من عام 2003 استشرى الفساد والسرقات من المال العام بشكل مذهل لدرجة ان الجميع ولغ في الأمر بصورة مأساوية وعلى مختلف الدرجات والتوجهات حتى بات الموضوع شبه يومي في اكتشاف السرقات والرشاوى وعمولات القبض والسمسرة والإثراء على حساب المال العام في حين ازدادت نسبة الفقر الى درجة مخيفة لا يمكن تصور عواقبها .
ان ما يحصل لم يأتِ من فراغ بل روج له المحتل الأمريكي في بداية دخوله العراق وفتح أبواب المخازن والدوائر وسمح بسرقة محتوياتها وهكذا دب الهرج في البلد حين ظهرت العصابات وصارت تتحكم في مفاصل الحياة اليومية لتنضوي بعدها تحت عباءة الأحزاب خصوصا الإسلامية التي سيطرة على مقدرات العراق ليكون للفساد عنوانا رئيسيا ومتصدرا لنشرات الأخبار فقام الوزير بالسرقة قبل الغفير .
لكن لماذا الأحزاب الإسلامية انتهجت هذا النهج ؟ً
سؤال مهم وضروري لمعرفة طريقة تفكيرها في التعاطي مع المال العام بجميع مفاصله .
في الفقه الإسلامي بعمومه يعتبر ارض العراق من أراضي الخراج بمعنى ان العراق من غنائم الفتح الإسلامي في زمن الخليفة الثاني لذا فكل موارده وخيراته تأول الى بيت مال المسلمين وبهذا التخريج يصبح لكل مسلم حصة او سهم من خراج العراق فيصبح من حق اي عراقي مسلم ان يضع يده على قطع الأراضي واستثمارها كما يشاء بعيدا عن قوانين الحكومة التي لبست رداء مهلهلا اسمه الديمقراطية التي سكتت عن تجاوزت عن المتنفذين في هذه الأحزاب .
وبهذا التأويل الشرعي صار ما نسميه فسادا أمرا مباحا عندهم وهم يملكون مفاتيح الأمور من جميع المناحي بعد تربعهم على عرش السلطة.
ولاجل حل الإشكال لابد من موقف واضح وصريح يفرز بين العراق كخراج أسلامي او بلد اتحادي ديمقراطي بعيدا عن الإشكاليات التاريخية المنسوجة برداء ديني يساعد استشراء الفساد والسرقات وتبعاتها .