23 ديسمبر، 2024 3:20 ص

لكل من يسأل بحثا عن الاسباب ( هذا ما حصل )

لكل من يسأل بحثا عن الاسباب ( هذا ما حصل )

يكذب من يقول ان الرئيس صدام حسين كان لا يسمع الا نفسه
ويكذب من يقول انه تحدى الرئيس صدام في قول او فعل اثناء فترة حكمه
القولين أعلاه كاذب من يدعيها
كان الرئيس صدام حسين مستمع جيد لما يطرح من قادته العسكريين واقصد بالقادة الحقيقيون الذين كان ولائهم للعراق وجيشه وينفذون أوامر القائد العام حسب سياقات الضبط العسكري،
و كان الرئيس صدام حسين ايضا يتأثر ك ( بشر ) بمحيطه ومن يعتبرهم خاصته وأقاربه وللاسف لم يكن بعضهم على قدر كبير من المسؤولية والعلمية التي كان لابد ان تتوفر فيهم مزايا ليكونوا حول رئيسا للعراق كالرئيس صدام تحفه المخاطر وتترصده الاعين وله فلسفته الخاصة بأمنه الشخصي وأمن النظام
سقت هذه المقدمة لكل الإخوة الذين يتسائلون دوما عما جرى ولماذا جرى كل هذا والعراق يملك قادة جيش يشار اليهم بالبنان!
فبالعودة الى بداية حرب القادسية ( وانا هنا اتحدث عما يخص القوات المسلحة ولا دخل لي بسياسة الدولة العامة ) كان الصغار لايزالون صغارا بالعمر وكانت هيئة ركن القائد العام من ذوي الخبرة والكفاءة والمسؤولية والمهنية حتى وان اخذ على بعضٍ قليل منهم التردد بمواجهة القائد العام ببعض الحقائق العادية والتي كانوا ( هم ) وليس ( هو ) من يخشى الحديث عنها ضنآ منهم انها قد تتسبب في اتهامهم بالتردد وعدم الشجاعة خصوصا بعد امضوا اغلب حياتهم العسكرية بنظافة ونجاح ، لكنهم يخشون ان تختم حياتهم العسكرية بفشل عسكري يودي بهم الى عزل مهين
واتهام بالخيانة
مرت هيئة ركن القائد العام للقوات المسلحة بعدة مراحل يمكن تلخيصها بالاتي :
مرحلة بداية الحرب العراقية الايرانية ولغاية عام ١٩٨٦ اي بعد احتلال الفاو والتي تميزت بالكلاسيكية العسكرية والتحفظ باتخاذ القرار وتأخيره لحين بت القائد العام بالقرار المناسب، وهذا لم يكن مناسبا في ظل ظروف حرب مستمرة وصلت عامها السادس من غير مؤشرات للحسم فقد كان كل قرار على مستوى القيادة العامة للقوات المسلحة لابد ان يبت به القائد العام شخصيا حتى بوجود نائبه الفريق اول الركن عدنان خير الله ولهذا فمن الصعب بمكان ديمومة الانتصارات والمعارك وتطوير اتجاهاتها واستثمارها ، كون القائد العام ذاته هو رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ، ومطلوب منه متابعة تفاصيل عمل الدولة الاخرى ، وزارات ومؤوسسات والتي لا تقل أهمية عن الجوانب العسكرية ومتطلبات الحرب، لهذا كانت هذه المرحلة ان صح التعبير مرحلة كلاسيكية بامتياز ومرحلة الدفاع مستكن عسكريا خصوصا بعد انسحاب العراق للحدود الدولية عام ١٩٨٢ .

جاءت المرحلة الثانية من عمل القيادة العامة للقوات المسلحة للفترة من عام ١٩٨٦ ولغاية النصر والسلام عام ١٩٨٨
حيث دفعت دماء جديدة وتغير نمط ادارة القيادة العامة للأحداث فاصبحت هيئة الركن تبحث عن التطور ومسك زمام المبادأة بتغيير هيئة الركن بقادة متجددين فكان لاختيارهم الدقيق الأثر الكبير في تحول الحرب من الدفاع الى الهجوم وتكسير اجنحة العدو فكان الفريق اول الركن نزار الخزرجي والفريق اول الركن حسين رشيد والفريق الركن صابر الدوري نواة هذه الهيئة ومحركيها الاساسيين ، واستطاعوا بتناغم كبير وجراءة شجاعة من استثمار الانتصارات وتغيير نمطية القادة الميدانين وتحريكهم بما يناسب مرحلة الهجمات لكسر العدو ووضع حدا للحرب التي طالت ، فعقدوا الاجتماعات والندوات وكثفوا زياراتهم الميدانية للقطعات وحضرو بكل ثقلهم في قواطع العمليات ذات الاهتمام وناقشوا كل قادة التشكيلات بمتطلبات تحقيق الغاية في إنهاء الحرب بنصر مبين ، خصوصا بعد ان أوكل اليهم القائد العام مهمة ادارة صفحات الحرب في عامها الاخير والتي توجت بتحرير الفاو وباقي الاراضي المغتصبة التي تمثلت بمعارك التحرير الكبرى
فقد كان الثلاثه يتصدرون المشهد ويتواجدون في مقرات القيادة والفيالق للاشراف على تنفيذ صفحات التحرير.
في هذه المرحلة بدء الصغار بالتحرك والتغلل في أوساط الجيش ووجدوا ضالتهم ببعض المنافقين المحسوبين على المؤسسة العسكرية الذين سهلوا عمل الصغار بتنفيذ أحقادهم مقابل مصالح شخصية ،فبدأت الشكوك تحوم حول قادة الجيش الوطنيين بفعل الانذال ،وبالفعل استطاع الصغار تشويش القيادة وزيادة شكوكها حول الكثير من الشجعان الوطنيين .
وبانتهاء القادسية واستشهاد الفريق اول الركن عدنان خير الله وزير الدفاع الذي كان يعتبر المصد والصمام الأمين لقادة الجيش عند القائد العام ،يصد سهام ضعاف النفوس و وشاياتهم الكاذبة. وبأستشهاده رحمة الله أصبحت الساحة ملائمة وجاهزة للصغار الذين كبروا ( عمرا ) وتولدت لديهم عقدة النقص تجاه القادة الوطنيين ذوي العزة بالنفس وكبارها لإقصائهم وإبعادهم عن المشهد .
وبانتهاء حرب الكويت وما تلاها من احداث وتدمير قوة الجيش ومؤسساته بخطة ممنهجة أمريكيا ، والتي كانت الاستخبارات ومديرها العام قد نبهوا القيادة مرات ومرات من ان الهدف هو تدمير العراق وجيشه ولكن حصل ما حصل فأنتهت بذلك مرحلة القادة العسكريون المتمرسين على ادارة دفة الحروب والذين كان القائد العام يستمع دوما بأهتمام لهم ويأخذ بإراهئهم ويترك لهم حرية التصرف .
فأحيل بعضهم على التقاعد وهم في قمة عطائهم وأوج خبرتهم ، فخسر الجيش خبرات نضجت في الحروب والدفاع عن العراق ، وتداركت القيادة هذا الخطأ الجسيم وأعادتهم بعد سنين للعمل كمحافظين في محافظات العراق و لم تستطع إعادتهم الى الجيش الذي سيطر عليه في هذه المرحلة من لا يمتلك الخبرة الفكرية ولا العمرية ولا حتى القيادية في ادارة شؤونه وأصبح المقياس بولاء الضابط ومهنيته لمن يقول كلمة ( سيدي ) اكثر لمن لا يستحقها، ولمن هو دخيل على المؤوسسة العسكرية.
جاءت مرحلة اخرى وهي امتداد للمرحلة الاخيرة قبل الاحتلال بتولي من لا يصلح قيادة التشكيلات بناءا على الولاء لهذا المسؤول او ذاك ممن كانوا محط ثقة الرئيس ولم يكونوا اهلًا لتلك الثقة فأصبحوا يوزعون المناصب في زمن الحصار بناءا على ولائات الضباط لهم، ورغم وجود الفريق اول سلطان هاشم وزيرا للدفاع وهو اخر من بقي من قادة القادسية في المؤسسة العسكرية بعد ان شمله الأبعاد لفترة وعمله كمحافظ للموصل الحدباء قبل إعادته كرئيس لأركان الجيش ومن ثم وزيرا للدفاع الا ان الامر لم يكن بيده ولا يستطيع فعل شئ امام نفوذ الصغار الذين كبروا ( عمرا )
لهذا السبب ورغم تفوق الدول العدوة للعراق وعدم تكافئ طرفي الحرب عام ٢٠٠٣ الا ان من كان على امر الجيش وأمري التشكيلات لم يكونوا بالمستوى المطلوب ولم يشاركوا كقادة ميدانيين في القادسية كان سببا في كل ما حصل.