18 ديسمبر، 2024 7:59 م

تعتبر الحياة البشرية منذ خلق الله آدم وحواء، هي مرحلة صراع بين خصلتين مختلفتين من حيث المبدأ ، والقوة والمكانة والدين ، بل نعبر عنهما بتعبير أدق هما طريقان آحدهما يحمل عقيدة الإيمان بالخالق وما انزل على انبيأئه ورسله، وهذا صفته الرئيسية مقارعة الحكومات الظالمة والجائرة، وطريق آخر يمثل الطغات والحكام الذين يؤمنون بالخالق، ويخالفون رسالته التي جاء بها الرسل و الانبياء.
لقد كان في تاريخ الانبياء أثنين من أشد الطواغيت كفرآ وعنادآ وستكبارآ للرحمن، وهم النمرود في عهد إبراهيم عليه السلام واحد الفراعنة في عهد موسى عليه السلام، وهم من رسل أولي العزم، ولقد جعلهم الرب ( النمرود وفرعون) آية وعبرة لمن اعتبر، وخصوصآ فرعون لانه طفى على الماء، وفعل ما فعل في قوم موسى قبل وبعد مبعث موسى عليه السلام، وتحدى االخالق هو وهامان ببناء صرح ليتسلقه! ولقد قتل فرعون اطفال بني إسرائيل لخوفه من نبوءة على يد صبي من بني إسرائيل، وتجاهل قدرة الرحمن، هكذا جعل الرازق، زوال ملك فرعون على يد صبي تربى في حجره وأمام عينيه وفي حجر آمراته! ألا يستحق الموقف وقفة تأمل في أمر الله؟! والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وتستمر هذه الكبرياء والعظمة عند طواغيت العصر، أمثال يزيد وما فعله مع الامام الحسين عليه وعلى آله افضل الصلوات، في كربلاء وإخراجه من مدينة جده، حتى أصبحت ثورته منتصرة تستمد الشعوب قوتها ونتصارها من تلك الدماء التي سألت على أرض كربلاء ، لتعلن انتصار الدم على السيف، هكذا قالها غاندي تعلمت من الحسين ان اكون مظلومآ فأنتصر.
أن الشهادة تمنح الحياة للأمم، هكذا لاقت عائلة زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم (قدس) ظلم طغات عصرهم من البعث وطاغوته، من اعدام شباب ورجال هذا البيت الطاهر، وحبس القسم الآخر، إلا لأنهم يحملون رسالة عظيمة، هي رسالة الله إلى خلقه، ويحملون سيرة الحسين الجهادية التي تجسدت بشعاره( هيهات منا الذلة ) لترتفع مبادئ العدل والمساواة والحق التي جاءت على لسان نبي الرحمة عليه وعلى آله افضل الصلوات.
ولتبقى المسيرة حية في مقارعة الكفر، كان لهذه العائلة الإيمانية رجال عاهدوا الله على حمل الرسالة، فكان السيد محمد باقر الحكيم هو من يحمل هذه الراية، وكان من أوائل العاملين والمؤسسين للحركة الإسلامية في العراق، كما كان اخوه السيد الشهيد مهدي الحكيم، كانوا قطبين أساسيين في مرجعية والدهم الامام الحكيم (قدس).
تعرض إلى عدة اعتقالات من قبل نظام العفالقة في بغداد، أعتقل اول مرة عام ١٩٧٢، ثم أطلق سراحه.
أعتقل عام ١٩٧٧ بسبب الدور البارز في انتفاضة صفر، وحكم بالسجن المؤبد من دون أن يقدم للمحاكمة، وتم إطلاق سراحه في عفو عام في ١٧ تموز ١٩٧٨، ومنع من السفر ووضع تحت المراقبة السرية.
قام بخطوات كبيرة في هذا المجال أسفرت عن تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، اهتم بتصعيد الروح القتالية لدى العراقيين، فأسس في بداية الثمانينات التعبئة الجهادية وتشكلت نواة خير من المقاتلين، ثم تطورت حتى أصبحت فيلقآ، يعرف باسم فيلق بدر.
عاد إلى العراق ٢٠٠٣/٥/١٠ ، وهو يحمل هموم شعب بكامله، واستقر في مدينته التي ولد وترعرع بها، لينطلق من جوار جده أمير المؤمنين عليه السلام، في بناء جيل الشباب وهم يحملون رسالة عظيمة تحت راية المرجعية الدينية في النجف الاشرف، حتى خلدة كلمته من ضريح علي الخلود أني اقبل ايدي المراجع، هكذا قارع الظلم والطغاة كل هذه الأعوام، حتى يوم الجمعة الأول من رجب ١٤٢٤هجري، أمتدت يد الطواغيت والفراعنة، لتنال روحه الطاهرة بعد خروجه من محراب الصلاة في الصحن الحيدري، لترقى إلى ربها اسوة بالشهداء الذين سبقوه، وفي رواية عن الإمام الصادق (ع): (إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة، لا يسدها شيء إلى يوم القيامة).
هكذا خلد هذا اليوم لجميع الشهداء وفي مقدمتهم السيد الشهيد محمد باقر الحكيم(قدس) والذين قدموا أنفسهم قرابين لنيل الحرية من أيدي السلطة الديكتاتورية الصدامية، لاسيما انه سليل عائلة العلم والعمل والشهادة و أمضى حياته في التفقه والعطاء خدمة لدينه ووطنه منذ صباه ولحين نيله الشهادة على يد الغدر والتكفير، وجاءت فكرة تسمية يوم الشهيد العراقي بعد استشهاده، ولكونه شخصية علمية كبيرة ووطنية وكان يمثل تطورا مهما على الصعيد العراقي، اجتمع مجلس الحكم حينها واتخذ قراراً باعتبار يوم استشهاد السيد الحكيم في التاريخ الهجري اي الاول من رجب يوماً للشهيد العراقي ليكون استذكاراً لكل شهداء العراق.