23 ديسمبر، 2024 7:32 م

لقاء الفرصة الأخيرة !!

لقاء الفرصة الأخيرة !!

لا ينظر العراقي الى اجتماع ” الفرصة الأخيرة” من زاوية الابتسامات والكلمات التي ستطلقها حنجرة هذا المسؤول أو غيره، مثلما يتمنى أن يشكل اللقاء بداية عاقلة يستغلها السياسيون لتنقية النفوس من أدران التنافس على المناصب و المميزات قبل غيرها، وهو ما يشكل مسؤولية تاريخية لن تتكررقريبا، ينبغي توظيفها بجرأة لتفعيل اجراءات ما بعد اللقاء، لتسريع خطوات الرغبة الصادقة في طي صفحة الأمس القريب من أجل عيون العراق وأهله، على غرار شعار اللقاء” العراق أولا”.
لا نريد أن يضاف اللقاء التشاوري الى قائمة ” حوارات الطرشان ” السابقة، مثلما يهمنا معرفة القدرة على المصالحة الحقيقية بين السياسيين، الذين لا يجوز لهم التنازع على مستقبل واستقرار العراق وكأن الأخير من بين أملاكهم الشخصية الصرفة، مثلما لا يحق لأي طرف أن يسرق ابتسامة الطفل العراقي أو يزيد من كهولة هذا الشيخ وانحناء ظهر تلك الثكلى، لأن مزاجه  معكر ولا يعجبه العجب، كما يقول العراقيون.
ليس المهم المصافحة والقبل بين الفرقاء ، و لن نعول على ردود أفعال الصدمة، فالقضية الملحة تتمثل في القادم من خطوات عملية ، وماذا ستحمل للعراقيين المصالحة بين المالكي والنجيفي الشخصية، اذا ظل ملف الخلافات الحقيقية معلقا، وهل من المنطق اختزال هموم العراق بخلاف شخصي أو مزاج لا يقبل التضحية، وهل هناك رغبة صادقة في عبور المحنة بأقل الخسائر، هذا ما ينبغي عدم التراخي في تفعيل الاجابات عليه بكل وضوح، لكي لا يتحول هذا الجهد الى وقت ضائع بعد ساعات، ولكي لا يبقى التوافق السياسي خنجرا في ظهر العراق تتدفأ بظله كل المحاصصات و نصف الخطوات!!
لقد حضر من حضر وغاب عن اللقاء أخرون، وهذا هو حال الدنيا وعرفها السياسي، يقتربون من الخطأ و لا يسارعون الى معالجته، يعرفون سر المشكلة ولا يجتهدون لتفكيك طلاسمها علنا، يعرفون الكثير و يغلسون عما يوافق أهواءهم، ومع ذلك لا مفر من العمل الجماعي والرمي بالضجر السياسي الى قارعة الطريق، فأما شراكة سياسية ناضجة و واضحة المعالم أو حكومة و معارضة، فمن غير الممكن قيادة بلد مثل العراق بسياسة ” نص  ردن”، علما أن التحديات المستقبلية أخطر مما يتوقعون!!

يتنازعون بينهم وكأن العراق و أهله من بين متلكاتهم الشخصية، أوأنهم الى سياسة الأمس يحنون كثيرا و يقلدون!! ومع ذلك ننتظر في أخر محطات الطريق موقفا مترفعا عن حسابات الربح والخسارة الشخصية والحزبية والمذهبية، لأنه وبدون ذلك سيغرق القارب بهم جميعا، حيث لا منقذ من غضب الله والشعب،  ما يستدعي مراجعة سريعة و جريئة للمواقف والخيارات، بحيث يتحول اللقاء الى محطة متقدمة على طريق التواصل لا العناد، وهو ما ستجيب عنه الساعات المقبلة، فأما تهدئة صادقة للعواصف أو الابحار مع المجهول، عكس ارادة المنطق العراقي.
وما يخفف من تشاؤمية التفكير أن الذين حضروا يرغبون بردم الممكن من الخلافات أو على الأقل أن مشورة ما دفعتهم الى ذلك، وفي الحالتين هناك اعتقاد بوجوب ابعاد اللهب عن الهشيم، وهو بحد ذاته مطمئنا ينبغي البناء علية بدون ثبوت العكس، رغم القناعة المطلقة بأن حبل توافق السياسيين العراقيين قصير جدا، وهذه حقيقة لا يغفلها اي عاقل راقب التقلبات في المواقف منذ سنين،غاب فيها الراي الأخر و ضاعت مصلحة البلاد والعباد على قواعد من التناحر الشخصي و الحزبي و باقي التخندقات غير الوطنية.
ونحن لا نتمنى لهذا اللقاء نفس مصيرغيره، لأن الفشل يؤسس لفتنة كبيرة، وأن اعتقاد أي طرف بأنه الأهم في المعادلة خطأ يقترب من الجريمة، كما أن تسويق الأخر لمشروعه طائفيا يعني الاصرار على ذبح العراق، بينما الصحيح أن مصلحة العراق و أهله أهم الالاف المرات من مزاجية السياسيين وعقدهم الشخصية، التي ليس للعراقي فيها من ناقة أو جمل، باستثناء تحويلها الى ممر اضافي الى المقصلة.
لن ننتظر حلا جذريا للمشكلة في لقاء السيد الحكيم، لأن العقول محتقنة بعدائية شخصية و حزبية، وكل طرف سيتخندق مكانه، والايحاء بانه ” بطل الفيلم” المحوري، ومع ذلك فان مجرد الجلوس جنبا الى جنب أو في اتجاهات مختلفة أفضل بكثير من الأفتراق عند منتصف الطريق، خاصة وأن اللقاء ولد من رحم الخوف من المجهول، و الدفع باتجاه التصعيد غير المبرر دون حساب دقيق للنتائج، اضافة الى التحذير من عواقب اللاوعي في المسؤولية، و محاولة تفصيل الطائفية على مقاسات غير عراقية.
وضمن هذه الحقاق فأن اي مسؤول عراقي يترفع عن الحوار الجاد لن يرتجى منه خيرا لا اليوم ولا في المستقبل، كما أن وضع العصي في الدواليب لا يمثل حكمة ولا يعبر عن ذكاء، انه العبث بأم عينه، والبناء في المكان غير الصحيح، فلا يجب أن تكون السلطة وسيلة لذبح الأخوة العراقية، مثلما أن العزف على الطائفية هو الكفر بأم عينه، لذلك فان اللقاء نقطة تحول كبيرة اذا صلحت النوايا، و سيكون بداية لعهد جدد اذ طهر البعض نفوسهم  من ” هلوسة” الشرعية والبقاء و الرأي السديد بلا منازع، وهي مهمة تليق فقط بالشجعان، بعد أن مل العراقيون من الخبث السياسي وحبوب التخدير منتهية الصلاحية!!