22 ديسمبر، 2024 5:13 م

لماذا تبكي وتضحك اﻷبقار في بلاد النار ؟!!

لماذا تبكي وتضحك اﻷبقار في بلاد النار ؟!!

قبل أيام أرسل لي أحدهم على الفايبر رابط فيديو أشد مالفت إنتباهي فيه ما ذكره الفنان الكوميدي ، أحمد آدم، في الحلقة اﻷولى من الموسم السابع لبرنامجه (بني آدم شو ) مذكرا بمقولة “إن من واجب الإعلام المحلي خلال الحروب رفع الروح المعنوية للجبهة الداخلية ” زاعما أن من أشكال هذا الدعم نشر اﻷخبار السارة وغض الطرف عن المحزنة ، وأقول ﻵدم أو القرموطي بصرف النظر عن قناعتي بشخصه و بمضامين حلقاته التي يشط فيها كثيرا ، أن “هذا التوجه أصبح مستهلكا ولم تعد أساليب وزير الدعاية النازي غوبلز في زمن هتلر ، وﻻ إعلام أحمد سعيد ، في إذاعة صوت العرب من القاهرة أيام عبد الناصر ، وﻻ إعلام محمد سعيد الصحاف،قبيل إحتلال العراق وتدميره بالكامل بدءا من عام 2003 والى يومنا هذا وبطريقة ممنهجة ، تجدي نفعا ، فتكتيك ” أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس ” لم يعد خيارا ناجعا للأنظمة المحشورة بين مطرقة الواقع المر وسندان الجماهير المسحوقة لرفع المعنويات وسط فوضى غير أخلاقية وﻻ خلاقة مزمنة ، اليوم باتت هناك تكتيكات مبتكرة تعمل على صرف اﻷنظار عن اﻷزمات الى أحداث ما حقيقية وليست مفبركة مع تضخيمها حتى تتغول وتصبح قضية رأي عام بوجود الجيوش الالكترونية – مدفوعة الثمن – لتصبح وبسرعة البرق مادة دسمة في برامج التوك شو وبعض القنوات الباحثة عن الإثارة إضافة الى الصحف والمجلات والمواقع ، وﻻشك أن طبيعة هذه – الفقاعات -تتباين من بلد ﻵخر ففي مصر مثلا تكفي فضيحة لغادة عبد الرازق ، صورة فاضحة لصافيناز ، مقطع ساخن لفيفي عبده ، تصريح مثير للجدل للشيخ ميزو ، فتاوى عجيبة كنكاح الزوجة بعد وفاتها ،إرضاع الكبير ، حرمة النقاب ، عدم وجوب الحجاب ، حلية الرقص الشرقي و الخمر والتدخين ، من أن تقلب عاليها واطيها، هدفها وعلى لسان الشيخ محمد الشرقاوي ، عضو جبهة علماء الأزهر ، هو ” الشهرة أو صرف النظر عن الأزمات السياسية التي تعيشها البلاد فمعظم هذه الفتاوى مفتعلة !!”.
في العراق ليس بإمكان – راقصة أو فنانة وﻻ حتى فتوى زلنطحية – ان تثير جدلا لإعتبارات عدة ﻻمجال لذكرها ، إﻻ أن الترويج لظهور غرير العسل القاتل ، أفعى سيد دخيل الفتاكة ، إنتشار الايدز المميت ،تفشي الكوليرا ، استقطاعات الرواتب ، قطع الحصة التموينية – مع انها شبه مقطوعة أساسا – إحتجاز 9 الاف بقرة حلوب قادمة من البرازيل عبر كولومبيا بسفينة – النابلسي – بإمكانها ان تتحول الى قضية رأي عام تماما كقانون اﻷحوال الشخصية المعدل الذي أدرج على جدول أعمال البرلمان فجأة بغياب النواب الكرد ، وعدد كبير من نواب الكتل اﻷخرى كما صرحت بذلك إحدى النائبات ما دفعهن للإنسحاب من جلسة التصويت عليه ليصبح زواج القاصرات الذي يتضمنه القانون ، الشغل الشاغل، وإن لم يأت على ذكره بالنص ،مايدفعني للشك بإن إدراجه بالتزامن مع أزمة كردستان غايته – إثارة زوبعة صارفة للأنظار – ولعرفت حينها لماذا تبكي وتضحك اﻷبقار في بلاد النار !!
وعلى ذكر البقرة الضاحكة – لافاش كيري – فإنها وبخلاف جميع اﻷبقار المعروفة بألوانها البني والأسود والأبيض والأصفر أو البين بين ، فإنها ذات لون أحمر قان وهي محاكاة عن قصد او دونه للبقرة الحمراء المقدسة لدى الصهاينة التي يطلقون عليها بالعبرية (باراه أودوماه) المستخدمة لتطهيرهم من دنس اﻷموات برمادها بعد حرقها بحسب معتقداتهم والتي إن ظهرت في فلسطين -أو أرض الميعاد كما يسمونها – وتجاوز سنها الـ 3 أعوام فإن المسجد اﻷقصى سيهدم ليبنى بدلا منه الهيكل المزعوم !!
اما عن البقرة الحلوب فقد اقحمت في مصفوفة بوسطن الشهيرة لتحليل نمو الصناعة وتصنيف الشركات والتي تزعم بأن ” Cash Cow تمثل شركات تتمتع بحصة سوقية عالية وتعمل في صناعة ذات معدل نمو منخفض, “وﻻيخفى على اقتصادي مخضرم ان اﻷبقار الحلوبة كالآبار ، والحليب الابيض كالنفط اﻷسود ، إن أحسن إستخدامها فستدر ذهبا والكل يتذكر ان منتجات مصنع ألبان ابو غريب ،كان يطلق عليها والمنطقة المحيطة بها ” الذهب اﻷبيض ” !

وبالعودة الى اﻷبقار البرازيلية فإن هيأة النزاهة نجحت بإلزام مُستورد العجول المُحتجزة في ميناء أم قصر الشمالي بدفع مليار دينار كرسوم مستحقة على الشحنة التي حاولت الشركة التهرب من دفعها ﻷن الصفقة يفترض أنها لعجول صغيرة معدة للتربية والتسمين معفية من الرسوم الجمركية،وليست لأبقار مسنة معدة للذبح خاضعة للرسوم ، وهكذا فان البقرة التي بكت في الميناء طيلة الفترة الماضية بعد تحذيرات من نفوقها لعدم فحصها وعلفها ما يهدد بكارثة بيئية ، تضحك الان بعد إطلاق سراحها فلو أنها نفقت لتحولت الى مشويات و لحم مثروم على الطريقة العراقية وثريد أحمر وأبيض في المطاعم الخارجية والداخلية بدلا من دفنها قريبا من الميناء كحمير الخندق أيام زمان !!!
ولعل من أسباب بكاء اﻷبقار في العراق وضحكها علمها بأن شقيقاتها السويسرية يجب أن يكون لها شهادة ميلاد كأي مواطن ،مع فرض عقوبات مشددة على من يتعرض لها بسوء ووجود مقترح لإستبدال أجراسها الكبيرة بأجهزة (جي بي أس) لتحديد مواقعها إن فقدت أو ضلت الطريق وﻷن ضجيج الاجراس ووزنها يؤثران سلباً على صحتها فضلا عن إعطائها أسماء تميز كل واحدة منها بناء على دراسة علمية في جامعة نيوكاسل ، خلصت الى ، أن البقرة الحلوب التي تُعامل باهتمام يزيد إنتاجها بما يصل إلى 250 لترا من الحليب سنوياـ ، إضافة الى إسماعها الموسيقى الكلاسيكية وبينها سيمفونيات بتهوفن بحسب دراسة في جامعة ليستر،زعمت ان الموسيقى تزيد إنتاجها من الحليب وتخفف توترها ، كل ذلك بخلاف البقرة العراقية التي تصبح على – الصمون اليابس – وتمسي على لعلعة الرصاص وحصى الاطفال وعصي الكبار قبل ان تتحول الى – باجة هوش – في نهاية الخدمة !!!
تبكي اﻷبقار التي ساقها قدرها الى أرض الجحيم والقار لعلمها بأن ،15 مدرسة ، 3400 منزل من أصل أربعة الاف ،1500 دونم ،22 مسجدا ، خمسة حقول دواجن ، جسور وقناطر ومحال تجارية ومضخات مائية بالمئات قد دمرت في ناحية (عزيز بلد ) لوحدها ومنع سكانها من العودة الى مناطقهم مع فقدان وسرقة الاف المواشي والاغنام التابعة لهم ما يحتاج الى مصفوفات ومفرقعات اعلامية لصرف الانظار عن مجمل الكوارث العراقية بين الفينة واﻷخرى ولو كانت بأبقار محتجزة في أم قصر نجحت زوبعتها بتغريم موردها بمليار دينار وبشغل الرأي العام عن أزمة انفصال كردستان ونفط كركوك وطوز خورماتو و أزمة المعابر الحدودية ولسان حالها يردد قول غاندي الشهير وهو أحد عباد البقر : ” كلما إتحد الشعب الهندي ضد الاستعمار الأنكليزي يتم ذبح بقرة ورميها في الطريق بين الهندوس والمسلمين لكي ينشغلوا بالصراع فيما بينهم ويتركوا الاستعمار جانبا ” . أودعناكم اغاتي