الكثير ممن طالع مشكورا المقالات الاخيرة التي ذيلت باسم جليل النوري، قد يتسائل في داخل نفسه، لماذا هذا الهجوم، او قل النقد، على شخص رئيس الحكومة الاستاذ نوري المالكي؟، هل هناك عداء شخصي بينهما؟، ام ان هناك تسقيط له من اجل مكاسب سياسية ودعايات انتخابية؟، هل هناك مزاحمة في مصلحة ما؟، الى اخرها من الاسئلة الاخرى الكثيرة التي ترد في مخيلة اي شخص طالع تلك المقالات.
اقول هنا انني لا احمل اي ضغينة، او عداء شخصي، او افكر في دعاية ما او كسب مصالح خاصة، بمقدار ما شخصت اخطاءا وهفوات ومفاسد شابت رحلة حكمه للعراق، حالي حال اي متابع للوضع السياسي في هذا البلد الجريح.
وهذه الهفوات والاخطاء تنوعت واختلفت، منها الحكومي، واخر شعبي، وثالثة على المستوى العقائدي.
فمثلا دولة الرئيس وطيلة فترة حكمه التي دامت السبع سنوات، لم تخل حكومته من الفساد المستشري بشكل فاحت روائحه الى خارج الحدود، ولم تختزل المفسدة على كونها مفسدة، بل ان الفاسدين كانوا اكثر الناس حصانة من غيرهم، لا بل اكثر من ذلك، اذ ان اي فاسد تناله سلطة القضاء ينال وفق مرسوم حكومي صفة مستشار في حكومة دولة الرئيس.
والامر الاخر، يتمثل بالنقص الفضيع في الخدمات المقدمة الى الشعب العراقي، فلا ماء، ولا كهرباء، ولا مجاري، ولا صناعة، ولا زراعة، ولا امن، ولا امان، بلد يقتات على ميزانية عشوائية، تصرف هنا وهناك، يذهب جزء كبير منها لمشاريع سرعان ما تتلاشى او تباع من مقاول لاخر، وجزء اخر منها للمسؤولين والجزء الاخر يصرف على رواتب اغلبها لاسماء وهمية، او رواتب لحمايات المسؤولين، او تعطى للسياسيين المتقاعدين الذين اشتركوا في الحكومات السابقة.
اما اكثر المؤاخذات على دولة الرئيس، فهي تقريبه لازلام البعث الصدامي، فهؤلاء الارهابيين المجرمين، اعتلوا منصة السلطة، وتحديدا الامنية منها، ومسكوا عصب المخابرات والاستخبارات والامن القومي للبلد، ومن المضحكات المبكيات، ان التظاهرات التي تدعو الى عدم الغاء المادة 4 ارهاب، لا تعلم ان مدير جهاز مكافحة الارهاب (طالب شغاتي) الذي يزمر ويطبل لاجله دولة الرئيس هو من رجالات البعث المشمولين بالاجتثاث، والذي حصل على استثناء من قبل دولة الرئيس، ليس هذا وحسب، بل ان التظاهرات التي تطالب بعدم الغاء هيئة المساءلة والعدالة، غاب عنها ان المسؤول عن حماية المراقد المقدسة في كربلاء المقدسة والنجف الاشرف، الفريق عثمان الغانمي، لم يكن هو بعثيا فحسب، بل ان زوجته تشرفت ان تكون احدى الماجدات البعثيات التي مدحهن المجرم صدام وقد نالت بفضل استثناء دولة الرئيس لزوجها كل حقوقها المسلوبة المغصوبة من اصحاب المقابر الجماعية.
وهناك من الامثلة والشواهد على ذلك الكثير التي تملا كتبا لا صفحات معدودة، ومن اراد التاكد فليسال اي موظف يعمل في هيئة المساءلة والعدالة، وليعرف حقيقة ما يجري خلف الكواليس باسم التشيع مع شديد الاسف.
ولم تكن حقبة دولة الرئيس في ادارة الحكم في العراق متوقفة عند هذا الحد من الفشل والفساد، بل انه استعدى كل القوى السياسية الموجودة في العراق، فلا الاكراد على صلح معه، ولا السنة، ولا البعض من الشيعة، حتى ان المرجعية الدينية كان لها موقفا صريحا منه، اذ اغلقت الابواب بوجهه وبوجه كابينته الحكومية، لعدم رضاها عنه وعن حكومته، وهو ما لم تفعله اي مرجعية على مر السنين مع اي حكومة سبقت حكومته.
بل ان عداءه اجتاز حدود العراق، الى كل دول الجوار الاقليمي، باستثناء الجارة ايران، ودولة الكويت، التي صرف لها من مال العراق مليارات الدولارات، بحجة دفع التعويضات دون تحقيق الهدف الحقيقي لها والمتثمل بخروج العراق من طائلة الفصل السابع.
يضاف لذلك كله، عمليات القتل والترويع التي طالت اغلب محافظات العراق، من خلال تعاونه مع المحتل الامريكي في قصف البيوتات الامنة ومحاصرة المدن وملاحقة المجاهدين واعتقال المقاومين وتعذيبهم، والتنكيل بعوائلهم، وغيرها من الممارسات الاخرى التي سيكتب عنها التاريخ يوما ما باحرف من دم، وستذكرها الاجيال وتتحدث عنها، لتكون حكاية بدات ليس لها نهاية، الا بنهاية الطواغيت والجبابرة والظلمة.
فهذا يا اخوتي جزء يسير من قصتي مع دولة الرئيس المالكي، وقد تركت الكثير منها هروبا من الاطناب، وهنا اود التنويه الى الاخوة الذين يريدون ان يعلقوا على هذه المقالة، سواء بالايجاب او السلب، واقول، ان هذا الكلام، لا يخص شخص المالكي فقط، فاي شخص يتصرف تصرفه، ويفعل افعاله، هو مشمول بقول الحق بوجهه، سواء كان قريبا منا او بعيد، حتى يدرك جيدا القاريء اننا لسنا متزلفين لجهة او شخص، وفي الوقت نفسه ليس لدينا عداوة مع شخص بعينه، بمقدار ما عندنا اشكالية على ممارسات وتصرفات صدرت من شخص معين وجب علينا نصحه وتوجيهه ونقده، وكما كان يقول الشهيد الصدر قدس سره: (حينما نقول لشخص مثلاً: أنت فاعل حرام أو أنت مُنحَرِف أو أنت كذّاب أو نحو ذلك، إنما ننصحه ونريد له الخير، ونتكلّم معه على مستوى الأبوّة والأخوّة، وليس على مستوى السبّ والشتم والإعتراض).