23 ديسمبر، 2024 4:24 ص

لقائي مع الرئيس بشار الأسد!

لقائي مع الرئيس بشار الأسد!

كان يوماً استثنائياً عندما قررتُ الذهاب الى سوريا برفقة زوجتي، التي تحمل أمنية منذ صباها، وهي زيارة السيدة زينب (عليها السلام) ففي نيتي مفاجئتها، وأخذتُ جواز سفرها مع جواز سفري، وذهبت مسرعاً الى مكتب للسفريات، وحجزت تذكرتين ذهاباً وإياباً الى بلاد الشام، سعادة لا توصف، وإبتسامة الرضا ملأت محياها عند سماعها بأني حجزت تذكرتي سفر، لتحقيق حلمها في زيارة سيدة الصبر ووزيرة الإعلام الناطق لآل بيت محمد (صلواته تعالى عليهم أجمعين).

جاء اليوم الموعود، وإتجهنا الى المطار؛ لننتظر تلك الطائرة من شركة (أجنحة الشام)، وموعدنا الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً، تأخرت الطائرة حتى الساعة الثانية والنصف ظهراً، بسبب الضباب الكثيف في دمشق، ركبنا الطائرة من مطار بغداد متجهين صوب الشام، حطت رحالها بمطار دمشق في الساعة الرابعة عصراً، بدأت القصة عند ذهابنا الى ضابط الإستقبال الجالس خلف (كاونتر) في المطار، ليختم لنا جوازاتنا والذهاب الى الفندق، وهنا حدثت المفاجئة!

بعد أن ختم جواز سفر زوجتي، أخذ جواز سفري في يديه وأدخله الى كمبيوتر كان أمامه، نظر إليَّ وقال بكل برود: عليكَ منع التأشيرة والدخول الى سوريا! نادى أحد الأشخاص من الذين يقفون دائماً بالقرب منهم، وقال له: (خذ هذا الشخص الى ضابط المطار)، ذهبت معه دون أي كلمة من هول الصدمة، كان الضابط برتبة عقيد، نظر اليَّ وقال: دع زوجتكَ تدخل الى سوريا، وأنت ستعود الى بغداد.

ردت زوجتي: سأبقى معه أو أعود، أجابها: ستعودين برضاكِ أنتِ، أما هو سوف يعود قسراً الى بغداد، اليوم أو غداً، إذ كان الوقت حينها قد تجاوز السادسة مساء بتوقيت دمشق، ذهبت زوجتي الى صالة الإنتظار، وأنا ذهبت الى النظارة داخل المطار، أخذ مني اليأس والحزن كثيراً حتى بانَ على محياي، فالشعور بالذل والهوان أمر لا يوصف؟

بعد مرور ساعة او أكثر سمعت جلبةً لجميع الموظفين، والمخابرات، والأمن السوري داخل المطار، كأنهم في سباق مع الزمن، تساءلتُ عن السبب، قال لي الرقيب أول وسام، وهو المسؤول عن سجن المطار، أن الرئيس بشار الأسد هنا، فرحتُ كثيراً وقلتُ في نفسي: سوف أكلمهُ وسينصفني، فأنا عربي أولاً وعراقي ثانياً وسوريا عربية، وما هي إلا لحظات وإذا بالرئيس بشار الأسد أمام باب النظارة!

ناديتُ عليه: دكتور بشار، سيادة الرئيس.. إلتفت عليَّ فبادرته بالقول: أنا عراقي وإعلامي، قال: دعوه يأتي اليَّ، قلتُ: هذه فرصتي كي أوضح له الأمر لعلهُ ينصفني، السلام عليكم سيادة الرئيس: أنا أسمي قيس النجم من العراق إعلامي، ورئيس تحرير جريدة جدار الورقية وإلالكترونية، كنتُ من المدافعين بقوة عن وحدة سوريا وعن حكومتها، وما زلت مؤمناً بحكمتكم وفطنتكم، قاطعني بكل أدب ووقار وقال لي: ما مشكلتك؟ قلتُ: أتيتُ الى هنا مع زوجتي، إلا أن الأخوة في المطار، قالو: إنك ستعود الى العراق، لأن عليكَ منع تأشيرة دخول الى البلد قال: وما السبب؟ قلت: قبل سبعة عشر عاماً، كنتُ هارباً من بطش الظلم والجور للنظام السابق، متجهاً الى الحدود العراقية السورية، وتم إلقاء القبض عليَّ في منطقة البو كمال، فأودعوني السجن لسنة كاملة، منها أربعة شهور في سراديب (فرع فلسطين)، وثمانية أشهر في سجن صدنايا.

أحمرّ وجهه، ونظر اليَّ بعطف، وقال: أعلم أني لن أخيب ظنك، فدفاعك عن سوريا ونظامها في مقالاتكَ سيثمر، فمَنْ يزرع خيرا يحصده، وأسترسل في قوله: أنتَ ضيفي، وضيف سوريا العربية، ونحن لا ننسى أبداً دماء العراقيين التي روت أرضنا دفاعاً عنا وعن المقدسات، فرحتُ كثيراً وغمرتني البهجة.

ختاماً: بينما أعيش في أجواء السعادة سمعتُ صوت ينادي عالياً: (قيس .. قيس .. قيس) فتحتُ عيني، وإذا به الرقيب أول وسام ينادي، إذ غلبني النوم من شدة التعب، وأخذت أسئلة كثيرة تدور في رأسي ما هذا؟ أين بشار الأسد؟ ألم يقل لي أنكَ ضيفي وإحمرًّ وجهه؟! أمتلأ وجهي بإبتسامة متهكمة تحمل الحزن والخذلان، حين قال لي الرقيب: حجزنا لكَ، والأن ستعود الى بغداد مطروداً!!