22 ديسمبر، 2024 10:21 م

لك أن تتصور موقف شخص ما !

لك أن تتصور موقف شخص ما !

لك ان تتصور موقف (شخص) يتغنى بالثورة الفرنسية التي اندلعت يوم 14 تموز 1789 في باريس، واقتحمت سجن الباستيل وأفرطت باستخدام العنف، اذ سجل التاريخ الفرنسي قيام الثوار بذبح مدير السجن ووضع رأسه على رمح، وقاموا بالشيء نفسه مع رئيس البلدية. واعدموا الملك لويس السادس عشر والملكة ماري أنطوانيت وحاشية القصر، لكن هذا (الشخص) يتبرم منك حين تحتفل بثورة 14 تموز عام 1958 ويعدك متبنيا العنف لان نفر من المندفعين قتل بعض رجال الحكم الملكي، مع انك لست مع القتل.! ولست طرفا فيه.
لك أن تتصور موقف (الشخص) الذي لا يخفي امتعاضه من تذمر الناس وسخطهم لسوء الأوضاع الأمنية والمعيشية، ويستكثر على المواطن التعبير عن عدم رضاه عن تفشي الفساد وسوء الإدارة وضعف الخدمات وعدم الوفاء بالتعهدات التي قطعها المتنفذون على انفسهم في خدمة المواطنين، يعد هذا (الشخص) ان موقف المواطن سلبي لا يرتقي الى مستوى التصدي، لكن هذا (الشخص) لم يدرك ان السخط وعدم الرضا وعدم القبول هو مقدمة الرفض، والواجب يقتضي ان يسهم هذا (الشخص) في مسعى تحويل الموقف السلبي الى موقف فعال باتجاه التغيير.
لك أن تتصور موقف ( الشخص) الذي يدعي بناء الدولة العادلة، دولة القانون والمؤسسات، ولكنه يعد موقف الناس الناقد للأوضاع موقفاً عدمياً وغير واقعي، ليس هذا وحسب بل يعد رافضي المحاصصة لا يمتلكون بديلا، ويعتبرهم كمن يشخص المرض من دون وصف الدواء، والمفارقة تكمن بان الدواء حسب وجهة نظرة، هي المحاصصة ذاتها، ولا يجد من دونها حلا، فالخلاص من المحاصصة، تعني له طريقا واحدا وحسب هو منح السلطة لطائفة معينة لاستعباد الطائفة الأخرى. وهكذا يسقط هذا ( الشخص) في فخ المحاصصة ويتناسى ان العدل والانصاف لا يستقيم الا بدولة المواطن?، الدولة المدنية الديمقراطية، وهي البديل لنظام المحاصصة الطائفية.
لك ان تتصور موقف ( الشخص) الذي يدعي الديمقراطية، ويكتب ويعارض ما يحلوا له، حيث يمنح نفسه الحق في إبداء رأيه بشأن الاوضاع السياسية والفكرية وينصب نفسه حاكما على كل فكرة يطرحها ويتبناها الآخرون، لكن إياك وان تعترض او تناقش او حتى تتباين مع إي موضوع يطرحه، عند ذاك فتهمته لك جاهزة، بانك مؤدلج، نظرتك قاصرة، منحاز، غير واقعي. وهلم جرا. وهكذا فالديمقراطية تعني ان الحق محصور له وحده فقط في القول والنقد والتحليل.!
لك ان تتصور موقف ( شخص) ضاعت بوصلته، وتوهم بان الإرهاب مقاومة، ولم يرف له جفن، حينما طالت الإعمال الإرهابية الابرياء العزل، الأسواق والمدارس وساحات انتظار العمال الإجراء لطلب فرصة عمل. يلصق هذا ( الشخص) الذي يعيش أزمة ضمير، كلمة مقاومة على تلك الجرائم المشينة، لكن هذا ( الشخص) سرعان ما يعلن إدانته لأي عملية إرهابية تحدث ببلد غير العراق، ويسارع في إعلان تضامنه مع الضحايا الذين يسقطون هناك!