الحملة غير العادية التي نشهدها منذ فترة والتي تطالب بإخراج القوات الاجنبية من العراق والتي تتصاعد وتيرتها مع مرور الايام، تکاد أن تکون حملة خاصة بميليشيات وأطراف تابعة وخاضعة للنظام الايراني، ولم يعد بخاف على أحد إرتباطها بسياسات وتوجهات إيرانية ذات صلة بالصراع الامريکي ـ الايراني الدائر حاليا والذي تواجه فيه طهران أوضاعا صعبة غير مسبوقة تحاول بمختلف الطرق تعويضها عبر الترکيز على الساحة العراقية.
هذه الحملة المشبوهة التي هي بمثابة”کلمة حق يراد بها باطل”، ترافقها أيضا حملة أخرى بدأت بعد الضربات الجوية الاسرائيلية المتلاحقة التي تعرضت لها قوات النظام الايراني ومراکز تواجدها في سوريا، حيث بدأت هذه الميليشيات العميلة بإطلاق تهديدات ضد إسرائيل وتطالب بالذهاب الى سوريا لمواجهة إسرائيل، مع ملاحظة إن هذه التصريحات العنترية التي تهدف لکسب عطف الشارعين العراقي والعربي، کانت من نتائجها لحد الان ووفق مانقلته مصادر مطلعة نقلت في وقت سابق، أن إسرائيل حددت لائحة أهداف داخل الأراضي العراقية تمهيدا لضربها، مبينة أن تلك المواقع تستخدم لأغراض عسكرية إيرانية، منها لنقل الأسلحة والعناصر إلى سوريا. وهذا مايعني فتح جبهة جديدة للعراق الذي لم يسترد عافيته وهو في غنى عنها، علما بأن هذه التصريحات العنترية رافقت أيضا تصريح فنطازي آخر لقائد القوات الجوية الإيرانية العميد عزيز نصير زاده، الذي بدوره أعلن عن استعداد بلاده للمعركة الحاسمة مع إسرائيل التي وصفها بأنها ستؤدي إلى زوالها! والذي يثير السخرية والتهکم في هذا التصريح وتصريحات الميليشەات العميلة لإيران، إن کلها مجرد هواء في شبك وإن شر ودمار النظام الايراني وعملائه في بلدان المنطقة، لم يکن يوما ضد إسرائيل بل کان موجها دائما ضد بلدان وشعوب المنطقة.
المطالبة بإنسحاب القوات الامريکية هو لأن الاخيرة تسعى من أجل تقليم الاظافر الايرانية التي صارت أطول من اللازم في العراق، ولاسيما وإن تحذير وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، خلال كلمته أمام منتدى دافوس يوم الثلاثاء الماضي، من أن إيران تمثل “تهديدا حقيقيا”، مشددا على أنها لا تزال تسعى جاهدة للحد من حرية العراق واستقلاله. هو تحذير يجب أخذه على محمل الجد، ولاسيما من جانب هذه الميليشەات أو بعض القوى السياسية العميلة للنظام الايراني والتي صارت تتصرف باسلوب وطريقة أکبر من حجمها بکثير، لکن الذي يثير الاستهزاء کثيرا إنه وفي الوقت الذي ترغي وتزبد الميليشيات العميلة ضد القوات الامريکية فإنها وفي الوقت نفسه وکما قد كشفت مصادر مصرفية مطلعة، بقيام عدد من زعماء الميليشيات المسلحة بسحب أموالهم من المصارف العراقية، بكميات تفوق حجم السحب الطبيعي. والانکى من ذلك إن عمليات السحب هذه قد جاءت بالتزامن مع التهديدات الإسرائيلية القاضية بضرب مقرات الميليشيات التابعة لإيران في العراق. وبطبيعة الحال فإن الايام القادمة ستوضح الکثير عن هذه اللعبة المفضوحة التي تجري لصالح النظام الايراني وکيف إنها لاتجني إلا الخيبة والفشل!