22 نوفمبر، 2024 7:08 م
Search
Close this search box.

لماذا الاستغراب من فشل الفاشل !

لماذا الاستغراب من فشل الفاشل !

نحن الشعوب العربية بمعظمنا شعوب قدرية عاطفية انفعالية تتساوى فيها الطبقات النخبوية مع العادية في كيفية الفهم المصلحي و التعاطي مع السلطة ، فالمثقف العربي بمجمله اما منعزل منزوي و اما خاضعا خانعا متملقا و عامة الشعب يأخذها راي و يرجعها الاخر و هي لا تعرف اين وجهتها ! فاذا كان الشعب كذلك فكيف تكون السلطة يا ترى ، حيث السلطة وليدة الشعب و الشعب وليد السلطة .

ليكن العراق مثالنا السيء في هذا ، عندما يصحو الشعب على خطر الجفاف بعد دخول سد اليسو الخدمة فنهر دجلة يتداعى و لعل الفرات قريبا سيلحقه الى جنان الخلد في عليين عند رب رحيم ! ان هذا الحدث الجلل الذي ينذر بخراب و هلاك على المستوى البشري و الزراعي و الحيواني على حد سواء هل هو وليد اللحظة ؟ هل انشات تركيا هذا السد بين ليلة و ضحاها ؟ هل بنته اسرع ممن اوجد الوجود في ستة ايام ثم استوى على العرش ! اي كنا كشعب و اين كانت السلطة غافية ! المسؤولية مسؤولية الجميع شعبا و حكومة ، و ما اروع الاثنين و ما اوعاهما ! فالشعب يوما بعد اخر يثبت انه صلب الخضوع و السير خلف الصنمية ، يأبى ان يكون حرا ابيا ، بل يراهن اشد الرهان على بقاءه عبدا طيعا لسيده و ولي نعمته ذاك الممسك بالسلطة ، موجه من حيث يعلم او لا يعلم ، كثير الانتقاد و الجزع بلا فعل و بلا اثر ، سلبي لا يعرف قيمته و قدره و اهميته ، فصوته مباع بابخس الثمن و حقوقه مهدورة لانه باع للخونة الوطن . نعم فهو من شارك السارق عندما اعاده بصناديق الوهم الديمقراطية ، شاركه بالنهب عندما صفق له و لصوته وهب ، اشاع الظلام في بيته و قضى على مستقبل اولاده عندما هانت عليه كرامته و عن الظلم سكت ، اعدم الامل عندما لم يرفع صوته بوجه من ضحك عليه بإسم الدين و الوطن ! لكن لما نحمّل الشعب اكثر من طاقته و هو الذي طاقته من شدة المصائب و كثرتها قد نفذت و ما عاد قادرا على القيام بشيء من شأنه النهوص بالبلد ، من حروب الى حروب و من خراب الى خراب فحتى العقل قد تحجر و بلد ! الشعب في جنبة منه كبيرة بلا ما يسد الرمق فكيف لصوتها يعلو و عصافير الجوع اعلى من صوتها ! و اخرى لاهية بلقمة العيش التي لا تسد جوعها الا ما رحم ربي ، و الاخرى على قيد العيش ، و هناك التي تبعت غربان السلطة و اصبحت من نعاقها و هي الوحيدة من استاثرت بما يسمى حقوق الشعب و التي لم تحصل عليها لانها جزء منه و انما لتبعيتها و تملقها و هي الفئة الاقل عددا من بين الفئات الاخرى . الشعب بكل الفئات ما عدا تلك المتزلفة لو انها اجتمعت على قلب مصير واحد لاستطاعت فعل العجب العجاب و لانهت سنوات قحط الاحترام و جفاف الكرامة و عهود التجهيل و التبعية و اعادت للشعب هيبته و زهو مكانته ، و لكن هيهات ! اما فيما يخص الحكومات و تعاقبها منذ اول تشكيل لها بعد العام 2003 حتى يومنا هذا و ما يحيط به من تشاورات على مستوى ايجاد توافق لخروج حكومة 2018 ، فهي حكومات ضعيفة واهية لم تتشكل يوما على اساس وطني بل كان للخارج اليد الطولى في ايجادها ، حكومات تتغنى بأنها ذيل لدول اقليمية و عظمى ، حكومات تأبى ان تكون في سلم الاولويات خدمة شعبها . اذن لماذا نستغرب ضياع العراق في ظل هكذا سلطة ، كيف لنا ان نتوسم خيرا في القائمين على حكم العراق و هم يرون ان الوصول لها انما هو مكسبهم العظيم كي يحظوا بالامتيازات و المخصصات التي تمنحهم الحياة المترفة ! كيف لنا ان نعتقد بقدرة هؤلاء على ادارة البلد نحو الافضل و هم غير قادرين على الايمان بضرورة ذهاب الخاسر في الانتخابات نحو المعارضة كي يمارس دوره في محاسبة الحكومة و مراقبتها و تصحيح مسارها ! كيف لنا ان نتوسم فيهم خيرا و نحن نرى من يريد ان يكون جزءا من تشكيل الحكومة ينأى بنفسه عن اخذ وزارة مثل الزراعة او الموارد المائية مثلا ، لانها بلا اهمية على المستوى المادي حيث لا تعود على احزابهم بعقود و صفقات بالمليارات لذلك تعتبر هكذا وزارات من الدرجات الدنيا و التي تعطى عادة كترضية للاحزاب الاقل ثقلا ! كيف للعراق ان يسير وفق ستراتيجة حكومية ثابتة و مستقرة ان كان المستشارون للرئاسات الثلاث يتم تعيينهم على اساس التوافق و المحاصصة ، و الانكى من ذلك عادة ما يكون هؤلاء هم السياسييون المخضرمون الخاسرون في الانتخابات و اعطاءهم صفة الاستشارية انما من باب حفظ هيبتهم و مكانتهم ! كيف للشعب ان يعتقد بهم خيرا على مستوى السياسة الخارجية و طبيعة العلاقات مع الدول ، و هو يرى فشلهم الذريع على مستوى الداخل ، فمنذ اكثر من عقد و بمجموع موازنات تفوق الالف مليار دولار لم تستطع الحكومات المتعاقبة من توفير الماء الصالح للشرب و لم تستطع ضمان عدم انقطاع التيار الكهرباء و لم تنجح بتأمين السكن و فشلت في انتشال البلد من الامية و عجزت عن احتواء البطالة ! في حين ان هذا المبلغ المهول قادر على بناء دول و انتشالها من تحت العدم !
لا يجب ان نستغرب فشلهم لانهم فاشلون داخليا و خارجيا بل يجب ان نستغرب قبولنا لهم و سكوتنا عليهم ، انهم اذناب ابدا ليسوا سادة ، هم اتباع الشمال و الجنوب و الغرب و الشرق ، هم بلا ادنى كرامة لا يستحقون الحكم ، مرتزقة معظمهم من وراء الحدود اتونا ، يتوجب الثورة عليهم و الاقتصاص منهم ، فما عدنا نتحمل المرار ، فالثورة البنفسجية فاشلة في عهد العراق الحالي ، ان لم يتم التحرك للخلاص من هذه الطغمة فليعلم الجميع ان العراق في طريقه للتفكك و التفكك آت لا محالة .

أحدث المقالات