18 ديسمبر، 2024 8:20 م

أعترف أنني.. متيمة في هواك.. مغرمة ببهائك.. طامعة في رضاك.. لا أريد سواك.. مخطئة حينما.. اعتقدت أنك لي مخلصا.. عاشقا مثلي مغرما.. أعرف أنك على العرش مربعا.. وأنا خارج حساباتك متحسرة.. ثمة أسئلة مازالت بيننا عالقة.. أشياء كانت عني غائبة.. تبكي الماضي.. تنعي الحاضر.. تحكي أسرارا غائرة..
أعترف أنك تحتل كل تفكيري ومشاعري.. تحمل صورة العظماء في خيالي.. قل نظيرها في الوجود.. أرسلت لك مكاتيب لم تعرها أي اهتمام.. لحنت أشعاري كتبتها بدمائي.. رفعت مقامك في العلالي.. كفرت بنا نحن الاثنين.. “أيروس” شاهد على حبي.. و”فينوس” ماتت غيرة مني.. أخبرت الكل عن شغفي وعشقي.. محوت من الخرائط كل البلدان.. سحبت من السجلات كل الأسماء.. لم أبق سوى اسمك يا وطني.. هتفت باسمك في المحافل.. بالغت في مدحك حتى.. ألبسوني ثوب المس والجنون.. تنكروا لي وأنكروني.. عذبوني لم يعذروني.. قالوا مشفقين عني.. “لا يصح هذا يا ربي؟..
أعرف أنني البلهاء في أرضك.. لا حق لي في سمائك.. محرومة من بحرك.. وأعرف أنك “أنت” العظمة بعينها.. الرفعة والشموخ لك.. و”أن الله لغيري قضاك.. ابتلاني أنا بحبك”.. أعرف أنني جعلت لي موطنا من قلبك.. دون علمك.. اقتحمت عوالمك.. دون إذنك.. انتفضت واستنكرت.. سجدت وركعت من أجلك.. رقصت رقصة الطائر المذبوح في عرسك.. دون علمك.. تمنيت السعادة لقلبك.. وتمنيت الموت لي بدلا عنك.. دون علمك.. أعلنت للجنون انتمائي.. أشعلت النيران في قلبي.. دون أن تدري.. أعلنت إيماني وكفري.. أعصيت بذلك ربي.. دون أن تدري.. أعرف أنني أسأت التقدير.. بحبك أصبحت ذليلة.. في حق نفسي كم كنت مخطئة.. أعرف أن أرضيتي لم تكن صلبة.. وجهتي لم تكن صائبة.. وقلبك لم يكن بي متيما.. لغيري صار مائلا.. لوجودي لم تكن مكترثا.. للأبراج قلبك خافقا.. بالغرباء مرحبا.. بأمثالي مضحيا.. قالوا أنك لم تعد لي.. وأنا لم أعد أدري.. أيهما قاتلي.. صدك المبرح لي.. أم الحسرة التي تنخر جسدي؟.. أعرف أنك لم تعد لي.. وأنك أصبحت تفضل غيري.. في بحر الشك أوقعتني.. في المزاد بعتني.. بلا عنوان تركتني..
لن أحدثك عن الإخفاقات التي تصيبني.. والإحباطات التي أصبحت تلازمني.. والحكومات التي استعمرت “ني”.. والأجناس التي استوطنت “ني”.. والسياسات التي “استحمرت “ني”.. والمعاهدات التي دمرت “ني”.. وقعتها دون إذني.. دون أن أدري.. مزقت جغرافية أبي.. تنكرت لتاريخ أمي.. لا تحدثني عن الجفاف الذي أودى بالمحاصيل.. لا تلم الأسماك التي بلعت الشباب بالملايين.. ولا تقل أن السماء بعيدة.. والأمطار فيها قليلة.. وأن البحار عقيمة.. بل حدثني عن نواياك العميقة.. كيف تجعل من قلبي حديقة.. كيف تكون الشعوب سعيدة..
أعرف أشياء كثيرة.. أنني لم أعد أعني لك شيئا.. وأن الحياة أصبحت فيك جحيما.. أصبحت في وطني غريبة.. وأصبح الغريب لي غريما.. لا تسخر من حبي رجاء.. ولا تقل عنه عليلا.. بل قل “كان الحظ لك حليفا”.. “كان الحق لي لئيما”..
أخشى ما أخشاه يا وطني.. أن ينطفئ وهجي.. ويصيبك شجني.. ويعودك ندمي.. علمني جفاك كيف أكون حزينة.. نسي أن يلقي بي بعيدا.. علمني حبك كيف أكون جميلة.. لم يعلمني كيف أجعلك بي متيما.. يا وطنا أصبحت فيك منسيا.. على الهامش نصبت خياما.. كل شيء أصبح فيك نسبيا.. صوت الحق فيك ضئيلا.. والإنسان فيك ذليلا.. والإخلاص فيك قليلا.. أصبح الجسد عاريا.. والخبز حافيا.. الفعل كاذبا.. والفكر عاهرا.. أصبحت فيك منبوذا.. أصبحت فينا مذموما.. تبكي العيون علينا سيولا..