23 ديسمبر، 2024 9:41 ص

لفقدانه الرأس السَليم العراق يموت سريرياً !

لفقدانه الرأس السَليم العراق يموت سريرياً !

المشكلة الحقيقية التي يعيشها العراق بعد اكثر من 10 سنوات من الأحتلال بداعي التحرير أنه يعيش بدون رأس ! ومعروف أن أي جسم بدون رأس لايستطيع ان يعيش طويلاً حتى وأِن بقيَ لمدة ينازع فيها فأنه في تلك الحالة يكون قد مات سريرياً . فكل الرؤوس التي تسلمت زمام الأمور في البلد ثبت بالدليل القاطع انها رؤوس لجهات غير العراق . وما وجودها في العراق ألا للأنتقام أو النهب والسلب والتدمير تنفيذاً لأجندات أقليمية قذرة سبق للعراق أن أذاقها الذل والهوان حينما أرادت ان تتطاول على وحدة ارضه وسيادته . ولنا في مانقول دليلاً واضحاً . والمتتبع للأحداث التي اعقبت الأحتلال عام 2003 ولمدة تجاوزت ال 6 اشهر حيث كان العراق بدون قيادات وأدارات كان هنالك شيء من الأستقرار رغم غياب سلطة القانون فكان الترحال من الشمال الى الجنوب وبالعكس خالي من المخاطر وكان التعايش بين العراقيين واضح للعيان فلا أحد يحقد على الآخر واكنت انا المتحدث قد مارست العمل الأداري في محافظة القادسية وخلال عام بعد الأحتلال خالي من المشاكل . انتهت هذه الحالة بعد ان بدأت الأحزاب التي ترعرعت في الخارج وتربت على فتات الأجنبي تؤسس لقواعد من الحقد والدسائس للأطاحة ببلد كان أسمه العراق ! فزرعوا فتيل الطائفية وكان ثمنها غاليا جثث مجهولة من الأبرياء تتقطع اوصالهم على الهوية لاذنب لهم سوى انهم يشكلون أحرف أولى لنظام دموي قذر تبجح بالحرية والديمقراطية ! نظام يعيش على القتل والدسائس بحماية واضحة من المحتل الأمريكي الذي مارس ابشع الجرائم في تأريخ الأنسانية حين كان يشارك بقتل العراقيين بدم بارد !

تسلم الأدارة مايسمى بمجلس الحكم وماهو الا مجلس للتهيئة لتمزيق العراق والتحضير لتوزيع ثرواته بين الأحزاب التي كانت تعتاش على فضلات الأجنبي . وبدلاً من ان يؤسس مجلس السقم هذا لقواعد وأسس تخدم العراقيين راح يعمق الفجوة بينهم لتزداد الطائفية ضراوة ومعها عمليات ممنهجة لتصفية القيادات العسكرية التي كان لها الدور في الجيش العراقي ليكون الأقوى بين جيوش العالم فضلاً عن تصفية العلماء والخبراء العراقيين بدوافع الحقد الواضح ليبدأ صراع بين الجهل المدعوم من دول بعينها ومن الأحتلال وبين والعلم الذي تم استهدافه بشكل همجي ليتحول العراق الى ساحة للتخريب وزراعة الحقد .

وبدت ملامح نظام الحكم الجديد في العراق تتضح من خلال طريقة كتابة الدستور المستعجلة والتي نتج عنها دستور مليء بالكوارث وكأنه دستور للنهب والسلب وليس للمواطن فيه سوى الحرية في ممارسة الشعائر الدينية . وكأن ساسة العراق الجدد قد اتخذوا قراراً بنشر الأفيون بين الشعب لينشغل فيه بينما هم يتقاسمون الثروات بينهم وبين عوائلهم والمقربون منهم فأزداد الفقر وانهار كل شيء في البلد وكانت سياسة هدفها الأساس تأمين حماية للنظام السياسي بينما يتم توزيع الموت بين افراد الشعب العراقي بوسائط متعددة كالتفخيخ والكواتم والسجون والمعتقلات ونتيجة لتردي الواقع الصحي وانتشار الأمراض وغيرها من وسائل الموت المتعددة التي لم تمر على العراق في كل مراحله .

تسلم علاوي الحكم لمدة 9 اشهر ورغم اني اختلف معه كثيرا في سياسته الحالية التي تبدو على انها كسياسة ( حنون ) لكن الرجل حاول تأسيس مؤسسات وقد كان يحمل السلطتين التشريعية والتنفيذية لكن الذي شرع بتأسيسه تم تدميره بالكامل من قبل الجعفري ومن بعده المالكي لتنتعش نظرية ان من كان قبلي انما هو متآمر وينبغي الغاء كل اعماله وتلك صفة لازمت صفات حكم الجعفري والمالكي .

الطائفية التي دمرت العراق انتعشت بشكل واضح في مدة حكم الجعفري وكان ذروتها في العام 2005 و 2006 حتى ان الكثير من المراقبين يأخذون عليه انه كان من مشعلي الطائفية ! وعندما انتهت مدة حكمه كان ثمناً كبيراً قد دفعه الشعب جثثاً متناثرة ومجهولة في الأزقة والطرقات ليأتي المالكي ضمن مشروع ترسيخ القانون تبين بعد اكثر من 8 سنوات على انه مشروع دكتاتوري كارثي كان ثمنه باهظاً وقد اثقل كاهل الشعب الذي دفع ضرائب كثيرة دم وتردي خدمات وانهيار مؤسسات ونهب ممنهج للثروات وكانت خاتمتها تسليم نصف مساحة العراق مجاناً وبدون مقاومة بيد الأرهاب .

حتى اللحظة التي ترك المالكي فيها السلطة مجبراً العراق يعيش بدون رأس وطني يحفظ له كرامة شعبه ويؤَمن له سبل العيش الكريم وابسط مقومات الكرامة ذلك ان قوانين الحقد تأخذ مدياتها والسجون والمعتقلات السرية والعلنية تنتعش وبشكل وحشي دون وازع من ضمير ختى وصلنا الى الأنهيار التام لمؤسسات الدولة الأمنية واعتماد العراق بشكل كامل على حشده الشعبي ليدافع عن ماتبقى من اراضيه على امل ان يقوم بتحرير الأراضي التي قضمها الأرهاب وزرع فيها الخوف والجريمة .

ولكن كل هذا بدون ستراتيجية واضحة لذات السبب وهو عدم وجود رأس وطني بل ان ساسة العراق وكما قلنا سابقاً ليس لهم سوى طريق واحد يمتد بين مطارت العراق والمنطقة الخضراء والدول التي كانت تجمع شتاتهم قبل عام 2003 ! فكل واحد منهم لديه جنسية اضافية يعمل على تمتينها ولايستخدم الجنسيى العراقية أِلا عندما يخطط للنهب والسلب وتلك كارثة ساهمت في انهيار العراق بشكل كبير !

تسلم العبادي مقاليد الحكم كرئيس لمجلس الوزراء واستبشر الكثيرين خيراً على انه سيقود صحوة ضمير لقيادات حزب الدعوة التي شوهت سمعة الحزب وللعملية السياسة التي اشاعت الخراب في العراق ونشرت الذل بين شعبه . زكنت واحداً من المتفائلين رغم تحفظاتي التي كن اتحدث بها جهاراً نهاراً على ان العبادي ليس جديد حتى يأخذ وقتاً للأصلاح وعليه ان يتخذ قراراته بسرعة فهو جزء من منظومة المالكي التي حكمت العراق في حقبة سوداء وتحملت الكثير من الأنتقادات على طروحاتي ولكن يوم بعد آخر تتضح صحة توقعاتي وطروحاتي فالعبادي يثبت يومياً على انه لن يحقق شيء ! بل ان تسريبات من جهات مقربة من حزب الدعوة تشير الى ان الخطة كانت تقتضي اختيار شخصية ضعيفة للحكم من اجل ان لايتم التطرق الى كوارث حقبة المالكي ولذا اختير العبادي كونه الأضعف حسب ترجيحاتهم وهو اليوم يثبت انه مثل خنون الذي لم يزد في الأسلام خردلةً ولاالنصارى لهم شغلٍٍ به . فهو رغم معرفته بمعاناة العراقيين كونه شاهد وممرر لموازنات ظالميهم لكنه لم يتخذ قراراً واحدا فيه خدمة للناس بل على العكس كل يوم يمر تزداد معاناة العراقيين دون ان يحرك ساكناً وليس له اي نية لبناء البلد رغم وجود الخيرين الذين يرغبون في اعادة بناء بلدهم . بل انني اجزم بالقول على ان من يرغب في بناء البلد وتصحيح مساراته الخاطئة سيتم تصفيته واستهدافه بشكل سريع كون مايجري في العراق من كوارث فيه مصلحة لساسة الزمن الرديء ! ففي ظل تلك الكوارث تنفق الاموال بشكل فوضوي ويستمر النزيف الاقتصادي اما الأستقرار فأنه يعني موت السماسرة وسارقي الموازنات ومنسقي العلاقات المشبوهة !

ولايمكن لنا ان نوجز مايتعرض له الشعب من ظلم وجور في صفحات واو مقالات فتلك المعانات تحتاج الى مجلدات لكن الواضح تماماً ان العراق اليوم يموت سريرياً نتيجة لفقدانه لرأس وطني مدبر بل ان السياسات الحالية ستؤدي الى موته بشكل كارثي ونهائي . وحسبنا الله ونعم الوكيل

[email protected]