توقع الكثيرون، أن الحرب البرّية الامريكية على إيران ،ستبدأ حال إسقاط إيران الطائرة الامريكية ،وفعلاً أعلن الرئيس ترمب أنه سيردّ خلال 48 ساعة القادمة، وتم تحديد الأهداف العسكرية الثلاثة ،التي وضع البنتاغون عليها في الخارطة إشارة حمراء،إلاّ أنه في اللحظات الاخيرة ،توقفت الضربة العسكرية ، وكان السبب المُعلن ،وجود أهداف مدنية في المواقع المراد ضربها ،وهذا يتعارض مع حقوق الانسان، وهي كذبة مفضوحة تماماً،إذْ سبق لأمريكا والبنتاغون نفسه ،أن ضرب ملجأ العامرية، وقتل المئات من الاطفال والنساء والشيوخ ، ولكن ما لم يقله الرئيس ترمب للعالم، ويكاشفه بالحقيقة المرة، هو خطر الميليشيات العراقية على القواعد الامريكية والسفارة والجيش الامريكي المنتشر في عموم العراق، كبَلد والموصل وديالى والبصرة وبغداد وصلاح الدين والانبار ،التي يمتلك أكبر قاعدة عسكرية له فيها، بعد ظهور تصريحات لقادة هذه الميليشيات التي نفذت تهديدها ،بضرب حقول النفط السعودي، وتفجيرات الفجيرة والسفارة لامريكية ،ومعسكر الجيش الامريكي بالموصل ومعسكرات التاجي ، والتي اعلن عادل عبد المهدي بنفسه وبمؤتمر صحفي أن انطلاق الصواريخ نحو اهدافها كان من العراق، وكانت صحيفة نيويورك تايمز كشفت هذا من قبل عبد المهدي، وأحرجته حتى ظهر في مؤتمره الصحفي وأعلنها بلسانه،أن الميليشيات التابعة لإيران، هي من نفذ وأطلق جميع الصواريخ في العراق وخارجه، فماذا حصل بعد هذا التصريح، حصل أن إتصل وزير الخارجية الامريكي ماك بومبيو بعادل عبد المهدي، وأوصل له تهديداً أمريكياً مباشراً، إما حل الحشد الشعبي ودمجه في الجيش والشرطة، وتسريح الباقي منه وتسليم سلاحه للحكومة خلال شهر ،وإما رفع اليد عن العراق وإعادته الى الفصل السابع والوصاية الدولية وإنسحاب أمريكا منه كاملاً، مع تجميد جميع انواع التعاون عسكريا واقتصادياً، وجعله في خندق إيران، وحليف لها ضد أمريكا، وعلى الفور إجتمع عبد المهدي واطلع إيران والاحزاب الموالية لها ، وأطلعهم على التهديد الامريكي لحكومته ولأحزابها، وإتفق الجميع على تأليف مسرحية هزلية كوميدية ، هي إعلان عادل عبد المهدي حلّ الحشد الشعبي، ودمجّه في الجيش والشرطة ، خلال شهر واحد، ومن يتخلّف يعدُّ خارجاً عن القانون، وأعلن هذا أمام العالم ،وفوراً أعلن السيد عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، وقيس الخزعلي زعيم العصائب، عن تأييدهما المطلق لقرارعبد المهدي، وإعتبروه (خطوة في الاتجاه الصحيح) ، وهو فعلاً خطوة ،ولكن في الإتجاه الايراني ،وليس الامريكي والعراقي ،للتخلص من الجيش العراقي، وإعلانه كحرس ثوري عراقي في ما بعد ،على غرار الحرس الثوري الايراني وإرتباطه به مباشرة، كقوة عسكرية تابعة لايران إذا حصلت الحرب على ايران، وهذا تصريح أحد قادة الميليشيات،وكان أول من رحب وإبتهج لقرار عبد المهدي ،هو السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ،الذي أعلن بعد ساعة من إعلان عبد المهدي (حل سرايا السلام وفك إرتباطه منها كلياً)، فيما عبرت الخارجية الامريكية عن ارتياحها لقرار حل الحشد الشعبي،فيما رفض قادة الحشد الشعبي، وبعض الفصائل المسلحة هذا القرارجملةً وتفصيلاً ،ومنهم السيد هادي العامري وحركة حزب الله والنجباء والخراساني وغيرهم، وإعتبروه إستهدافاً للحشد الشعبي، وقالوا لايحل الحشد إلاّ بفتوة من المرجع الديني السيد السيستاني ، الذي أفتى بإنشاء الحشد بفتوة الجهاد الكفائي ،فيما رفضتْ إيران على لسان حكومتها ،دمج الحشد الشعبي والميليشيات التابعة لها ،وإعتبرت القرار ضد المصالح الإستراتيجية الايرانية في العراق، وهي (تقيّة) كما تعلمون تستخدمها إيران، لذر الرماد في العيون، ولإجبار أمريكا أن تصرّ على دمجه والتخلّص منه، كقوة عسكرية تهددّ إستراتيجيتها العسكرية في المنطقة، وهكذا تصاعدت التصريحات بين أمريكا وإيران ، نحو مواجهة عسكرية حتمّية، تصرّ عليها إيران وتستعّجلها ويتحاشاها الطرف الامريكي، كمخرج لها ومهرب من الحصار الأقسى ،الذي كسر ظهر ايران إقتصادياً، وتناور إيران بكل ثقلها العسكري، لتلفتْ نظر العالم لها ولمأزقها، التي وضعتْ نفسها فيه أمام الادارة الامريكية، برفضها الشروط الامريكية، فأومأت لميليشياتها ان تقوم بعمليات عسكرية كضرب مطار ابها السعودي وضرب البواخر في باب المنطب ومضيق هرمز واسقاط الطائرة الامريكية وغير واستفزاز الادارة الامريكية، ولكن الادارة الامريكية تمارس أقصى عملية ضبط نفس في تأريخها، مصرةً على اسقاط حكم الملالي بحرب اقتصادية ،لابحرب عسكرية وهذا ماقلناه منذ البداية، فلو كان الرئيس المجرم بوش الارعن هو رئيس كانت ايران الآن في خبر كان ،ولكن الرئيس ترمب وطاقمه والبنتاغون ومجلس الشيوخ والسي اي اي ،تحاشوا سيناريو الرئيس بوش ورعونته، في تقديم الجنود الامريكان قرباناً في حرب، يمكن ان تنتهي بلا ضحايا بشرية، وهكذا الان كسبت الادارة الامريكية الجولة الاولى من الحرب الاقتصادية، تجاوزت مرحلة الصدمة التي تريد إيران من خلالها، قيام الرئيس ترمب بتنفيذ ضربته المؤجلة لها ،والتي قال عنها بأنها ماحقة، وكذلك إستطاعت إدارة ترمب اليوم، أن تستقطّب وتحّيد حلفاء جُدد كروسيا والصين ، وتعزلهما عن إيران ، وتقيم تحالف عسكري مفترض لحامية مضيق هرمز وباب المندب، من إيران والحوثيين، وما حجز الباخرة الايرانية في مضيق جبل طارق من قبل بريطانيا، الاّ الشرارة التي ستقصم ظهر الملالي، اذا تجرأوا وفقدوا أعصابهم وقاموا بعملية مماثلة، كما صرح وزير الدفاع الايراني، بحجز باخرة بريطانية كعمل بالمثل، وعودة على سؤالنا لماذا تأخرت الحرب العسكرية على إيران، نقول الإستراتيجية الامريكية تقتضي ذلك ، بإستخدام نظرية الإنهاك الاقتصادي، والصبر الإستراتيجي الأمريكي، وصولاً الى الإنهيار السياسي ، كحلٍ أمريكي أوحد، دون اللجوء الى خيار الحرب العسكرية، وشنّها بدون نتائج على الارض، لأن الحرب لن تكون نزهة، بل يريدونها الايرانيون حرباً مفتوحة إذا حصلت ، لأتساع ساحة المعركة، وتنوع أسلحتها وإسترلتيجيتها العسكرية ، ووجود التحدي الأكبر للإدارة الامريكية ،وهي ( الحشد الشعبي والميليشيات وحزب الله والحوثيين والاحزاب الحاكمة التي تعلن إصطفافها مع ايران إذا أعلنت الحرب )، كما صرّح ماك بومبيو، وقال إن التحدّي الأكبر لنا في العراق، هم الميليشيات التابعة لإيران وذيولها في العراق، من أحزاب ومريدين وفصائل أخرى، نعم الحرب قائمة وقاسية جداً، لكنها ليست عسكرية وتحقق اهدافها بسرعة مذهلة على الارض مع ايران والأدلة كثيرة جداً، منها مانراه من تهديدات إيرانية وتفجيرات ميليشيا،المعركة العسكرية ليست سهلة كما ترّون ، ولكنها ايضا ليست صعبة لامريكا التي تمتلك تفوقاً عسكرياً وتكنولوجيا لايضاهى،ولكنها مستحيلة قبل أن تستسلم إيران لقدرها، وتخضع لشروط بومبيو ال12 ،طائعةً مرغمةً ، وتشرب من نفس كأس السُّم الذي شربه من قبلها الخميني،وهذا الإستراتيجية هي التي تصرّ عليها الإدارة الامريكية ، وأجّلّت الضربة بسببها ، وجميع المراقبين إعترفوا بنجاحها، أما إصرار إيران وتوابعها وأذرعها، على إرتكاب حماقات تزهق فيهاأرواح أبرياء من الشعب الايراني، أو الشعب العراقي فهو أمر تعتبره إيران وأذرعها هو الحلّ الوحيد الذي ينجّيها من الغرق، ويرفع الحصار الاقتصادي عنها ،وهذه هي قمة الحماقة والغباء السياسي، بل هوالعناد الفارسي الذي لاترى طريقاً غيره ، الحرب مؤجلة وقائمة، ولكنها ليست حتمية ، الا ّ إذا فشل الحصار الاقتصادي الاقسى، الذي نراه اليوم قد فعل فعلته ونتائجه ظاهرة للعيان ، ومن أبرز ملامحها الهيجان الايراني في الخليج العربي ،كالثور المنفّلت في معرض للخزف ،نعم تأخرت الحرب كثيراً ، ولكنها حققت نتائج باهرة في خنق النظام الايراني ، وجعلته يتصرف كالأعمى ، لاتوجد حرب عسكرية ، في ظل حرب اقتصادية ناجحة، وإستراتيجية فاعلة ومؤثرة، تحقق نفس الهدف العسكري، وهو إسقاط وتغيّير النظام الايراني ،لاتستعجلوا رجاءً، إيران الى الهاوية بفعل عناد حكامها وحماقتهم وعنجهيتهم ….