حدث قبل أيام وفور إنتهاء صلاة العشاء أن إنبرى إمام المسجد مشكورا وساق لنا بطريقة محببة ومؤثرة قصة الشجرة التي شهدت على نبوته ﷺ بعدما طلب أحد المشركين دليلا على النبوة والرسالة ، وبرغم الصلوات التي أعقبت سرد القصة وزامنتها ، إﻻ أنني أرى أن سوق المعجزات الحسية التي شهدها من شهدها وآمن بها من آمن في وقتها ليست من اﻷهمية بمكان بقدر سوق الإعجازات المنهجية ، الخالدة ، الصالحة لكل زمان ومكان والتي جاءت بها الرسالة المحمدية ككل ، ولو كنت مكان الشيخ لسقت للحضور كيف مشى مئات ملايين البشر بأبيضهم وأسودهم ، أحمرهم وأصفرهم ، الى الشريعة الغراء لإعتناقها عن قناعة تامة في كل أصقاع المعمورة ، شاهدين لله تعالى بالوحدانية ولنبيه الكريم بالرسالة وكيف أنهم لو إستقاموا على ضوابطها اﻷخلاقية ، ونظمها الإجتماعية ، وقواعدها اﻷسرية ، وقيمها الإنسانية ، وعملوا بمقتضاها ، لإنتظمت حياتهم بجزئياتها وكلياتها بناء على ما جاء فيها من خير وافر دهشت لروعته العقول الراجحة والجامحة على سواء ولعل اسلام المطربة الايرلندية الشهيرة ، مدمنة المخدرات والخمور السابقة سينيد أوكونور ، وتغيير اسمها إلى شهداء دافيد ، وارتدائها الحجاب خير دليل على ذلكم السير في طريق الحق الذي أرسى قواعده من ارسله الله تعالى للناس هاديا وبشيرا ، ولله در القائل :
محمد يوم بعث الناس شافعنا ..محمد نـوره الهادي من الظلم
اليوم وكلما تابعت نشرات اﻷخبار الدولية والعربية والمحلية وحررت بعضا منها أدركت جليا ، بأن”العالم كله والبشرية بأسرها بحاجة الى محمد ﷺ”، ﻻ أقول ذلك مدفوعا بالعاطفة وﻻ بالإنتساب البتة وإن كان ذلك شرف ما بعده شرف ، بل هي الحقيقة الدامغة التي أتنفس عبقها وأعيش نسائمها وأتلمس وقعها مع كل خبر يقع بين يدي أو يمر عبر الشاشات أمام ناظري بحكم عملي في هذا المجال الصحفي الذي حشرت فيه – قدرا – !
إذ أنني ومع كل خبر يعتصر له قلبي كمدا في مشارق اﻷرض ومغاربها ناهيك عن كل برنامج وتقرير وثائقي – شخصيا أتعامل وأتابع عشرات الاخبار والتقارير والتحقيقات الصحفية يوميا في أرجاء المعمورة وفي شتى المجالات – أستشعر عمق اﻵية الكريمة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ، وأتحسس مدى موافقة ” صحيح المنقول لصريح المعقول ودرء التعارض بينهما ” كما وردت في كتب السلف الصالح .
ومن يتابع النشرات بطريقة المحررين الصحفيين يدرك بأن العالم كله من أقصاه الى أقصاه غارق بالموبقات واﻵثام بكل انواعها ، وﻻسبيل للقضاء عليها والحد منها سوى بـ (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ).
اليوم العالم غارق بالمخدارت والخمور ، فهناك وبحسب منظمة الصحة العالمية في تقريرها اﻷخير أكثر من 2.3 مليار شخص يحتسي الكحول ، توفي منهم أكثر من 3 ملايين خلال عام 2016 لوحده بسبب الحوادث المرورية ، الانتحار ، العنف ، السكتات الدماغية ، النوبات القلبية واﻷعداد في تزايد بشكل مطرد ..اما عن المخدرات فعدد مدمنيها ومتعاطيها يقدر بـ أكثر من 275 مليون إنسان ، اما عديد من يعانون من امراض شديدة ناجمة عنها بينها عقلية فيقدر بـ 36 مليون انسان بينهم نحو 1.6 مليون مدمن للهرويين مصاب بعدوى فايروس نقص المناعة ” الايدز ” بحسب ” مكتب الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات والجريمة ” ، عندما تطالع هكذا احصاءات دولية مرعبة وما خفي كان أعظم لاتمتلك اﻻ ان تتلو الاية الكريمة : ” إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” وﻻتملك اﻻ ان تستدعي أحاديث النبي المصطفى ﷺ الصحيحة في حرمة معاقرة الخمور بأنواعها لافرق في ذلك بين كثير منها أو قليل : ” كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ” ، وقوله ﷺ ” ما أسكر كثيره , فقليله حرام “، وقوله ﷺ” إن الله – عز وجل – قد لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها وساقيها، ومستقيها) ، وقوله ﷺ” ما أسكر منه الفرق ، فملء الكف منه حرام “، والفرق يعني البرميل.
وبدوري أوجه نداء جديدا الى من يؤمن بالله تعالى ، ويحب محمدا ﷺ ، والى من يهمه شأن العراق ، الى الخطباء ، الوجهاء ،الاعلاميين ، التربويين ، شيوخ العشائر ،الكتاب ، المثقفين ، الشعراء ” إن المخدرات بأنواعها الصناعية والطبيعية ، تنتشر في العراق كالنار في الهشيم وقد وصل اﻷمر اليوم الى الإعلام الدولي الذي بات يحذر من مغبة تحول العراق الى واحد من أكبر المستهلكين والمهربين والمصنعين والمروجين للمخدرات في عموم المنطقة ،اذ من المعلوم أن الدول التي تستخدم كممرات لتهريب المخدرات يتعاطى 10% من أبنائها إياها بمرور الوقت ، وأشارت مفوضية حقوق الانسان / فرع البصرة الى، ان” أعداد المحكومين بجريمة المخدرات في البصرة لوحدها يبلغ 2000 محكوم ، أما عن الموقوفين بتهمة التعاطي فيبلغ 1250 تتراوح اعمارهم بين 18 – 25 ” فهل من مشمر عن ساعد الجد لتحصين شبابنا وبناتنا من آثام المسكرات و المخدرات ومخاطرهما التي لاتحصى ؟
اودعناكم اغاتي