في مثل هذا الشهر من عام 1969 اقدم نظام البعث على اعدام عدد من التجار العراقيين وعدد من اليهود الموجودين في العراق بتهمة التجسس على العراق لصالح اسرائيل وبلغ عدد الذين اعدموا حينها اكثر من خمسين شخص تم تعليقهم في ساحة التحرير في بغداد وساحة ام البروم في البصرة ,ومن ابرزهم عزرا ناجي زلخا والبير حبيب توماس (مسيحي )ونعيم خضوري وداود حسقيل وداود غالي ويعقوب كرخي وفؤاد كباي وصباح الحكيم كذلك اعدم التاجر المسلم الشيعي عبد المحسن جار الله ومحمد عبد الحسين جيتا الشيعي من باكستان وكذلك التاجران المسيحيان زكي اندراوس زيتو وسامي حبيب توماس .
وبالعودة الى الحادثة ومسبباتها علينا الرجوع في التاريخ الى الخلف ,عندما خسر العرب معركة الايام الستة نكسة حزيران ظهر تيار شعبي وسياسي في كل الوطن العربي يطالب بضرب المصالح اليهودية في كل مكان وتصفية اليهود في كل مكان لتغطية فشل الحكومات العربية في التصدي لاسرائيل في تلك المعركة وكان الحكومة العراقية في وقتها حديثة العهد لان انقلاب تموز حصل عام 1968 وكانت تريد اي شيء تقوم به لكسب التاييد الشعبي لها والذي فقدته عام 1963 عندما تولت الانقلاب على عبد الكريم قاسم وسقطوا بضربة من حليفهم عبد السلام عارف في نفس العام لذلك استغلوا الفرصة فاقدموا على اعدام المواطنين العراقيين الابرياء جدا بحسب كلام بعض المتهمين امثال صادق حاوي وغيره من الذين اعدموا مع المجموعة اعلاه وهذا كله موثق لدى المحكمة المختصة حينها ,ايضا استمروا بمتابعة اليهود في بغداد فقتلوا عائلة قشقوش باكملها وهم خمسة اشخاص الاب روبين عزرا والام كليمنتن والاخوين والبنت جويس كذلك قتل بلبول عام 1975 ,وغيرهم الكثير من المسلمين الشيعة حصرا في البصرة بالتهمة ذاتها وباعترافات مفبركة ثبت بطلانها .
بعد هذه الوقائع المؤلمة حصل امر كشف الملابسات كلها ففي عام 1979 اقام احد اليهود دعوى لدى المحكمة الدولية على الحكومة العراقية يطالبها بامواله وبعقاراته التي استولت عليها الدولة فحكمت المحكمة لصالحة واجبرت العراق بدفع تعويضات له استمرت لغاية عام 2010 بمعدل 500 مليون دولار سنويا وهذا كله موثق وكان من ضمن الذين اعدموا احد التجار المسلمين الذين طلبت منه الدولة حينها الاعتراف على شريكه اليهودي حتى تقوم الدولة باعدامه واعطاء نصف ماله الى الشريك المسلم محمد ناجي عبد لكنه رفض وقال هذا عمل ولم اره يتجسس بل لم يغادر العراق طيلة وجوده معي في العمل فكانت النتيجة اعدام التاجر المسلم والاستيلاء على اموال وضمها الى الدولة ,هكذا اذن الشرف العراقي في التعامل مع مواطنيه والتمشدق بشعارات فارغة ليس لها وجود الا في ادمغة السراق من الحكام ,فهل مشكلة الذين اعدموا انهم يهود ام على اي اعتبار اعدموا وكان معهم مسلمين من الشيعة معروفين بثقلهم الاقتصادي في البلد ,الامر كله كان افتراء في افتراء استغلوا نقمة الناس على اللقيطة اسرائيل وقتلوا الناس بالحجة الممجوجة وهي التجسس وهم كانوا يدفعون الجزية لدولة اسرائيل بتصدير النفط شبه المجاني عن طريق الانبوب النفطي القديم الذي يصل الى حيفا عبر الاردن كذلك كانوا يتعاملون مع سماسرة اسرائيل لشراء شقق ودور ومدن خارج العراق كالمدينة المعروفة في السويد والتي اشتراها رئيس النظام السابق صدام له ولاولاده في مدينة مالمو بسعر يقارب الملياري دولار ,فهل من مستعتب بعد يقول انهم محقين باعدام اليهود والتجار الشيعة ولايجب لوم الحكومة العراقية حينها ,وهكذا تم تغييب العقل العراقي عن الموضوعية وبالقوة والاكراه وصار يقول مايملى عليه مغشوشا بشعارات سقيمة مؤلمة كانت نتائجها وخيمة على الشعب العراقي ونعاني من آثارها الى يومنا هذا .