23 ديسمبر، 2024 6:00 ص

لماذا أضع ورقة في الصندوق البلاستيكي؟

لماذا أضع ورقة في الصندوق البلاستيكي؟

عرّف اينشتاين الغباء ذات مرة بحصافة خبير عجنت فكره التجاربُ المختبرية، بقوله: “الغباء هو أن تفعل الشيء نفسه أكثر من مرة وبالأسلوب والخطوات ذاتها ثم تنتظر نتائج مختلفة”!

لا أظن أحداً يمكنه الاعتراض على هذه الحكمة المستلة من رحم المختبرات، وكذلك لا أظنه قادراً على رفضها كتوصيف منطبق تمام الانطباق على فعل من يصطف في طابور طويل ليضع ورقة في صندوق، ويغمس أصبعه في سائل بنفسجي صعب الإزالة، ليخرج بعد ذلك وفي رأسه فكرة تترجرج كالزئبق بأنه وجّه صفعة اثيرية لوجه عدو ما (ذئباً، أو عفريتاً) يسكن أحد العوالم الافتراضية التي يحكي عنها السياسيون، وأمهم الجنية (المؤسسة الدينية).

واضح إن عبارتي الأخيرة تحاول إيقاظ خيالكم ليتصور رجالات المؤسسة الدينية وسياسييها وقد ارتدوا مسوح الحكواتية وشرعوا ينفثون في وجوه البسطاء صور الجنيات والذئاب المتربصة. ويراقب في حركة مكملة أبخرة الأفكار التي تتصاعد من رؤوس المستمعين المذهولين وهي تتجمع بصورة غيمة شبيهة تماماً بحَمَل أبيض ترعبه العيون اللامعة في الفضاء المظلم الذي يحاصره!

ولكن أليست هذه صورة دقيقة لرسائل الرعب التي ملأت بها المؤسسة الدينية وسياسيوها الفضاءَ الأثيري، وهي تحاول اقناعنا برمي حطبة جديدة في موقد حكايتها؟

فالمؤسسة الدينية التي يرعبها صقيع العزوف عن المشاركة في الانتخابات، والتي صارت تتحسس أكثر من أي وقت سبق أن برد الموت بدأ يتسرب إلى المفاصل والعظام لم تعد تملك ما تقدمه كدافع حقيقي، أو حتى كمبرر معقول يجعل الناس تقف في طابور طويل يكلفها، في الأقل، نصف يوم ثمين، فما بالك إذا كانت الكلفة قد ترتفع لتأتي على كل المتبقي من العمر، في حالة ما إذا قرر من يُفترض أن يكون شريكاً في الوطن استخدام بريد الموت لايصال رسائله الرافضة لبنود الشراكة المزعومة؟

 طبعاً لن أتكلم عن خرافة التغيير التي يمكن أن تترتب على المشاركة في الانتخابات فالتجارب الكثيرة التي سبقت أثبتت بما لا مزيد عليه أن طريق المتاهة الانتخابي لن يفضي لشيء سوى الضياع.