19 ديسمبر، 2024 12:55 ص

مثل لفافة تبغ معتقة عاملني وأقتنيني، فانا أعرف أنك من محبي الأشياء النفيسةالقيمة… أجل قبل ان تتفوه باستغراب وتسال هل انتِ شيئا حتى اقتنيك أو احتفظ بك؟!سأجيبك وبكلمة واحدة نعم كما أقتنيتك أنا، لقد عشت معك ما يناهز أربعة من العقودوانا أراك في جميع الاحيان حريصا تخاف على ما اقتنيته عشقا، تعيش معها حالات من الهوس ايام طوال وسهر، كنت أراك تحدثها، تسامرها، تنادمها، كأنك بنيت بينك وبينها علاقة حب، ما لم تكن هي كذلك، وجدتك تهوى غيري، بداية صبرت قلت هي عادة لا يمكنه التخلي عنها ونحن في بداية حياتنا، لكن كلما مرت السنين اجدك تبتعد عني أكثر فأكثر، هكذا شعوري صور لي، أراجع نفسي، تصرفاتي، حالات الزعل او الغضب، حتى الاختلاف في الراي، فأرى انها أمور عادية تحدث لاي اسرة، جاءنا من الأبناء ما دفيء قلبي وقلبك، تربوا على حبك وحبي، الحنان يلفاهم في بعض الاحيان منك فأعتادوا على ذلك، أما أنا فلا يلفاني وذاك لم أعتده منك.. جرفتهم مجريات الحياة بعيدا عنا.. بقينا أنا وأنت، غير ان حبك لما تقتنيه اكبر وأكثر، على مضض اتقبل واقعك المر لاني احبك جدا، أتصدق عندما أقول لك.. أني أغار من لفافة التبغ التي في يدك!؟ تلك التي تشاركني فيك، تتبوأ مساحات من وقتك وعالمك، تدفع بأصابعك بإتجاهها بحنو تعاملها بحذر.. تخرجها بهدوء تبلل طرفها بلسانك، تشم تبغها حتى تنتفخ اوداج صدرك، ثم تخرج زفيره محملا بآهات تجعلني أتسائل؟!! أتلك الآهات من عشرتي معه، أم هي هموم يوم عمل؟ او ربما نتيجة صراخ نزاع بيني وبينه حدث في مسألة ما لأختلاف بوجهات النظر… ما يغيظني أنك تبقيها طويلا بين شفتيك، لا تتركها أبدا، تداعبها بحنان أكثر مني، حتى عندما تمسك بها بعيدا عن فمك أراك تتبع الدخان الذي تخرجه كأنك تنشد الذهاب معه الى عالمها المتطاير حيث تقول: إنها الحرية التي تفتقد، هذا ما سمعتك ذات مرة تقوله لها أليس كذلك؟ أشعر بالغيرة الشديدة واخاف أن اصرح بذلك، إن ما يزعجني أكثر هو عندما تتلذ بطعمها ثم تطلب مني أن آتيك بفنجان قهوة كي تزاد رغبتك فيها فتضاجعها بكل أحاسيسك، في كثير من الاحاين أسمع براعم شفاهك وأنفك يصرخن من اللذة، سألتك ذات ليلة.. أترك السيكار إنه يتعب صدرك ويلهيك عني… فتجيب: أبدا إني لا أشعر بإلإنتماء الى عالمي هذا إلا معها، يا لك من خائن!! تقولها في وجهي وبصراحة، عالم الانتيك الذي اعتمرت كمحراب ولفافة تبغك التي تعشق هي عالمك، إذن من أكون بالنسبة لك؟! مجرد إمرأة أدخلتها حيث تُكمل مقتنياتك وبيتك فيها… ألست من وزعت أوراق الشجر قصصات رسائل حب؟ ألم ترسل نسيم الليل ساعي بريد يهمس لي؟ وقبلها يطرق زجاج نافذتي رغم برودة الجو ومن حرارة اللهفة ترسم بأنفاسك قلب عليه حروف أسمي واسمك… كم تظنني أستطيع أن اتحمل أهمالك؟ أو دعني اقول: هل أستطيع الأستمرار في الحياة بعيدا عنك؟ فبرغم إهمالك مهووسة أنا بحبك، لا أتصور نفسي في الوجود، فخمائل ستائر عمرالليالي معك لا يمكنني أن أجعلها تسدل، فمازال هناك بيننا فصول لم نكشف حوارها، لم نعتلي بها مسرح مشاعرنا، فلا زال الربيع يزهر، يعطر ستائر الحب التي تهوى أن تجلس في شرفتها روحي وهي وراءك كونك بطلها في العرض المسرحي لحياتي، يا الله!!! أتخيلك احيانا تنهض وتحيي الجمهور الذي أمامك عندها أشعر بدوي تضج به أنت بعد ان تفرغ من لفافة تبغك، تلك اللحظة فقط اراك تكلمني وقبل أن تبدا يُرفع الستار مرة أخري كي تجدد طلبك بشرب القهوة لكن مع من تحب، إنها صاحبتك لفافة التبغ المعتق التي قرأت معها ونفسك ألف نص ونص حتى اهملتني، غير أني قنعت رغم غضبي بقبولي دورا بسيطا اقوم به، مرددة عبارة واحد اقول لك فيها سيدي… أترغب بفنجان آخرمن القهوة؟ بعدها أخرج عن عالمك، تركز انت وشخوص تختلقها من تلك الانتيكات حتى تنهي فصول مسرحيتك.. يقف الجميع مصفقا لك، إحساسي بأن شعر جلدك ينتعش ويقف بعد كل نفس دخان ورشفة قهوة يثيرني، يدفع بي الى تلمس مفاتن جسمي متسائلة؟ ما الذي عندها يحبه أكثر وهو ليس عندي؟؟ انزعج من نفسي حين أقارن نفسي بها، لكن صدقني استفحل الضجر في نفسي، مللت رؤياك على هذه الحالة في كل ليلة، كم ارغب أن تجلس معي المساء بعد ان تعود الى كواليس حياتك لنتسامر، الجميع يذهب، الجمهور،العاملين كلهم يذهبون، يتركونك وحيدا، إلا أنا أبقى حيث اراك تعيد ترتيب مساءك، تجمع شتات أوراق خيالك، تزيل كل ما تلفاه يبدد جمال ما تقع عليه عينيك… تجلس على مكتبك تدفع بما كنت تقرأه الى الرف الذي خضت رحلتك بين رفوفه عرض مسرحياتك والايام.. أماأنا فأول شيء أفعله هو احمل مطفأة رماد لفافات تبغك، أرميها حيث سلة المهملات، اما فنجان القهوة فأسارع الى غسله بعد ان اُقَبل مكان شفاهك كي اقرأ كعرافة الكلمات التي قلتها لِلِفافتك دون أن أسمعها… اراك الآن تضحك مني وتقول: أني مجنونة وإمرأة غيور… لا أبدا بل قل إني إمرأة عاشقة…مهووسة، مجنونة… أجل مجنونة وهذا ما أقوله لنفسي حين يضمني وإياك حضن واحد، عندما تسكن قلبي وتقبلني في آخر المساء، تهمس أنفاسك لي بأني حبك الأول والاخير، عالمك الذي لا ينتهي… فأطوف كعبتي حتى ينال مني التعب، لكن ابدا لن أنسى غيرتي عليك عندما أشم رائحة انفاسك وهي تلفح وجهي وبها رائحة التبغ وطعم القهوة.

بقلم/ عبد الجبار الحمدي