23 ديسمبر، 2024 8:22 م

لـواطــة ٌ جمـاعـيــة…!

لـواطــة ٌ جمـاعـيــة…!

يبدو إن عنق الزجاجة قد راق له عدم الاتساع , كما المعتاد في كل مرة , كي يبقى المشهد السياسي العراقي متقوقعا داخله , وهو أمر لا يخلو من اتفاق مبيت بين هذا العنق (قليل الأصل) وبين المربع الأول الذي اشتاق أيما اشتياق لعودة العراق إليه , نادما أو قابضا , لا يفرق , فكلاهما سيان في ظل ما يشهده البلد من انعطاف خطير , ربما يئد العملية الديمقراطية والمشروع الوطني الذي ضحى من اجله الآلاف من (ولد الخايبة) والى الأبد.
 فما يحاك وراء الأبواب الموصدة ما هو إلا ترجمةٌ نابضةٌ لتخوفاتنا التي باتت تقض مضاجعنا ليل نهار , حيث تدور الألسنة سرا ,  ومعها تدار كؤوسُ الغدرِ ,  لتلفظ خيانة تلو الأخرى , فحواها الدفع باتجاه تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث (سنية وشيعية وكردية) كحلٍ امثل للازمة التي ألمت بالبلاد…..!
معتقدةٌ هذه الألسنة النكراء , إن الخضوع لأجنداتٍ جيوبوليتيكية , جلُ همها تمزيق العراق , سيخرجهم من أزماتهم التي باتت رائحتها تزكم الأنوف..!
ولو جمعنا المعطيات , ذات المعالم الواضحة , وغير الواضحة واعدنا تركيبها من جديد , ستتضح لنا نوايا التقسيم لدى بعض الكتل السياسية المختلفة طائفيا وتاريخيا وايدولوجيا , والمتفقة منهجا وهدفا ومشروعا..!
 فالمماطلة في تلبية مطالب المتظاهرين والدفع نحو زيادة الاحتقان الطائفي , والعمل على تحريك الشارع الشيعي لإفراز ردات فعل معاكسة لما يدور في المنطقة الغربية , والإقصاء المتعمد والتهميش الواضح لمن ينهج المنطق العقلي في سياسته , والعمل على تسويق مختار العصر والمنقذ الذي تنبأ به ( نوسترا داموس) وكذلك في الطرف المقابل , حيث يتوافد العشرات من سياسيي المكر والخديعة لساحات التظاهرات , والتخطيط المسبق لزيادة سقف المطالب التي بدأت بمطالب مشروعة ثم غير مشروعة واختتمت بمستحيلة (كإسقاط الحكومة ووو….الخ) ولعلها لم تختتم بعد , حتى تاذن قطر وهي خير الأذنين…!
والتصريحات النارية والتلويح بإسقاط العملية السياسية برمتها , والعزف على وتر المظلومية من قبل الطرفين ( ولا نعلم.. من ظلم من……!!) ودفع الشارع العراقي نحو الانقسام الداخلي وردود الأفعال المبالغ فيها وو…….الخ ما هي إلا ممهدات , الغاية منها تهيئة الشارع العراقي إلى تقبل فكرة التقسيم الطائفي الجغرافي تحت مظلة (الفدرالية) وإثباتها كواقع حال يجبر الجميع على  التعامل معها.
ولا نستغرب كثيرا حينما نكتشف إن هذا الأمر مرحب به من قبل بعض سياسيي الطرف السني لأنهم قاربوا الوصول إلى القناعة التامة بان ترأس الحكومة سوف لن يكون من نصيبهم في يوم من الأيام (وفق الأرقام الإحصائية والتحالفات الإستراتيجية) , ولذلك فان الجنوح إلى ترأس حكومة دولة سنية تحت يافطة ( الإقليم السني) هو السبيل الوحيد للخروج من نفق هوس الرئاسة والسلطة  المظلم .
يقابله اقتناع شبه تام لدى  طرف حاصل على أكثر الأصوات الشيعية في الانتخابات المنصرمة والذي أصيب بداء الرئاسة ذاته ,حيث بات متأكدا من عدم حصوله على ولاية أخرى , مما يجعله مستسلما لفكرة ( لحس بقايا العظم , خيرٌ من فقدانه ) فاعتلاء عرش حكومة إقليم شيعي أفضل بكثير من ركل مؤخرته المؤدي به  خارج اللعبة المناصبية..!
تقابل هذه القناعات كلها , مباركة من قبل بعض قياديي  الطرف الكردي الذي سيفخرون بنجاح تجربتهم وطريقتهم في التعاطي الإقليمي الفدرالي , وحينها  ستلووووووط  الأطراف ببعضها , ويضاجع بعضها البعض الأخر في ليالي حمراء قاتمة الألوان وخافتة الأضواء , لتتمخض هذه المضاجعة عن ولادة مولود  ( مسخ )   يدعى ( التقسيم الطائفي) أما مصالح الوطن والمواطن , فلتذهب أدراج الرياح , وأما المشاكل المترتبة على هذه الأمر , فسيحلها ألف حلال , وأما الدماء التي تسيل في المناطق المختلطة طائفيا وقوميا , فستأتي العجلات الخدمية لتنظف الشوارع منها , كي لا يؤثر على رونق وجمال المدن…….!! وأما العراق , فلن يبقى وجود  له , بل سيتكاثر ويتكاثر ليتحول إلى مجموعة من ( العراقات ) ان جاز لنا التعبير , تدار من قبل المافيات الجديدة…وحينها سنعض أصابع الحسرة جميعا , كمواطنين عراقيين , لأننا سمحنا لهم ان يقتادونا كما الأنعام , لتوجهاتهم وميولهم المصلحية , وغضضنا الطرف عن بعض الكتل التي اتخذت من الاعتدال في الطرح منهجا لها , ومن الرؤية الإستراتيجية غير المنحازة أساسا لأيديولوجياتها , ومن الإصرار على إنشاء دولة عصرية عادلة , تكفل حقوق الجميع , هدفا من أهدافها ,وساهمنا في تهميشهم وإقصائهم , ولم نبالي في منحهم ثقتنا , وسنتباكى ندما , على ما ألم بنا , لكن الندم هيهات ان ينفع بعدما جنت على نفسها براقش لأكثر من مرة  , ووقع الفأس على الرأس فشجه الى نصفين…….!!