23 ديسمبر، 2024 1:44 ص

لعل الأسطوانة في مكانها حيث وضعها الملك

لعل الأسطوانة في مكانها حيث وضعها الملك

ذكرنا في مقالة سابقة بان الملك فيصل الأول ، قد افتتح بناية كلية العلوم الدينية في يوم العلم وعيد الامة في ٧ /٣ / ١٩٢٤ ونضيف اليوم بانه فتح بابها بمفتاح من ذهب … وذكرنا بانه ، وبعد ذلك مباشرة ، وضع في موقع بناية رئاسة الجامعة أسطوانة حجر الأساس ، ونضيف اليوم بانه دق بفأس من الفضة على حجر الزاوية أربع دقات بعد وضعه الأسطوانة … وذكرنا بان هذا الموقع لم يعد بعد ذلك غير قطعة ارض خالية متروكة حتى يوم اتخاذها مقبرة للملك !!
نذكر كل ذلك الان لأننا بصدد الحديث عن مصيرالاسطوانة وعن محتوياتها ، وعن مصير الفأس والمفتاح . ولضرورة التنويه ، نقول بأن وزارة الأوقاف كانت هي المسؤولة عن كافة ما له علاقة بمشروع جامعة أل البيت (هي التي خصصت قطعة الأرض للمشروع وبمساحة أربعمائة الف متر مربع ، وقامت بتمويل وتنفيذ بناية كلية العلوم الدينية ، وهي التي اعدت الاحتفالية بافتتاح البناية ووضع أسطوانة حجر الأساس وجهزت الفأس والمفتاح من أموال الوقف ، بل وحتى مهمة تأليف لجنة وضع منهاج الكلية كانت قد أُنيطت بها) ، وذلك يعني ان الأوقاف ، دون غيرها هي المسؤولة عن الحفاظ على الفأس والمفتاح ، لما لهما من قيمة تاريخية بالغة ، ولهذا وبعد تسعة أعوام ، وكانت وزارة الأوقاف قد الغيت وحلت محلها المديرية العامة للاوقاف ، بادرت مديرية الاثار العامة ، في عام ١٩٣٣ بمحاولة للبحث عنهما فتمت مفاتحة مديرية الأوقاف العامة حول الامر ، والتي أجابت في ٢٨ / ٢ / ١٩٣٣ بكتاب رسمي ، كان مفاد مضمونه بان المديرية قد بحثت وحققت ولم تجد الفأس ولا المفتاح محفوظين في المديرية !!! … وهنا يخطف في الذهن استذكار حوار، مضى عليه اكثر من خمسين عام ، بين رجلين طاعنين في السن ، في سيارة نفرات ،انطلقت من الاعظمية الى باب المعظم … ولما إنعطفا بالحديث الى شأن من شؤون وزارة الأوقاف ، ونطق احدهما باسم الوزارة ، فإذا بصاحبه يقاطعه مصححاً : قل وزارة الالقاف !! … ولهذا فلا إثم على من يظن أن في القضية موضوع بحثنا ، رائحة شيئ من لقف ، نهب ، فساد (بمصطلح هذه الأيام ) ، اهمال ، فعل من ضعاف نفوس ، او من سفلة القوم من الرعاع والغوغاء ، أومن طرف ثالث او رابع … احنه شعلينة …هاي مو شغلتنه … لأن قصدنا من تناول هذه القضية ، لنقول كلمة قد تنفع ، وقد تكون فيها إضافة لما سبق وأن كتب فيه الكثير من الافاضل …
والكلمة نبدأها بالحديث عن مصير أسطوانة حجر الأساس ، بعد أن وضع الملك عليها الحجر ودق عليه بالفأس أربع دقات ، وبقيت ارض الموقع بعد ذلك خالية متروكة طيلة تلك الفترة … وتكمن الأهمية التاريخية البالغة لهذه الأسطوانة بمحتوياتها النادرة ، كما تكتمل هذه الاهمية مع الكلمة الجليلة التي تفضل والقاها الملك بعد وضعه الاسطوانة والتي نشرنا نصها في مقال سابق … كانت الاسطوانة تحتوي على ثلاث خرائط لكافة ابنية ومنشئات جامعة آل البيت وهي ، خريطة الجامعة وخريطة بناية الكلية الدينية وخريطة بناية رئاسة الجامعة ، كما احتوت على الجرائد المحلية والطوابع وأنواع النقود ، وصورة للملك موقعة بتوقيعه ، وبيان مكتوب على رق فيه وصف لخريطة مشروع الجامعة بكلياتها الست وجميع المنشآت مع كافة تفاصيل البناء !!… وهذا يعني ان الأسطوانة ومحتوياتها ، وفي ذاك الظرف وبغياب من يهتم بالحفاظ عليهما ، يكونان حتماً ، نصب عيون فئة السافلين من القوم ، والمتلهفين والمتحفزين لكل فرصة لقف ونهب وفرهود… وهذه الفئة من الرعاع وإخوة لهم ، كتب عنهم باحثون ومؤرخون ومفكرون ، وتناولوا تاريخهم الاسود ، وافعالهم الغوغائية من السفالة والسلب والنهب والعبث والفساد والإرهاب والاغتيالات والمذابح وكل افعالهم المشينة في تاريخ العراق ، القديم منه والمعاصر ، ومنذ غزو هولاكو القديم وصولاً لغزو هولاكو العصر … فهل يسلم الكنز الثمين من شر أيدي هؤلاء؟!
تأسيساً على هذا ، يكون الاعتقاد الأرجح بأن هناك من إستحوذ على الأسطوانة قبل أو خلال أعمال تشييد بناية المقبرة الملكية … أولعل معجزة ختمت غشاوة على قلوبهم وابصارهم ، فضاعت فرصة إستحواذهم عليها ، وما زالت في مكانها مع قبور المرحومين … لعل !!!