الحلقة السادسة و الاخيرة من عقد على الفوضى “الخلاّقة” في ليبيا
في الخيمة ، دارت الكاميرات ، وعلى مدى نصف ساعة ،أجاب العقيد على أسئلة لم يطلبها مسبقا . وكشف عن انه” واثق من النصر ” ومتاكد من ” عودة المغرر بهم الىبيت الطاعة ” وان ” الغرب سيندم على الحملة العسكريةلحلف الناتو ” وقال ” هاهم الآن يبعثون لي برسائل غيرمباشرة يريدون مني ان اصفح عنهم وان تعود المياه الىمجاريها ” .
العقيد لايؤمن بنظرية المؤامرة . وكان يرى ان من انشقعن نظامه وقع ضحية التضليل الاعلامي:
” حقهم .. اذا القنوات تبث صورا كاذبة تزعم انني اقصفالأحياء السكنية بالطائرات ” .
ونفى ان يكون قتل احد ” ظلما ” وتوقع نهاية ” قريبةللحصار الجوي ” . وباصرار أعمى ، أكد ان نموذج
” الجماهيرية ” سيعم كل دول المنطقة وحمل علىالجامعة العربية ” الحمد لله انها انتهت ” .
وقال انه سيكافيء روسيا والصين والهند على مواقفهم فيمجلس الامن ” ابواب ليبيا مفتوحة
امامهم ” .
12 مليار دولار روسية
————
قبل يوم واحد من المقابلة معنا كان الكرملين، أقال سفيره فلاديمير تشاموف في طرابلس لانه التقى العقيدلمدة ساعتين دون إذن من الرئيس ميدفيديف الذي إتهم القذافي في تصريحات صحفية بانه يعرض شعبه الى القتل.
وقبلها كانت روسيا أمتنعت عن التصويت في مجلس الامنعلى قرار فرض الحظر الجوي ، وبذلك أجازت القرار معمحاولة للاحتفاظ بماء الوجه مع أكبر شريك إقتصادي لروسيا في افريقيا . السفير تشاموف ، مستعرب ، يتقنالفرنسية والانكليزية ، أبلغني بالم ” تصور لقد شطبميدفيديف على 12 مليار يورو عقود مع ليبيا حين لميستخدم حق الفيتو في مجلس الامن ” . وقال ” سيدمرحلف الناتو ليبيا . ويقتل العقيد الذي لن يغادر البلادوسيبقى يقاتل الى النهاية اما روسيا فستخسر كل شيء ” . السفير المقال ،أعتكف بعد عودته الى موسكو الى انأعيد الى الخارجية . وكان رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، آنذاك ، وصف قرار فرض الحظر على ليبيا القذافي
” حربا صليبية جديدة “.يبدو ان بوتين الذي كان يستعدلدخول الكرملين رئيسا في أنتخابات العام القادم؛ تدخللصالح السفير الموهوب فاعيد الى الخدمة في وزارةالخارجية . ولكن بعد ان أكمل حلف شمال الاطلسي مهمة” حماية المدنيين ” في ليبيا واحرق الاخضر واليابس.
لماذا أخروا أجله المقرر ؟
—————
حين كنا في الخيمة ، فكرت ان تصفية العقيد على يد ” خبراء ” الناتو . وقنابلة الذكية امر ليس معقدا،في ضوءالتسيب الذي شهدناه في باب العزيزية بدءا من إجراءات التفتيش البسيطة الى الفضاء المفتوح ، ومدافع ” جراد ” هكذا يلفظ الليبيون ، منظومة الدفاع الجوي سوفياتيةالصنع من الجيل القديم ” غراد ” المنتشرة بوضوح حولالمباني في باب العزيزية والتي لاتسقط ” جرادة ” بلهصواريخ توماهوك .
وبعد خمسة شهور تقريبا من الحرب على ليبيا ، الى انقتل القذافي ، يتضح ان شركات حلف الناتو ، كانت تسعىلاطالة حياة العقيد ، لتدمير أكبر قدر من البنى التحتية فيليبيا ، فالأزمة المالية والاقتصادية في منطقتي الدولارواليورو بحاجة الى مزيد من عقود اعادة الإعمار. وتذكرواالعراق .لقد كان بوسعهم القضاء على شيخ القبيلة بضربةقاضية تنهي الحرب وتوقف الدمار وتحقن دماء الوفالليبين قضوا في معارك أمتدت لشهور .
لم يكن في مصلحة الناتو رؤية العقيد ميتا في وقت مبكرالى ان وصلت شقراء الدبلوماسية الاميركية هيلاريكلينتون قبل مصرعه بيومين لتامر بانتهاء اللعبة ( THE GAME OVER ).
قتل الليبيون القذافي وسحلوه ومثلوا بجثته ، ورقصواحولها أياما .
لم يرتعب الاطفال الفرحون بنصر ابائهم ،من الدمالمتيبس على جسد ووجه العقيد المتخشب . ولم يفتأحد من مشايخ الجهاد أمثال القرضاوي الذي أحل دمالقذافي، بدفنه وتناسوا ان إكرام الميت في دفنه . كنتقبل بضع سنوات صورت مشهد غراب يدفن غرابا ميتا فيصقيع موسكو .
أخرجت الفلم من الارشيف ،كان الغراب الدفان ينق ،ويطرد عصافير كانت تتجمع حول الغراب الميت متطفلة .
لم يصرخ الغراب ” الله اكبر ” بل دفن ” ابن ريشه ” وسطصمت غابة يقطعها نعيق ونقيق وزقزقة طيور وحيواتتبحث عن طعام وماوى من البرد . في الساعة السادسة منفجر الرابع عشر من تموز عام 1958 ، سقطت العائلةالمالكة في العراق مضرجة برصاص جنود قرويين أمرهمضابط أرعن باطلاق النار على نساء وشاب أعزل مع خالهوخدم صغار وطباخ تركي . الضابط الارعن مات منتحرابعد سنوات من مكابدة مرض الكابة . والجنود القرويوننهبوا محتويات القصر الملكي البسيط وتكاثروا مخلفينأجيالا من الدهماء والرعاع وصلت الى سدة الحكم وتتربععلى عرش العراق المعفر بالكراهية والقمع والوحشيةوالقهر واللصوصية .
ومنذ تلك الساعة الى اليوم لم تتوقف دورة الدم والانتقامفي العراق . حين أخبرت القذافي المندهش من عربيتيالطليقة متوهما انني روسي ، أخبرته باني عراقي نزعنظارته السوداء وكأنه أراد ان يرى وجهي بوضوح اشد . وقال بما يشبه الهمس نعم نعم
بغداد ، اعرفها اعرفها !!.
مات القذافي ، لكن دولة الخيمة ستعيش طويلا في ليببياالمحتفية بثوار يصرخون الله اكبر حول جثمان منكمشوبيدهم رشاشات اي بي ام الاميركية الفتاكة .
انتهى