القاعدة كما جاءت في اللغة هي الأصل والأساس، التي تبنى عليها الأشياء، وجمعها قاعدات وقواعد، وهي كما أسلفنا أساس جميع الأشياء، أي ما من شيء في الكون إلا له قاعدة يقف عليها حتى يستمر وفق نظام الذي يخضع له ليكمل دورته في الحياة، إن كانت القاعدة حسية، بلا شك تدرك بالحواس، وإن كانت معنوية، تدرك بالعقل. وهكذا أيضاً لكل شيء لغته الخاصة به، مثلاً، أن الطب له مصطلحات طبية خاصة بها لا يجوز إهمالها أو الخروج عليها، لأن لها علاقة مباشرة بحياة الإنسان؟. وهكذا الرياضيات لها مصطلحات محددة تُعرف المعادلة وما يتعلق بها من أرقام ومسميات، وهكذا الهندسة والفلك والدين والسياسة الخ الخ الخ.
في الحقيقة موضوعنا لهذا اليوم ليس له علاقة بالتمهيد أعلاه إلا لتعريف ما سنتناوله في هذه الورقة، كشرح مبسط عن الوطن والوطنية الذي سنتناوله في سياق مقالنا من خلال تعريفنا بقاعدته ولغته المستخدمة عند المنتمين لذلك الوطن، تماماً كباقي الأشياء المشار إليها، التي لها لغات ومفردات خاصة بها، يقال لها لغة طبقية أيضاً، إذا لا يقال كلماتها كما هي نصاً سيشوش أفكار المتلقي، أضف أن مردوده السلبي سيكون كبيراً جداً، على سبيل المثال وليس الحصر، في الطب خطأ لغوي قد يقتل، وفي الهندسة يهدم، وفي الرياضيات مصيبة، وفي الفلك يعني دراسة الأجرام السماوية، وأي خطأ في مسار الجرم يعني الدمار، بالنسبة للإنسان المسلم أي خطأ فلكي يتيه عنه أيام الصيام والفطر، ويقع في المحذور، وهكذا الدين لا يقبل أي خطأ، لأن أعمال المسلم ينحصر بين شيئين لا ثالث لهما حرام وحلال، والسياسة أيضاً لها لغتها ومصطلحاتها، أن تلفظ السياسي بها خطأ يمكن أن تقع حروب بين بلدين الخ. الآن نأتي إلى البيت القصيد في موضعنا، إلا وهو الانتماء إلى الوطن، مثلاً، المصري له لغة انتماء لخارطة سياسية اسمها مصر مغروسة في ضميره وعقله لا يجوز أن ينساها أو يخرج منها بدافع المصلحة الشخصية عندها يقال له خائن لشعبه ووطنه. نموذج آخر وهو الشعب الفلسطيني، رغم أنه واقع تحت الاحتلال، إلا أنه لم ينسى الانتماء القومي واستقلال وطنه في لغته الوطنية الدارجة، لم يقل المواطن الفلسطيني قط بأنه إسرائيلي؟ حتى أنه لم ينتمي إلى مصر التي كان تحت وصايتها قطاع غزة لعقدين من الزمن، وهكذا الضفة الغربية التي خضعت لوصاية الأردن، لم يقل الفلسطيني يوماً ما فلسطين الأردني، أو فلسطين المصري كما يقول بعض الراسبين الكورد في درس الوطنية: “كوردستان العراق” إلا يعرف هؤلاء الانتهازيون.. أن الانحدار إلى هذه اللغة السوقية تضيع وطن بأكمله! عزيزي القارئ،هذا ما قصدناه حين جئنا ببعض النماذج للمقارنة، حتى يعرف المواطن الكوردي إذا استخدم لغة انتمائه لوطنه كوردستان بطريقة خاطئة تسبب كارثة لشعبه ولوطنه. إن الأشياء التي تمهد لضعاف الأنفس من الكورد باستخدام لغة غريبة، لغة مستوردة تنسيه شعبه ووطنه وتأخذه إلى عالم غير عالمه، وإلى انتماء دخيل غير انتمائه الوطني الحقيقي هو استماعه أو قراءته أو نشره دون انتباه ودون شعور قومي نبيل منه لكل ما تنتجه البلد المحتل لوطنه، المولغ في دماء شعبه الكوردي من نتاجات عنصرية موجهة بهدف مسخه قومياً وفكرياً وحضارياً.
الذي أكرره للمرة الألف هنا، أن أي كوردي، دون استثناء، أن كان فيلياً أو سورانياً أو بهدينانياً، كورمانجياً أو لورياً أو هورامياً، أوشيعياً أو سنياً أو إيزيدياً أو كاكائياً، يارسنياً أو شبكياً الخ الخ الخ، لا يذكر شعبه الكوردي كشعب قائم بذاته وعن وطنه كوردستان كوطن ليس له أي ارتباط بالكيانات المحتلة له، ويقول في أحاديثه أو في كتاباته: كوردستان العراق، أو كورد العراق، أو نحن جزءٌ من العراق، أو نحن القومية الثانية في العراق، أو كما قلت يلحق في أحاديثه أي جزء من كوردستان المحتلة بذلك الكيان المحتل له كإيران وتركيا وسوريا، أو ينشر ويذيع أشياءً شبيهة بتلك الجمل الفاسدة أعلاه وتؤثر سلباً على الوعي القومي الكوردي، والشعور الوطني (کوردایەتی)، بلا أدنى شك، يكون هذا (الكوردي) ساقطاً ومنحطاً وسافلاً. أكرر، أنا لم أعني شخصاً محدداً في هذا المقال، بل أقف ضد الظاهرة السيئة المتفشية بين أبناء الشعب الكوردي داخل الوطن وخارجه. يا شعب اشهد أني بلغت.
26 11 2018
“لا تقتلوا الحية والعقربا … اقتلوا كوردياً.. استعربا”
الترجمة:
“نە بکوژن مار و نە بکوژن عەقرەب … بکوژن کوردی زووڵ خۆی کردە عەرەب”