ابدا ؛ ان اغلب ساسة الاغلبية الاصيلة لا يضمرون الشر والسوء للعراق والعراقيين ؛  الا ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن … ؛ بخلاف حكام الفئة الهجينة والساسة الطائفيين والانفصاليين الاخرين .  

ومع كل ذلك هنالك تفصيلات وارقام ومواقف وتصريحات وانجازات وصفقات فساد وشبهات ؛ تجعلنا نميز الخيط الاسود من الابيض , ونكشف الصالح والطالح , ونعرف الشجاع والجبان والحرامي والنزيه والصادق والكاذب … الخ ؛ فلكل لحية مقصها كما يقولون , ولا تزر وازرة وزر اخرى , ولا يؤاخذ زيد بجريرة عمرو ولا يحاسب فلان  بجريمة علان  .

وعليه كلامنا ليس موجه للمرشح النزيه والناجح والغيور والشجاع والمنتج ؛ انما نحن هنا نسأل المرشح الفاسد والفاشل والذي لم يقدم طوال تلك السنوات شيئا ذو بال , ولم ينجز امرا مهما , ولا توجد لديه قاعدة جماهيرية ولا قبول شعبي , لماذا ترشح نفسك تارة اخرى , الا تستحي من نفسك الا تخجل من اهلك وعائلتك واصدقاءك ومعارفك , الا تخشى  من محاسبة التاريخ , الا تخاف الله , الا تعلم بان الذي يفرض نفسه على الاخرين بالدجل والمال والنفوذ والقوة والاكراه ملعون  و منبوذ  , اذ جاء في الحديث المنسوب للنبي محمد قوله : (( ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة من تقدم قوما وهم له كارهون … وفي رواية اخرى : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم رجل أم قوما وهم له كارهون ، وفي رواية ثالثة :  ثلاثة لا تقبل منهم صلاة ولا تصعد إلى السماء ولا تجاوز رؤوسهم رجل أم قوما وهم له كارهون  ؛ وفي رواية رابعة : ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون  , وفي رواية خامسة : لعن الله من أمّ قوم وهم له كارهون ))  و عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال : كان يقال أشد الناس عذابا يوم القيامة اثنان … ؛ وإمام  أم قوم وهم له كارهون … .

 ان كان حال الذي يصلي جماعة بالناس وهم كارهون له , هكذا ؛ فكيف بالذي يريد التسلط على الناس بغير رضاهم ويريد ان يحكم شعب وهم له كارهون  …؟! .

وليكن في العلم ان المرشح الفاسد لا يحمل الوزر وحده بل ان الناخب الجاهل والمغرر به والمؤدلج والمرتشي افسد منه وانجس … وكلاهما يحمل نفس الوزر ويرتكب الخطيئة عينها … ؛  فلو تصدى ابناء الشعب للظالمين والفاسدين والمنكوسين لما وصلت الامور الى هذه النتائج المؤلمة  والواقع المرير .

وماذا يتوقع المواطن من مرشح فاسد وتافه وفارغ ؛ سوى التصريحات  المزيفة واللقاءات البهلوانية والوعود الكاذبة … .

والمسؤولية الوطنية اليوم  ؛   تحتم على المواطنين الشرفاء المشاركة الايجابية وحسن الاختيار ؛  ليستردوا قرارهم الوطني الشعبي الاصيل ، ويسقطوا المرشحين الفاسدين والمنكوسين والطائفيين والارهابيين وفلول الصداميين والبعثيين من الذين يعملون لدى الاجنبي والغريب ؛ والذين يرشحون انفسهم بكل صلف و وقاحة في كل دورة انتخابية ؛ لمصادرة القرار الوطني من جديد … ؛ فما هي الا ايام معدودات وتقولون لهم  : جاء وقت الحساب لقد اكتفينا من ظلمكم ومن خداعكم ومن نفاقكم وكذبكم ومن تجارتكم بدمائنا وفسادكم وافسادكم لشبابنا وابناءنا ومجتمعنا  .

فان لم تغيروا  الان ؛  فان التغيير سيصبح عصيآ وصعبا في قابل الايام ,  وسنضيع فرصتنا الوحيدة لمعاقبة من ضيعونا وتركونا لسنوات طويلة ,  لم نشهد خلالها اي مشروع انمائي كبير  او بنى تحتية حقيقية او مؤسسات رصينة او مصانع عملاقة  ؛ اذ لم نجني منهم سوى  الشعارات الفارغة والخطابات الرنانة والوعود الكاذبة ؛ و طالما سمعنا منهم جعجعة ولم نر طحنا  … .

 لقد اختقنا بروائح النفايات  والروائح الكريهة والاتربة والغبار المتطاير من الشوارع والاراضي الجرداء والاماكن الخربة , و سئمنا المؤامرات والصفقات والنزاعات والازمات والانتهاكات لحقوق الانسان والمواطن العراقي , وكرهنا حياتنا بسبب سوء الخدمات وانتشار الامراض والظواهر السلبية  … الخ . 

الا يستحي هؤلاء الفاسدون والفاشلون  من اطلاق الشعارات والاستعداد لخوض الانتخابات  مرة اخرى … والعجيب انهم يأتوننا عند  كل انتخابات ليطلقوا وعودا كاذبة سأمناها   ؟!

فهل من المعقول ان الاشخاص الذين اوجدوا المشاكل العويصة والازمات الخانقة ؛ هم من يستطيعون حلها …؟! .

 ولنا ان نسأل  :  ماذا يحصل في العراق اليوم ؛ هل بسحر ساحر اصبح من حكمونا وظلمونا وسرقونا  لسنوات ابطال مشاريع واصحاب حلول الان … ؛  نسألهم اليوم : اين كنتم في  السنوات الماضية  ؛ حيث كانت محافظاتنا   بايديكم وتحت سيطرتكم ؟! .

 اين كنتم من الشباب العاطل عن العمل ؛ اين المشاريع ؛ اين البنى التحتية  ؛  اين انتم من انتشار الجريمة والجريمة المنظمة والمخدرات والاتجار بالأعضاء البشرية  ؛  اين انتم من الزامية التعليم وتطويره وبناء المدارس والجامعات الحكومية الرصينة والجميلة ؛  اين انتم من مترو بغداد او القطار المعلق او سكك القطارات الحديثة , اين انتم من ازمة السكن وبناء المجمعات السكنية واطئة الكلفة , اين انتم من ازمة الماء والكهرباء وملفات الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة ,اين  انتم من فرار  شبابنا  في قوارب الموت الى الخارج هروبا من البطالة والضياع وتهديد العصابات والمافيات والانفلات الامني  ؛  اين وعودكم السابقة … ؛ كيف تدعون اليوم الى وقف تهميش الاغلبية  وانتم من جعلتموها مهمشة … ؟؟!!

نقول لكم اتقوا الله فينا وابعدوا ايديكم عنا ، فلم نرى منكم شيئاً ذا بال او انجازا مهما يذكر , وعندما تريدون اثبات انفسكم  تبدأون فورا بالخطاب الطائفي او التعبوي وشد العصب المذهبي  … الخ ؛ وهذه اللعبة وان كانت بعض خيوطها حقيقية الا انها  لم تعد تجدي نفعا  او تنطلي علينا ؛ لان الناس سأمت هذه الاسطوانة المخرومة التي لم تقترن بالصدق والشفافية ولغة الارقام  والانجاز الحقيقي .

لقد عرفكم الجميع والاحرار يطلبون  منكم اليوم ان تكفوا عن اطلاق الوعود الجوفاء , فبفضلكم دمّرت محافظات ومدن الوسط والجنوب والعراق ؛  حضاريا وتراجعت عن آداء دورها الحقيقي الفعال  المنتظر , لقد اصبحتم ( اكسباير ) وانتهت صلاحية مصداقيتكم السياسية ؛ وفرغت جعبتكم من الوعود، ولم تعد اساليبكم العتيقة تنطلي على احد, فقد تجاهلتم العراق وكنتم  من ضمن الاسباب الرئيسية  بزج الشباب في السجون ؛ بحجة المخدرات واعمال العنف والجرائم ؛ وانتم  من ضمن الاسباب المهمة  في كل هذه البلايا التي حلت بالعراق والامة والاغلبية العراقية ؛ بالإضافة الى الدور الخبيث للقوى الاستعمارية والدولية الحاقدة كما اشرنا انفا .  

انتم المسؤولون عن القتال العبثي السابق بين شباب وابناء الاغلبية ، واليوم تأتون تتجولون في احياء ومدن ومحافظات الجنوب والوسط والعراق  لشراء اصوات الناس لأنكم لا تملكون شيئآ تقدمونه سوى المال والرشوة والسحت الحرام وشراء الذمم .

البعض عرف حقيقتكم  , والبعض الاخر سوف يكتشفها بعد مرور السنوات الاربعة القادمة ؛ وعندها سيعرف شعبنا وابناءنا :  بأن صناعتكم القتل و الموت و تجارتكم الدم و دموعكم دموع التماسيح و الذئاب ؛ ولا تتقون شيء سوى السرقة والكسل والفشل الذريع والكذب واللف والدوران والمكر والخديعة , وكل ادعاءاتكم الدينية والجهادية والنضالية والوطنية وتمسحكم بالإسلام والنبي وال البيت والصحابة  وتستركم بالدين والشعارات ؛ ستذهب مع الرياح ؛ وعندها ستخرجون من عباءة الدين والوطن ولا تستطيعون العودة اليها , والانضمام مرة اخرى لصفوف المؤمنين والمواطنين ؛ بما اقترفتموه بحق الوطن و أبناؤه .

ولا تقولو لنا : ( ما خلونا )  ننجز هذا المشروع او ذاك  , في هذا الحي  او تلك المنطقة  … ، فعندما منحناكم الثقة كان ينبغي أن تكونوا بحجم المسؤولية الوطنية وان تتحلوا بالحنكة السياسية والشجاعة العراقية  … .

 وقد شبع الشعب من شعاراتكم الرنانة، وكثرة برامجكم  السياسية ، ولقد سودتم صورة العراق البهية، و نهبتم الخزينة العامة ,  وأموال الناس بشتى الطرق الشيطانية الملتوية ، واليوم تحاولون سرقة الأمل  مرة اخرى  … .

 وليكن في علم ابناء الاغلبية والامة العراقية انه لا خيار لنا سوى اعلان الثورة السلمية وهي ثورة المشاركة الانتخابية الايجابية ؛ اذ ستكون الثورة بصناديق الاقتراع , واستبدال الفاسدين والفاشلين  بالأحرار الوطنيين والرجال المستقلين ، للتغيير والانطلاق نحو مستقبل زاهر للعراق ، وإنجاز برنامج انمائي وتنمية ريفية، وتأمين الخدمات الاجتماعية لأهلنا وشبابنا واطفالنا … ؛ فقد سئمنا الخيارات العسكرية وممارسة العنف والانقلابات وبيان رقم واحد … ؛ ففي  شهداء الوطن وضحاياه , و صرعى الثورات والحركات الوطنية  كفاية ؛ فهم سقطوا لكي يحيا الوطن  ويعيش العراقي بخير وكرامة  …