18 ديسمبر، 2024 10:09 م

لماذا التعاسة لا تغادر الناس!

لماذا التعاسة لا تغادر الناس!

التخطيط في الحياة:

نستخدم عادة عبارات كالتخطيط للحياة وغالبا ما يقصد بها الأمور المادية، مع أن الأمور المادية وغيرها من الأرزاقليست بيد البشر نتائجها، ونحن نرى أناسا عاديين بلا مهارات حتى في مجال عملهم ورغم هذا يربحون وينمو مالهم والعكس مما نرى صحيح، لكن التخطيط هو في الحياة، أن تدير ذاتك تجاه كل هذه الأمور، كيف تتعامل مع الرزق ، كيف تتعامل مع مسارات الحياة كحياتك والعائلة، المنهج الذي تتبعه أمام ما ترين من تضحيات رفيق دربك أو ما ترى من تضحيات رفيقة دربك وهو الأغلب مما يحصل لان المرأة بطبعها تضع منهجا لحياتها مع أسرتها غالبا تكون هي الفكرة المركزية، وابتسامتها هي ابتسامة أسرتها ورضاها رضاؤهم وتلك قمة العطاء التي تتطلب في زمن ما أن تسترجع ليس لأنها ستطالب بها بل لان من حولها لا ينبغي أن يكون أنانيا وينسى هذا، ورغم كل شيء فهذه التضحية هي غريزية وليست تخطيط.

اندفاع الناس في طلب أحادي أو ثنائي يكون قويا في الأمنيات، والتخطيط له يكون في مسار النجاح ولا قبول للفشل، لهذا ستكون العقبات البسيطة والكبيرة إخفاقات وليست مشاكلا تحتاج إلى حل؛ لهذا تجد الشعور بالتعب والتعاسة مرافقا لهذه الناس، وهم يحملونه معهم فلا تفيد رحلة استجمام ولا حفلة أسرية ولا لقاء أصدقاء….. الحقيقة أن هذه تنتقل إلى المجتمع ككل لدرجة أنك ترى ناس تمثل المرح والسعادة وهي تعيسة حقيقةفمشاكلها لم تتصالح معها وتهدئ من اندفاع الذات نحو مواجهتها وتقف، ثم تذهب لتستريح وبعد ذلك تعود نشطة لتواجه المشكلة من جديد، بيد أن اغلبنا لم يتعود ذلك ولم نضع لحياتنا نمطا ما كمجتمع لنتمكن من توزيع الوقت بشكل معروف مقبول نتيجة تداخل العادات والتقاليد وإبقاء ساعات الهدوء شرطية ظرفية وليس مؤكدة، التخطيط للحياة هو هذا ومنه البرمجة العامة للإنسان، أما التخطيط للمشاريع ووسائل الرزق فهو امل ورؤية لكنها لا تضمن النجاح أبداً فهنالك عوامل كثيرة تتحكم بها قد لا تكون محسوبة غالبا في إدارة الأعمال.

تقسم أنها سعادة:

سيولة المال والجاه والتقلب في الحياة في تحقيق الرغبات، يكاد من فيها يظن انه سعيدا، بيد أن خوفه على ديمومتها دوما معكر لصفوها.

الم تر من يأكل أموال الناس بالباطل ويظن انه على حق أو انه ذكي إن استطاع الاستيلاء على أموالهم، فسيظن انه في سعادة لأنه يستطيع أن يجلب لنفسه ما يريد، فان مرض أو ذهب زهو الدنيا بالكبر اضحى عاجزا عن إعادة الأمور إلى نصابها وتلك تعاسة كبرى تمحي كل ما مضى من ترف فتكون التعاسة.

الم تر أن كل ما يمضي ميت في طعمه ويبقى في الذاكرة كحلم أو طيف هرب ساعة يقظة وان مستقبل الإنسان بعد ممات.

الأنا التي تشعرك بالتميز هي ذاتها التي تشكك بان هذا عدو وهذا حاسد وذاك حاقد، بينما هو لا يكرهك ولا يحسدك وكيف هذا ورد فعله إنما هو تجاه تصرفك والسلبية المنبعثة منك والتي تكاد تحرق الآخرين بسناها، هي تعاسة اذًا تنبثق من الذات، وهي رفاهية تأتي من عالم الأشياء، لكن الإحساس النبيل سنجده عندما تنعكس العملية فيكون عطاء من عالم الأشياء لمحتاج أو عون مطلوب، فيشع في داخلك نور وإحساس تقسم انه السعادة.

التعاسة استعداد نفسي

واستطرادا نستطيع القول إن التعاسة استعداد نفسي لاستقبال وتنمية المشاعر السلبية، المأثورات السلبية، تعظيم المظلومية وهذا بالذات موضوع واسع، ما بين التورية والتنبيه إلى السقوط، سوء تصريف الوقت، ما توارث منه في الجهاز المعرفي من عادات وتقاليد ومجموعة من الأعراف التي قد تكون سلبية على التعاملات البينية او تعريف الأفراد ودورهم في المجتمع.

تفريغ التعاسة وضعف المروءة صيغة آخرى للتعاسة:

التعاسة أبعادها نفسية فكم من مدير يهين موظفيه لتتفجر تعاسة منظومته، وكم من حقير يجد لذة بإهانة زوجه أو امه أو أبيه أو إقلاق عائلته، عند هذا تكون التعاسة تصف فقدان المروءة والقيم مستهلكا رصيده وهو غير فاهم ببلادته حدود العلاقات ومعانيها.

ومن تفريغ التعاسة أن يجد له حقا بان تسير أموره بكن فيكون بينما هو لا يتق الله حق تقاته فيتهم الله بمخرجاتتعاسة نفسه لجهله بمعاني الربوبية.

التعاسة حاوية تجمع الإحباط كإناء جمع النقايا تتكدس فيه ثم تفيض على جوانبه، والناس تحكم بالمثالية بما لا يخصها وتخفف بما يخصها لكن في الوقت ذاته تعظم من مصيبتها وتقلل من مصائب الآخرين، هذه السطحية تعاسة مجتمع بمعنى آخر للتعاسة.

ولا شك أن من التعاسة في هذا الوجه أن تنكر الحقوق وان تضل الناس وان تتحمل وزرا يجعلك تعيسا بكامل أوجههاومانيها

وتعاسة الأمة في جهل نخبتها أنها جاهلة ومكتفية بالتفاهات وبالانا في إعلاء الذات.