19 ديسمبر، 2024 12:51 ص

لكي لايغيروا حقيقية انتصار الشعب العراقي

لكي لايغيروا حقيقية انتصار الشعب العراقي

عندما احتلت الجيوش الالمانية فرنسا وقف الشعب الفرنسي خلف المقاومة الفرنسية المسلحة كل حسب مقدرته وكل الشعب كان حاضنة لهذه المقاومة, وعندما تحررت فرنسا فأن المقاومة هي التي انتصرت وكل الشعب انتصر معها وبها, طبعا بمساعدة قوات التحالف,ولكن قوات التحالف تركت فرنسا وبقى الشعب ومقاومته ليعيدوا بناء فرنسا, جاء الاحتلال الامريكي للعراق بدل الاحتلال البعثي وقرر الشعب مقاومة الاحتلال عن طريق المقاومة السياسية بلحمة مع الاحزاب التي اختارها لتمثله في مجلس النواب وكانت مشاركة الشعب تمثل اعلى نسب المشاركة عالميا ووقف الشعب خلف حكومته لتخلصه من الاحتلال وتم هذا الشئ بدايتا من خلال توقيع اتفاقية الانسحاب ثم تطبيقها ثانيا,وقد نعتنا الناعتون انذاك بالعمالة وشبه ساسة العراق بحكومة فيشي تشبيها لها بتلك الحكومة التي وضعها الالمان خلال احتلالهم فرنسا فمنهم من رفض الاعتراف بالحكومة ومنهم من تلكأ ومنهم  من لايزال… وكلا لديه سببه سياسيا كان أم طائفيا أو غيره.

انسحبت القوات الاميركية من العراق مخلفتا وراءها انقاض كل الحروب التي مر بها هذا الشعب,وتعالت اصوات من داخل العراق جنوبا تدعي بانها سبب خروج المحتل وانتصار المقاومة.. فقط تلك المقاومة, ورفعت رايات النصر في العراق ولبنان وطبعت بوسترات لتملاء جدران بيروت,وبنفس الوقت تعالت اصوات اخرى من غرب العراق واعظمية بغداد تدعي النصر وانتصار المقاومة وخروج المحتل بسبب تلك المقاومة ونفس كتاب الطائفية عن احقادهم ليعبروا عن قوميتهم العروبية بان عرب العراق هم المقاومة وفرسه هم اولاد العلقمي,وكانها قصيدة الحقد الطائفي كل بيت بها كأناء ينضح بما فيه,بيت يسمي الايرانيين بالفرس وتستخدم كلمت فرس في مصطلحهم لتعبر عن تحقير كما اصبح استخدام كلمت عرب عند الغرب وكما استخدمها فقيههم صدام حسين وسار من بعده من تدين بدين جديد بعث-سلفي ولد من أب غير شرعي متمثلا ببقايا البعثيين وأم غير شرعية هي القاعدة ولدت في ارض الجزيرة  وترعرعت في أفغانستان برعاية غربية  من كل الغرب ووصلت لدرجة الاجتهاد لتنشر رسالتها الاجتهادية بمفخخات تنال من الاسواق الشعبية ومدارس الاطفال ومؤخرا وليس أخيرا من زوار الشيعة في أربعينية الامام الحسين وكأن هؤلاء الكتاب نسوا أو تناسوا ولكني أعتقد بانهم أرادوا أن ينسوننا المساوات التي فرضها الرسول الكريم على المجتمع بان يساووا بين الحبشي بلال والفارسي سلمان والرومي صهيب… وان العرب نهرا صغيرا من ضمن المحيط الاسلامي الكبير الذي يصب كل منهما في الاخر.

لقد جثم البعث على صدور العراقيين…كل العراقيين في اربيل والرمادي والنجف وبغداد بكرخها ورصافتها على مدى أكثر من ثلاثين سنة قتل فيها الشيوعيين وشردوا كتعبير مجازي أو حتى تورية لاول تسفيرات بدأها النظام بالعراقيين ثم تبعها باصحاب الجنسية اللاعثمانية,ثم جاءت النقلة النوعية باستخدام النظام الصدامي كدرع ضد الثورة الاسلامية من قبل اميركا ومن استظل بظلها بحرب اشعل نارها النظام العراقي الكبير من بغداد والخليج وواشنطن, وكان حطبها شباب العراق ووقودها نفط الجزيرة التي اصبحت مجلسا للتعاون لذلك الوقود,وعادت الينا انتصارات القعقاع وظهر تعبير الفرس المجوس,وانتهت الحرب ولم بل ولن تنتهي,لانها ليست بين العراقيين والايرانيين, بل لأنها سياسية تستخدم الطائفية ,ثم احتل صدام بجيشه الخامس عالميا الشقيقة الكويت وسرقت ونهبت وأحرقت وهجم السيد الامريكي على عبده صلاح الدين الثاني تحت مسمى تحرير الكويت خلال فترة فتح مطاعم المكدونالد في ساحة استعراض الجيش الاحمر في موسكو كنظام دولي جديد,غاب عنه الاتحاد السوفيتي وقصص تولستوي لتحل محلها قصص المحافظون الجدد,وفي احدى الروايات كتب جورج بوش الاب بعد تحرير الكويت دعوته الشعب العراقي لينتفض ضد صدام حسين وأنتفض الشعب العراقي  وسقطت أربعة عشر محافظة ولكن الربيع لم يكن ربيعا انذاك أو ربما لم يكن عربيا فسمح شوارزكوف لجيش النظام بالدفاع عن نفسه بكل الطرق اللاانسانية بتوقيع اتفاقية خيمة الذل في صفوان بتغطية اعلامية امريكية-اوربية-عربية ومر الربيع العراقي كفصل ليس له وجود في فصول السنة او لعله ممنوع الوجود انذاك,وتوزعت أرواح الشهداء حبيسة دموع أحبائهم تحت أرض الجنوب المسرطنة وأنفال شماله والباقي في خيوم اللجوء اللاانساني في رفحاء وبقية المعمورة.

ثم فرض الحصار الاقتصادي بعد ذلك على هذا الشعب, على ما بقى من هذا الشعب وأستمر أكثر من عشر سنوات بنفس فترة استمرار المزاد بارواح العراقيين ببيعة النفط مقابل الغذاء, فالنظام يزايد بصور وافلام الاطفال العراقيين الذي يعانون من الجوع بسبب تخزينه الادوية والمواد الغذائية في مستودعاته ليذل بها الشعب بحصته التموينية والباقي يوزع بين أزلامه في السوق السوداء أما بقية النفط مقابل الغذاء فالمعلن يذهب لصندوق لاقعر له,اكتشفنا قسم منه تحت مسمى صفقات النفط مقابل الغذاء والباقي ضاع كضياع مليارات صدام.

ثم جاء الاميركان بكذبة أسلحة الدمار الشامل ونسخ بمنسوخ الديمقراطية للعراقيين وجثم على صدور العراقيين بمسمى الاحتلال لتسع سنوات ليكسر ماأبقاه النظام من ضلوع لم تكسر,وقتل من العراقيين تحت اسم الجيش الامريكي وبلاك ووتر أو أي اسم اخر,وتحول العراق الى ساحة لتصفية الحسابات وجاء المجاهدون العرب ضد الاحتلال بفتاوى لاأدري ماذا اسميها سلفية أو وهابية  مع بعثية ولكنها بكل حال اتية من ارض المقدسات الحجاز باحضان بعثية أو صدامية لا ادري ماذا اسميها مراعاة للمصالحة الوطنية,وذهب هؤلاء (المجاهدون الابطال) ليقتلوا اطفال بغداد الجديدة بحزام ناسف ومفخخة في سوق في مدينة الصدر ويفجروا سامراء بعبوة والقرى الازيدية بشاحنات وكنائس وبيوت المسيحيين بالرشاشات والقنابل كل ذلك جهادا ضد الاميركان وعدم قتل اي امريكي خلال ماعرض من عمليات (استشهادية) حسب مفهوم هؤلاء.

نقول لهؤلاء بان سامراء ستبنى من جديد وسيكون عدد الزوار اكبر لأنه اصبح رمزا بعد ان فجر,وان هذا حجرا يعاد بناءه وان موضع السبطين هو في قلوب المحبين والموالين,فالكعبة سبق وان هدمت ولكنها بقت رمزا, كذلك الحال بالنسبة لكنيسة النجاة التي اصبحت رمزا لتاخي هذا الشعب ولحمته ضد هؤلاء الضاليين المضللين, وسنخلد شهداءنا مابقينا وبقى العراق.

لقد ذهب صدام وزبانيته والمرتزقة الذين ساروا خلفه وبقى الشعب, بشهداءه من الحزب الشيوعي والاحزاب الاسلامية من المجلس الاعلى وبدر والدعوة والعمل والاخوان واخرون…بعلماءه  الصدر والبدري والحكيم والقائمة طويلة…ومئات الاف الشهداء الذين استشهدوا على يد صدام ونظامه ثم على يد الاميركان والمرتزقة من الدول العربية من تكفيريين وقاعدة بحاضنة بقايا النظام السابق,لقد انتصر العراقييون بصناديق الانتخاب التي فرضها على الاحزاب السياسية وشكل وخريطة مجلس النواب بزفة البنفسج, يجب ان لاننسى تلك الدماء التي خلطناها مع الحبر البنفسجي,فالناس كانت تقرأ الشهادتين والوصية قبل فتح باب الدار والذهاب للانتخابات لان الموت قد لبسه ارهابي خلف باب الدار ليغتال حريته, ولكنه شعب أختار أن يمشى وراء من رفع رأسه ورؤوس أهله وأصحابه ليكون انتصارا للارادة على القوة ,للدم على السيف فأن انتصار تلك الثورة متواصل منذ الحادي والستون من الهجرة في طف كربلاء وحتى الامس بزوار الاربعينية في البصرة, وهذا ليس نهاية الطريق,فطريق الحق صعب وطويل ولاتزال معاناة الشعب مستمرة من الارهاب كارهاب القتل والدماء وارهاب الاعلام والتحريض ضد ابناء الشعب العراقي.

فمثلما انتصر ذاك الرأس المرفوع على الرمح وثمار هذا النصر مئات الملايين في المعمورة لغاية يوم امس,فأن تضحيات الشعب العراقي –كل الشعب العراقي قد أتت بثمارها يوم انسحاب أخر جندي أمريكي.
[email protected]