بين اربيل وبغداد نقاط نتوقف عندها للمقارنة, من نتائج المشاركة الإنتخابية الى الحادث الإرهابي الأخير الذي إستهدف مقر الأسايش ومجلس العزاء في مدينة الصدر, كيفية تعامل كردستان مع الحادث تعطي الشواهد والدلالات والتجارب, إن الأرهاب لا يستثني أحد, من يدخل الى المدينة يسجل في جهاز الحاسوب مأمنة المداخل , لم تخترق منذ 6 سنوات بينما تستهدف المناطق الأكثر كثافة سكانية في بغداد, الجهد الإستخباري وردود الفعل بالمستوى العالي في كردستان لقوة أقل بالكثير من حوادث أسقطت وزارات وقتلت المئات مثل وزراة العدل, رئيس الوزراء أقر في اخر خطاباته بالحاجة الى الخبرة والإمكانية الدولية, للمرة الأولى يعترف المالكي قصور خططه الأمنية منذ توليه الحكم لدورتين, الورقة الأمنية لطالما أستخدمت إنتخابياً ويبدو هذه المرة مبكراً في إدارة المخاوف والأزمات للظهور بصفة البطل الطائفي, وطلب الإستعانة بالخبرات الدولية يناقض التصريحات السابقة (( إن الإرهاب لفظ أنفاسه)), الفشل واضح من تلكأ الخطط والجهد الإستخباري وتهجيرالتركمان والشبك وديالى لتغيير ديموغرافية المحافظات, مع وجود التراخي الأمني فتح المجال أمام النشاطات الغير نظامية مقابل تحركات القاعدة.
الورقة الرابحة الإنتخابية التهديد بالأمن والتذرع بحماية الطائفة والتلويح بعودة البعث والقاعدة والحرب الأهلية, التخويف والترغيب من خلالها تكسب ود الجمهور, وتصعيد إتهام السلطات لإنتزاع الإيمان بصندوق الأقتراع, حيث ترى نفسها محرجة بعد نتائج إنتخابات المحافظات وتراجع مقاعدها بعد أن أعدت للاغلبية وتجاوز الجميع, من إستقطاب أحزاب كبيرة مثل الفضيلة والاصلاح وبدر والمستقلين, لم يحصل حزب الدعوة الاّ على 32 مقعد والإخرى 20 لكل منهما, ما ولد الصراع على المناصب داخل القائمة وتمسك الدعوة في جميع المحافظات بمنصب المحافظ, أسقطت الثقة بين الحلفاء وظهرت بوادر الإنشقاق, وظهور ملفات فساد وفضائح العمليات الجراحية والكهرباء أعجزت حزب الدعوة من الدفاع عن جميع اعضاء القائمة. تلك القوى تفكر بالخروج لتمسك المالكي بالولاية الثالثة ما يعني حرمانها من التمثيل الوزاري وعدم وجود ضمانات لتحالفه في تشكيل قائمة عابرة للطوائف, لذلك تفكر الفضيلة والاصلاح وبدر والمستقلون بالخروج بقائمة مستقلة.
نتائج كردستان وخسارة الإتحاد الوطني الكردستاني مقابل تقدم البرزاني وحركة التغيير (كوران) , وصعود الخط البياني لكتلة المواطن يليها كتلة الاحرار بعد المشاريع التي أطلقتها الأولى, من منحة الطلبة ومشروع البصرة العاصمة الأقتصادية ونضوجها الشعبي, وجود محافظ جاد في البصرة يهيأ الأرضية لتنفيذ مشروعها أوصول الكتل الأخرى للقناعة تحت الضغط الشعبي قبيل الانتخابات كي لا تفقد أصوات ناخبيها, في مدينة غنية بالنفط كثيرة المقاعد, كتلة الاحرار تحاول تعزيز شعبيتها في بغداد بتحالفها مع المواطن وهذا ما دفع دولة القانون للطعن بالنتائج وإستجابة المحكمة بعد أربعة أشهر من تشكيل المحافظات وتغيير الخرائط, ولكن هذه المرة يبدو ان حساباتها أخطأت بعد خلافاتها مع جبهة الحوار وشعورهم بخسارة الأصوات من تقاربهم مع القانون وتقدم متحدون وهذا ما يدفعهم لعدم التحالف المستقبلي معهم.
من تجارب السياسة العراقية دروس بعض القوى من الظاهر لم يتعلم منها, فحين تراجع مقاعد المجلس الأعلى في الإنتخابات السابقة أعترف بالنتائج ولم يشعر بالإحباط وأعاد التنظيم الداخلي وإعداد الدراسات الممنهجة والمشاريع, ويبدو أن الإتحاد الوطني الكردستاني شخص الخلل رغم تاريخه النضالي الطويل وغياب كاريزما الطالباني, السيدة هيرو قدمت إستقالتها ويفكر في إعادة ترتيب أوراقه.
المرجلة القادمة تحتاج الى تحالف عابر للطوائف ويبدو ان دولة القانون لم تستوعب الدروس وتراوح مكانها متراجعة, مستخدمة منطق القوة والغلبة والسلطة والتهديد هذه المرة للعراقيين بالملف الأمني والعنف, مستمرة بمنهج المطالبة بالولاية الثالثة وما يرافها من شعارات توحي التفرد بالحكم وعدم الإيمان بصندوق الأقتراع معيار النجاحالإنجازات, الورقة الأمنية منتهية الصلاحية بغياب الخطط والستراتيجيات وثقافة الإعتراف بالذنب والإقالة والإستقالة, وإفتراض العمليات العسكرية تأتي بنفس تلك النتائج في صولة الفرسان وما تحقق واقع مغاير وعشرات التفجيرات رغم الإجرءات المشددة وعدد السيطرات وتزايد قطع الطرق لم يقلل الضحايا.