19 ديسمبر، 2024 1:16 ص

لماذا أحب محمدا ﷺ؟ (20)

لماذا أحب محمدا ﷺ؟ (20)

قال تعالى : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا”.
سالقويه والديبزي وشارون ..أكاذيب الإلكترون في عصر الكورون !
نعم لقد صدمني حجم التضليل الهائل والحماقة التي أعيت من يداويها والتي يتم تداولها في عشرات الصفحات والمواقع الإلكترونية صباح مساء فضلا عن بقية نوافذ الاتصال والتواصل عبر السوشيال ميديا من دون أدنى تمحيص ولاتدبر ،ومن غير تفكر في حقيقة وصحة وعواقب ما ينشرون ،علاوة على وضاعة وحمق وزيف ما يروجون ، وأقول لكل هؤلاء ،إن “الشائعات والأراجيف إنما يصوغها السفهاء،وينشرها البلهاء،ويصدقها الأغبياء،ليقع ضحيتها وفي شراكها وحبائلها في نهاية المطاف البسطاء” الا أنه والحق يقال كانت من أشد الشائعات وقعا على نفسي تلك التي بُثَت خلال الأيام القليلة الماضية وتم تداولها على نطاق واسع والتي إستشهدت بشخصية أسطورية تدعى “ابو علي الديبزي” ولاوجود لها على أرض الواقع ، ليزعم المرجفون بأنه صاحب كتاب بعنوان “عظائم الدهور ” وهو بدوره كتاب وهمي أسوة بمؤلفه إدعى المروجون كلاما متخيلا ذكر بين دفتيه لا أصل له نسبوه بكل جرأة ووقاحة الى الامام علي عليه السلام بزعم انه مقتبس من كتاب (نهج البلاغة ) يتحدث فيه بالتفصيل الدقيق عن وباء كورونا ،ولقد صيغ الكلام بطريقة لاتتناسب مع عشر معشار بلاغة الامام علي وهو أشهر من نار على عَلَم في بلاغته وفصاحته وحسن بيانه وجزالة عباراته وقوة حجته وبديع استعاراته وتشبيهاته وكناياته ومجازاته بما حير البلغاء ،ما يمثل وكما قال أحد الأصدقاء ” إستهانة بفارس المشارق والمغارب على لسان أهل الشقاق والنفاق ” ولربما فعلوا ذلك عمدا ، ولربما سهوا وجهلا ،والاعجب أن مقدم برامج معروف قد خصص جزءا من برنامجه على إحدى القنوات الفضائية العراقية للترويج للكتاب والتطبيل له ولمؤلفه الفضائي ” الديبزي” المزعوم ولا ادري كيف فاته وهو المقدم النبه عدم صحة المعلومة وتهافتها وأتمنى عليه أن يعتذر عنها بعد التأكد من مجانبتها الصواب علنا كما أذاعها على جمهوره علنا حفاظا على مصداقيته ، ولم يختلف الحال كثيرا مع تداول اكذوبة ثانية عن كورونا منسوبة لشخص وهمي آخر إسمه ” ابراهيم بن سالقويه ” بزعم تضمينها في صفحات كتابه المنسوب اليه ” أخبار الزمان ” ولاصحة للمؤلف ولا للمقولة ولا للكتاب ، صحيح أن هناك كتابا بعنوان ” اخبار الزمان ” ولكن ليس لسالقويه الموهوم هذا ، وانما لمؤلف آخر يتحدث في كتابه من الفه الى يائه عن أخبار الماضي ولاذكر للمغيبات المستقبلية فيه ، لتستمر الآكاذيب وتزعم أن أشد الحاقدين على الاسلام على الاطلاق ، المؤرخ الصهيوني موشيه شارون ، قد قال” ان الاسلام دين صحيح ” والاسلام صحيح وعظيم ولاشك رغما عن انف شارون وشركائه اجمعين ، الا أن أمثال شارون النزق هذا لايقولون بهذا ولايقرونه ،وانما أراد مروجو الشائعة تبييض صفحة شارون برغم سوادها الحالك وأن يجروا المسلمين لمتابعة وقراءة أخبار هذا الكاتب الصهيوني ربما كخطوة في طريق – بصقة القرن – والتصالح مع الكيان المسخ ،اضافة الى اكاذيب خروج الايطاليين لتوديع العالم ،وغيرها الكثير بما لايسمح المقام لبسطها ، وأذكر الجميع بما قاله رسول الله ﷺ:”سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ” ، وقوله ﷺ: “إن بين يدي الساعة كذَّابين فاحذروهم”، وقوله ﷺ: ” يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ “، وقوله ﷺ: “إن مِنْ أشراط السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا “، وأي جهل هذا الذي يقع فيه هؤلاء وأي تجهيل وهرج ذاك الذي يشيعونه بين الناس ، وأي ضحك على الذقون وأي فتن كبرى تلك التي يشعلونها على مواقع التواصل ليل نهار؟ا
وأقول لمن يصدق هؤلاء ويسارع بنشر ما يهرجون من غير تثبت ولاتحقق عليكم أن تعوا جيدا عظيم الكذب الذي حذر منه رسول الله ﷺ حين قال: ” كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع”، ولايفوتني أن أذكر بأن أخطر صفات المنافقين الكذب، وفي ذلك قال رسول الله ﷺ: “آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ”فأتقوا الله يا عباد الله وليقل أحدكم خيرا أو ليصمت .
كل ذلكم الهرج انما حدث بفعل الخوف من وباء كورونا المستجد (كوفيد 19) والشعور بعدم الأمان والرعب من المجهول غير المرئي ما دفع الناس الى أن يُشَرقوا ويغربوا مُصدقين أية شائعة تلقى على مسامعهم ويظنون أن فيها خلاصهم ، أي دواء يتوهمون أن فيه شفاءهم ، أي مدع كذوب يتوقعون فيه ملاذهم،حتى صار الكذب ديدنهم ، وتصديق الافاقين مذهبهم ، وتناقل الشائعات على عواهنها منهجهم ، وحبذا لو تُصَنفُ كتب وتَستَحدِثَ بابا يؤصل لـ ” فصل الحابل عن النابل في فهم وإستيعاب الكوارث والنوازل “على أن يكون فك الارتباط هذا قبل هبوب العواصف العاتية أو بعدها وليس خلالها لأن – المرء المشغول بصد العواصف – لن يستوعب ساعتها حديث العقل ولا لغة المنطق ، وحبذا ان لايشخصن هذا الباب وان يترك واسعا ليضم كل التساؤلات الغائرة ، ويجيب عن كل الأسئلة الحائرة التي سئلت وتسأل شعبويا في مثل هكذا ظروف عصيبة تمر بها الأمة ، وعلى أن يكون الكتاب مقسما على نحو ” باب الجائحات والاوبئة ، باب الكوارث الطبيعية ، باب الأمراض الفردية والجماعية ، باب تسلط الحاكم الظالم ، باب انتصار العدو الصائل ، باب تمكن الحاكم المتغلب ، باب انكسار اهل الحق وهزيمتهم وانتصار أهل الباطل وبطانتهم ، ..ونحوها ” يستقرئ حوادث التأريخ كلها ، يتبحر في احداث الحاضر بمجملها ، يستشرف وقائع المستقبل بإجمالها ، فكل بلاء ونازلة كبرى من تلك تحل بالامة تسبب هرجا فكريا ،انكسارا معنويا ، إحباطا جماعيا ، إنهيارا ماديا ، إنشطارا جماهيريا ،وردود افعال متباينة وغير محسوبة يختلط فيها الجيد بالرديء ، ويمتزج خلالها الغث بالسمين ، وعادة ما يخفق الناس في تحليلها وتعليلها فينقسمون إزاءها الى فريقين – اما ابيض واما اسود – ويحارون في تفسيرها بين كونها” بلاءا واختبارا من الله ، وبين كونها انتقاما وعقابا منه جل في علاه ” مع تفصيل البلاء والعقاب هنا على مقاس كل فريق منهم على وفق نظرته القاصرة الى نفسه والى الآخرين ،وبالتالي فإن كل البناء الفكري وتفسير الظواهر والرد والرد المضاد سيكون بمقتضى هذين الاتجاهين ومن خلال زاويتين ضيقتين فحسب ،والمعضلة أن الكثير من الاتباع وفي كلا الحالتين الى جادة الصواب لايعودون، وان عادوا فسرعان ما سيتنصلون وعن الحق يحيدون والى الضلال يفرون ..فمالكم كيف تحكمون ؟ اودعناكم اغاتي