22 ديسمبر، 2024 5:54 م

1 ــ “تبت يدا كل تبعي ــ بثورتنا فز بينه الوعي” شعار جميل عميق المضامين, هتفت به جماهير الحراك الشعبي, لثورة الأول من تشرين 2019, فكانت ساحات التحرير في الجنوب والوسط, نقطة الطلاق التاريخي, بين جيل الثورة البيضاء, افكار ووعي وتجارب, سيمتليء بها الداخل العراقي, وتدق اهدافها الوطنية والأنسانية, ابواب مجتمعات الجوار, وبين عقائد وافكار سوداوية فقدت روحها, واصبحت نافقة على مشاجب الماضي, كانت تنتسب الى مراحل ما كان لها معنى ولا ضرورة, كالأيديولوجيات القومية, التي اورثت ادواتها الفكرية والتنظيمية وسلوكها القمعي, لنظام الأسلام السياسي, بعد ان وضعت نقطة نهايتها, خلف آخر سطر لحاضر ومستقبل الأمة, استورث الأسلام السياسي (الشيعي) النفس الأخير للفكر القومي, فبادرت المصالح القومية للجارة الشيعية ايران, لتوظيف المذهب في إجتياحها الدموي للعراق, بعد ان وضعت سرج اطماعها, على ظهر الأحزاب الولائية, فأعلنت سقوطها المعنوي والأخلاقي والقيمي, في الشارع العراقي, وعلى مهل وبأرادة ثابته, يحتل الآن مواقعها جيل الثورة البيضاء, حقيقة للهوية الوطنية المنتصرة.

2 ـــ الأحزاب الشيعية في العراق (وعبر فسادها وارهابها) انسلخت عن مفتعل قيمها وعقائدها وشرائعها, ووضعت مقدسها في مأزق, جعلته في مرمى الشك والريبة والأسئلة المحرجة, ما يحدث الآن في ساحات التحرير, ليس مجرد مطاليب خدمية, كتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب, او فرصة عمل في مؤسسات فاسدة, رغم مشروعيتها واهميتها, انه جيل جديد باسل “يريد وطن” مشبع بالحياة الكريمة, له دولة ذات سيادة, وحكومة منبثقة عن انتخابات ديمقراطية نزيهة, تقطع ايادي وذيول الأختراقات الأقليمية والدولية, وتسارع لوأد الفتنة بكل اشكالها الطائفية والقومية, واعادة انعاش الهوية الوطنية, لتضميد جراح الوحدة المجتمعية, تهذب الدستور من كل اعراض سؤ الفهم والكراهية, واعادة النظر في نظام الفدراليات والأقاليم, ثم اصلاح امرها من داخل, وحدة العراق الجغرافية والأجتماعية والسياسية, قبل كل ذلك الفصل التام بين الدين والدولة, ليكتسب رجل الدين هيبته, من خارج تدخله في حياة الفرد والجماعة, كوسيط محتال.

3 ـــ يتوهم البعض ان بأستطاعته, ان يعيد الحياة الى نعشه, ربما يصمد الوهم الى حين, لكن الحقائق سترفع عنها, تاريخ الأكاذيب والتضليل وعقائد الأحتيال, لتقول كلمتها في ساحات التحرير, ويهتف التاريخ الوطني لوحدة العراق وسلامته, كما لم يعد بالأمكان جمع اليل والنهار على سطح واحد, مثله لا يمكن الجمع بين جيل اكتسب شخصيته, من الجوع والفتوة وتفاعل داخله مع خارجه المشبع بالتحولات الحداثية العميقة, وبين جيل قديم غابر لا يجمعه مع الجديد, مضمنون مرحلة واحدة, جميع احزاب الجيل القديم, تأدلجت بالتبعية لخارجها, قومية كانت او اممية, او اسلامية عابرة للجغرافية, تلك التبعية كانت السبب في سحق الوطنية العراقية, هوية وانتماء وولاء, يمكن القول هنا, ان جيل التبعية جماعات او افراد, كان الأكثر تعرضاً للأصابة, بأعراض الأنتهازية والوصولية والنفعية ونهج ألمساومة, يرافق ذلك تفكيك المواقف, وسرعة الأنحناء كذيول المهزومين.

4 ـــ اضافة لما ذكرناه, فالأحزاب القديمة التي اتخذت من تبعيتها شكل العبودية, وعبر مركزيتها العمياء اختزلت قواعدها وحاصرتها, في عبودية القيادة لخارجها, بعكسها الجيل الجديد, ولد وتصلب عوده, من خارج عبودية التبعية للأختراقات الخارجية, ولم يتأثر بتجربتها وتاريخ هزائمها وانحرافاتها, فأغلبه لا يعرف عن الشيوعية وامميتها, ولا عن البعثية وقومية عقائدها, ولا على جهادية الأسلام العابر للجغرافية, جميع الكيانات المؤدلجة بالتبعية, كانت ولا زالت بقاياها, مصابة بفقر الوطنية, وحده الجيل الجديد معافا بكامل الوطنية, “يريد وطن” يفاضل به ويعيد بنائه, بما يليق بمجتمع وطني, ودولة ذات سيادة قادرة على حماية داخلها, من اختراقات خارجها, ولا مكان فيها لأيتام التبعية. تقطع النفس الأخير لشراسة الردة, وبوطنية تواصل حتمية التغيير والبناء.