17 نوفمبر، 2024 10:02 م
Search
Close this search box.

لقد تعلمنا من حياة أم البنين عليها السلام

لقد تعلمنا من حياة أم البنين عليها السلام

إن الرؤيا أو الأحلام هي رسل السماء تبشر أو تحذر به من تحب من العباد ، وهو علم لا يمكن أن يغوص به إلا المتخصصون ولا يعرف رسائله إلا العالمون ، وعلى الرغم من أن الرؤيا أو الحلم ليس بحجة ولكنه من الفيوضات الرحمانية التي يمنها الله سبحانه على عباده ويترك لهم كامل الحرية بالعمل بها أو تركها فكانت رؤيا والد أم البنين حزام الكلابي وكذلك رؤيا أم البنين بسقوط القمر والأنجم الثلاث في حضنها .
وأن تربية الأولاد مهمة عظيمة ومقدسة لا يجني منها الوالدان إلا الخير وقد يتأخر بعض الشيء حصاده في الدنيا ، كالأرض عندما تضع بين طياتها البذور الملائمة وتسقيها بأعذب الماء ، فإذا كانت الأرض خصبة وتحيط بها ظروف تلائم هذه البذور فسوف تعطيك ثمار تلائم خصوبة الأرض من ناحية الصفات فكانت تربية حزام الكلابي وزوجته لأم البنين عليها السلام .
الجواهر الثمينة لا يقدرها إلا من يعرفها ولا يثمنها إلا من يعلم حقيقتها والفوائد التي سيجنيها من اقتنائها ، فإذا سقطت هذه الجواهر في أيدي الجاهلون بصفاتها وفوائدها فأنهم سيطمرونها بالغبار وتصبح جزءاً من المقتنيات التي تمتلئ بها خزائن الاثرياء التي لا يستعملونها إلا للتظاهر بالثراء الموهوم ، وأن سقطت بيد العارف الخبير فسيظهر حقيقتها التي تغني الروح والعقول والأجسام ومن ثم تبهر العيون ، فكانت الجوهرة أم البنين عليها السلام الذي لا يعرف حقيقتها إلا أمير المؤمنين علي عليه السلام.
سؤال الأعلم للعالم أو الفاضل للمفضول من أهم الطرق لإظهار حقائق الأشياء على الرغم من معرفة الأعلم بجواب سؤاله ، ولكنه تارةً يريد إظهار مستوى علم المفضول أو يريد إرشاد الناس الى أخذ العلوم إلا من أهلها أو يريد إظهار أهمية هذه العلوم وصفاتها من خلال ذلك المفضول فكان سؤال أمير المؤمنين عليه السلام لأخيه عقيل بامرأة ولدتها الفحول من العرب فكان الجواب مسرعاً أين أنت من أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية سلام الله عليها .
المعرفة الحقيقية بأوامر الله سبحانه وتعالى وتطبيقها وحب الخير للآخرين لا ينتج إلا الرفعة والخير والسعادة في الدارين فكانت علاقة أم البنين عليها السلام مع ساداتيها وأئمتها الإمام الحسن والحسين وكذلك الصديقة الصغرى زينب عليهم جميعاً سلام الله .
عندما تتوفر الأرض الخصبة والبذور المختارة والتربية الحقيقية الهادفة تنتج ثمار فريدة تتلاءم مع ما قدم لها من مقدمات فكان أمير المؤمنين عليه السلام وأم البنين عليها السلام وثمارهم العباس وأخوته سلام الله عليهم .
العطاء لا يعتمد على الكمية ولكنه يتلألأ كلما خلصت النية ويصبح أكثر بريقاً وجذابية وابدياً عندما تمتزج النوعية بالكمية وتكون الغاية الحقيقة الكبرى التي من أجلها خلق الله سبحانه وتعالى الخلق لعبادته وطريق العبودية لا يمكن أن يكون إلا بالولاية العلوية فكانت تضحية أم البنين عليها السلام بأولادها الأربعة من أجل الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء .
المواقف العظيمة لا يحددها وقت أو مكان أو ظرف ولكن يحددها توفيق الله سبحانه وتعالى وإرادة الإنسان وما يحمل في طياته من أفكار ومعتقدات تؤهله للقيام بهذا الموقف العظيم الذي يخرج من خلال كلمة أو موقف أو تضحية وجميعها جائز أن لا يستغرق سوى دقائق أو ساعات ولكن لأهميتها وتأثيرها وعظمتها سوف يسجلها التاريخ وتتغنى بها الأجيال لأخر الزمان فكانت مواقف أم البنين عليها السلام وأبنها قمر بني هاشم العباس وأخوته عبد الله وعثمان وجعفر سلام الله عليهم . فسلام عليك يا باب الحوائج ويا من فديتي بأولادك من أجل ولاية زوجك أمير المؤمنين عليه السلام ووفاءاً لسيدتك فاطمة الزهراء عليه السلام ، و رسمتي لنا طريق السعادة الأبدية بأفضل الطرق وأسهل الوسائل .

أحدث المقالات