أغرب تعليق على قضية تسريب أسئلة مادة الدين لامتحانات البكالوريا (السادس الإعدادي) هذا العام هو الذي جاء على لسان نائب في البرلمان يعتمر العمامة، أي أنه رجل دِين، بدرجة ما.
المعلّق هو نائب رئيس مجلس النواب، الشيخ همام حمودي، الذي جاء في الأنباء أنه طالب بفتح تحقيق عاجل بشأن ظاهرة تسريب الأسئلة وبإقالة المتورطين فيها، معرباً في بيان عن استغرابه حيال” الصمت الحكومي لفضائح تسريب الأسئلة وعدم الاكتراث للإهمال الواضح لقطاع التربية”.
وأضاف أن “ظاهرة تسريب الأسئلة وآخرها التربية الإسلامية أعطت للعالم أجمع انطباعاً سيئاً عن القطاع التربوي في العراق والتشكيك في إجراءاته”، مختتماً البيان بالدعوة الى “إقالة ومحاسبة المتسبّبين فيها وإحالتهم إلى النزاهة على وفق القانون”.
وجه الغرابة في موقف الشيخ حمودي أنه من أقدم أعضاء مجلس النواب، بل هو أحد مؤسسيه منذ الجمعية الوطنية التي أعدّت الدستور، أي أنه من النواب المخضرمين.
الشيخ حمودي يتحمّل مسؤولية مع سائر أعضاء مجلس النواب الذي في دورات مختلفة، آخرها الدورة الحالية، شرعن عمليات الفساد في الدولة بكل أصنافها. في دورتين برلمانيتين سنّ مجلس النواب قانونين للعفو عن مرتكبي جرائم تزوير الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية وسرّاق المال العام ورعاة الإرهاب. وبفضل القانونين يوجد الآن في دوائر الدولة كافة، بما فيها مجلس النواب، موظفون وأعضاء ارتكبوا جريمة التزوير وسواها من جرائم الفساد الإداري والمالي.
الذين سرّبوا الأسئلة الامتحانية، والأرجح أنهم باعوها لقاء مبالغ مالية، لابدّ أنهم لم يشعروا بالخوف من عواقب فعلتهم، فبأمّ العين رأوا كيف تُجيز الدولة التي يعملون فيها ويتقلّد السيد حمودي أحد مناصبها الرفيعة لمزوّري الشهادات والوثائق وسرّاق المال العام ورعاة الإرهاب بالمال والسلاح والمأوى أن يفلتوا من العقاب، فما الذي يردعهم عن تسريب الأسئلة الامتحانية وبيعها؟
على بعد خطوات فقط يجلس أمام الشيخ حمودي على أحد مقاعد البرلمان نائب اسمه مشعان الجبوري الذي اعترف علناً عبر التلفزيون بأنه قبض رشاوى عن تسهيل صفقات ومقاولات، بل قال بالفم الملآن أن الآخرين من زملائه في المجلس “كلهم” يفعلون الشيء نفسه.. الشيخ حمودي الذي يتولى النيابة الأولى لرئاسة المجلس ويقود بعض الجلسات بنفسه في غياب الرئيس، لم تضطرب العمامة التي يعتمرها لهذا الاعتراف/ الاتهام الخطير للغاية المخلّ بالشرف الشخصي والوطني.كما لم يحتجّ أو يعترض أيّ عضو آخر في مجلس النواب على ما أفاد به الجبوري، فضلاً عن أنه لا أحد اشتكى أمام القضاء أو طالب مجلس النواب بالتحقيق في الأمر.. الجميع، بمَنْ فيهم الشيخ حمودي لزموا الصمت … والسكوت علامة الرضا والقبول كما هو معروف.
من أكثر التعبيرات التي يتداولها العراقيون في حياتهم اليومية بيت الشعر المنسوب الى الشاعر البغدادي/ العباسي سبط بن التعاويذي:
” إذا كان ربّ البيت بالدفّ ضارباً
فشيمة أهل البيت كلّهم الرقصُ”
مع كامل التقدير للرقص بوصفه فناًّ ورياضة وللذين يمارسونه.
والحليم تكفيه الإشارة.