3 نوفمبر، 2024 12:29 ص
Search
Close this search box.

لعبة قديمة بعمر الامبراطورية

لعبة قديمة بعمر الامبراطورية

قراءة في كتاب لعبة قديمة بعمر الامبراطورية
بعد كتاب اعتراف قاتل اقتصادي ل جون بيركنز،الكتاب الذي فضح فيه بيركنز العمليات الاقتصادية والمالية التى بها وعن طريقها، تسيطر الشركات الامريكية على دول العالم الثالث، من خلال او بواسطة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنوك الأوفشور( بنوك الحسابات السرية..) والوكالة الدولية للتنمية الامريكية وغيرهما من منظمات المساعدة الخارجية وبنوك الاقراض.. بعد ان تقوم بتدمير اقتصادات تلك الدول؛ اصدر كتاب لعبة قديمة بعمر الامبراطورية وهنا يقصد الكاتب، الولايات المتحدة الامريكية. وكما جاء في مقدمة الكتاب الذي ضم مجموعة من الدراسات والبحوث الموثقة عن اللعبة الامريكية (اي لعبة الشركات الامريكية التى تسيطر على الادارات الامريكية وعلى امريكا الرسمية، الدولة العميقة..) في السيطرة على اقتصاديات دول العالم الثالث. نقتبس المقطع التالي من مقدمة هذا الكتاب التى كتبها جون بيركنز:” ان القتلة الاقتصاديين هم ممتهنون محترفون يتقاضون رواتب عالية، ويغشون البلدان في ارجاء الكرة الارضية كلها بمبالغ تصل الى تريليونات من الدولارات….وتشمل ادواتهم اعداد تقارير مالية خادعة، والابتزاز، وتجارة الجنس، وعالم الجريمة. انهم يلعبون لعبة قديمة بعمر الامبراطورية،( الولايات المتحدة الامريكية..) لكنها لعبة اتخذت ابعادا جديدة مرعبة خلال زمن العولمة هذا”. ففي الدراسة التى كتبها ستيفن هيات( وستيفن هيات ايضا هو من اشرف على تحرير الدراسات او البحوث الاخرى التى ضمها الكتاب سابق الاشارة..) نلاحظ ونحن نقرأ ونفحص ما جاء ت به هذه الدراسة من عمليات نهب وسرقة لمقدرات شعوب العالم الثالث من خلال او بواسطة حفنة من الحكام الذين ارتبط وجودهم بوجود النفوذ الامريكي على بلدانهم وسيطرته على مواردها واسواقها. عبر آلية خبيثة يتم اعادة بنية الاقتصاد بما ينسجم مع هذا النهب للموارد وتخليق اسواق للاستهلاك؛ بدءا من التجارة الحرة التى تقتضي رفع الحماية الكمركية على المنتج المحلي بما يؤدي حتما الى انهيار تلك المصانع وانهيار الزراعة، لأنها ليس لها القدرة على منافسة المنتوج الخارجي، وفي ذات الوقت تقوم دول العالم الاول بحماية منتوجها الصناعي والزراعي. بينما ومن المفترض بل من الواجب المفترض بها، ان تقوم به، سلطات العالم الثالث، بحماية منتوجها كي ينمو ويتطور ويقضي على البطالة ويحافظ على واردات البلد من العملة الصعبة، لتسديد نفقات التنمية والنهوض باقتصادها، بينما الواقع يشير الى ان اغلب دول العالم الثالث الا ما قل وندر والذي لايتجاوز اصابع اليدين، تتماشى مع السياسة الاقتصادية للعالم الاول وهنا المقصود الغرب وعلى رأس هذا الغرب الولايات المتحدة الامريكية وحتى الصين ولو بدرجة اقل بكثير، تسير في سياستها الاقتصادية مع دول العالم الثالث، على ذات السكة. في النصف الثاني من القرن العشرين حصلت جميع دول العالم الثالث على استقلالها وبنضال شعوبها وبدعم من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة. لكن ومن المؤسف ان اغلب تلك الدول خسرت استقلالها عن طريق الهيمنة والسيطرة الاقتصادية الامريكية في اغلبها، وكانت ولم تزل اكثر قسوة وظلم ونهب للموارد من العصر الاستعماري. هنا يحدث سلب الارادة والسيادة وسرقة المقدرات بلا مواجهة مع الشعب، على اعتبار ان هذه الدولة مستقلة وذات سيادة بينما الواقع على خلاف هذا التوصيف بالكامل بل هو وكما بينا، اكثر قسوة وظلم وخدعة؛ لأنهم يأخذون كل شيء ولم يعطوا اي شيء اي سيطرة ونفوذ ولصوصية بلا كلف..لأنه يتم عبر النخب الحاكمة التى تثري على حساب البلد والشعب الذي يرزح اغلبه في الفقر، مع انه، هو من يتكفل مرغما على تسديد المديونية التى سببها اقتراض النخب الحاكمة والفاسدة، مقابل الحماية ومن جميع الوجوه وغض الطرف عن جرائم هذه النخب الحاكمة التى ارتبط وجودها عضويا بالشركات العملاقة والعابرة للجنسيات والحدود في العالم الاول والتى هي الحاكمة الفعلية في بلدانها اي امريكا بالدرجة الاساس. حين يكون الحاكم او يريد ان يتحرر بلده واقتصاد بلده من تلك السيطرة، يجري التخطيط للتخلص منه بمختلف الطرق، وهي طرق كثيرة؛ احيانا بالاعلام، بخلق المشاكل له ولوطنه بعد التضييق الاقتصادي الذي يستثمر باشهار فساده، بعد ان يكونوا قد احالوا السبب لسياسة الحاكم. عندما لاتنفع هذه الآلية في تغير سلوكه او تغيره، تبدأ الصفحة الثانية بتأليب الاثنيات والاقليات مع العقوبات والمحاصرة الاقتصادية. واذا لم تأت بنتيجة، تبدأ التفكير جديا، بالانقلاب العسكري، بالاستفادة من العلاقة التى بنيت في وقت سابق كأحتياط مضموم لهذه الحالة كما حدث، مع مصدق في ايران، ومع سلفادر اللندي في تشيلي، ومع اربنز في غواتيمالا، او في الغزو والاحتلال باستخدام القوة العسكرية ان لم تنفع السابقات من اجراءات الردع واحضار الحاكم العاصي الى ميدان الطاعة والرضوخ والاعتذار عن عدم التعاون وعن ما داعب خياله من طموحات غير مسموح بها، بالتحرر من السيطرة الاستعمارية الخفية وبناء اقتصاد منتج وحيوي وقابل للحياة والنمو والتطور. كما حدث في بنما، وفي غرينادا، وفي فيتنام التى فشلت الولايات المتحدة الامريكية، في غزوها واحتلالها للاتيان بالحاكم العميل لها، فشلا ذريعا بعد قتال استمر لأكثر من عقد ونصف العقد..وهناك امثلة كثيرة.. او بطريق الالغاء، الغاء قادة العالم الثالث غير المتعاونين والطموحين، من الحياة، كي تكون درسا لأي رئيس جمهورية او رئيس حكومة؛ رئيس بنما، رئيس الاكوادور،بتريس لومومبا في الكونغو، وادواردو من موزمبيق، وكبوال من غينيا بساو..والقائمة طويلة..” ان احكام السيطرة، ليس في منطقة واحدة،بل في عدة مناطق ذات اهمية جغراقية- سياسية واحتقار شرعية المباديء السياسية والاقتصادية….وتوكيد الافضلية العسكرية الحربية من دون مساءلة مع قوة منتشرة انتشارا معولما، ومنظمة لا للدفاع الذاتي بل لشن الحرب: هذه هي افعال امة منهمكة في حكم الامبراطوية”( الامبراطورية الامريكية..). لكن مع ذلك هناك في العالم الثالث؛ طرفا ثالثا وكما يسميه او يعطيه نعتا مجسدا لواجباته في الواقع، جون بيركنز، مؤلف كتاب القاتل الاقتصادي” ابن اوى” هذا الذي يعمل عند الحاجة كطرف ثالث يقوم بما يؤكل له القيام به لحساب دهاقنة المال والسياسية في امريكا؛ لتغيير الحاكم او خلق بلبلة وقلق امني في الدولة التى يقود السلطة فيها هذا الحاكم الطموح او المتمرد على الخطوط العامة الاقتصادية وغيرها لسياسة الولايات المتحدة في بلده،لأستيلاد تمرد شعبي ضد هذا الحاكم الخارج عن بيت الطاعة الامريكي، او غيرها من الاساليب سالفة التنويه في هذه السطور المتواضعة. او في الصفحات الاوسع والاهم وذات الهيمنة الكلية للتعامل الامريكي مع دول العالم الثالث؛ وهذا هو ما يجري العمل به في الجل الاعظم من دول العالم الثالث حتى وان لم يتمردوا وكانت سياستهم مطيعة ولكنها لاتفي بمتطلبات الاغراض النهائية للقاتل الاقتصادي لفتح الطريق للانقضاض على الاقتصاد كليا باجبار الحاكم المطيع على عدم التوقف في محطة منتصف الطريق، بل الذهاب الى اخر المحطات التى بها يكتمل التغيير البنوي الاقتصادي بما يتوافق مع النهج الامريكي الاقتصادي والمالي والاستلابي واللصوصي لأقتصاديات بلدان الهدف. في ذات السياق يظهر لنا السؤال التالي: كيف الوصول الى هذا الهدف النهائي وكما اوضحته الدارسة موضوع هذا الجزء من سطور هذا المقال؛ تحت ضغط تضييق العمليات الاقتصادية والاستخراجية وحتى الصناعية، بما ينتج حالة من قلة المداخيل المالية وزيادة البطالة، بسبب اغلاق منافذ التوريد التقني والعلمي ونقل التكنولوجيات المتقدمة الضرورية لأستثمار الموارد في الطاقة والمعادن وفي التصنيع، هنا تتقدم مؤسسات المال الدولية، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما من مؤسسات المال الامريكي بالقروض لتلك الدول وبشروطهما..وبما ان الحاكم هنا فاسد اي ان النخبة الحاكمة فاسدة، يتم تضييع اموال القرض في الرشى وفي مشاريع غير منتجه ومضخمة، ليذهب القسم الاكبر من القرض الى جيوب النخبة الحاكمة ويجري ايداعه في بنوك الاوفشور( البنوك السرية..) مع ان الممول يعلم علم اليقين بهذا الفساد، لكنه يغض الطرف لأن المال المقترض سوف يعود إليها ويهيء الاوضاع الاقتصادية للصفحات الاهم. في هذه الحال وعندما يشتد الطوق الاقتصادي الخانق على اقتصاديات بلدان الهدف، تتقدم ذات البنوك بحزمة الحلول وهي ارتهان الثروات والموارد لهذه المؤسسات ولعقود طويلة، لقاء بضعة مليارات من دولارات كرافعة انقاذ للاقتصاد المتعثر، لكن الحقيقة تختلف تماما، فهذا يعني ان تلك البلدان قد تم مصادرة مواردها وثرواتها لأجيال عديدة قادمة، بالاضافة وكتحصيل حاصل مصادرة القرار السيادي.” شروط المساعدة الخارجية، والقروض، والتثمير:- تنازلات انماء الموارد – اتفاقيات المشاركة في الانتاج من جانب واحد – الشراكة مع النخب المحلية – خصخصة الخدمات العامة – الغاء الرسوم الكمركية بشكل غير متبادل- بناء قوات الدفاع والامن من دون ضرورة- التثمير العام لدعم مشاريع الشركات الخاصة….. الارغام( المقصود هنا ارغام الحكومات الفاقدة للشرعية والفاسدة،على استمرارها في التعاون وضمان عدم التمرد او سحب الفرص منها ان تمردت): – انتخابات مغشوشة – رشى – اختراق القوى العسكرية والامنية – التلاعب بالعملة المحلية ومعدلات الفائدة – التلاعب بالنزاعات الاثنية المحلية – اغتيال الزعماء غير المتعاونين – استخدام الميليشيات وقوى الامن المحلية – التدخل العسكري..” وفي حال خرجت الحكومة المتعاونة عن الطاعة وتمردت” يجد البلد غير المتعاون نفسه في وضع يزداد فيه التوتر السياسي. وتصادف الحكومة مقاومة من قبل مسانديها السابقين، وتصبح المعارضة السياسية اقوى واخشن صوتا. وتنذر الوسائط الاعلامية بالخطر. ويبدأ المال بمغادرة البلاد….كما يتلكأ التثمير، ويزداد تسريح العمال والبطالة. فاذا تلقت الحكومة الرسالة وغيرت مسيرتها، تشرق الشمس ويبدأ المال بالعودة،و فجأة يصير التعاون ممكنا. اما اذا حاولت ان تركب العاصفة. فعندئذ يلزم ستراتيجيات اخرى اقوى، تتراوح بين اغتيال الافراد القياديين الى الانقلابات العسكرية الى التحضير الى الحرب الاهلية…”. تتدخل الولايات المتحدة في جميع بلدان العالم الثالث على وجه التقريب، بحجة نشر الديمقراطية وحقوق الانسان، ومن اجل تلك الخدعة والفرية تجعل من دول الهدف تسبح في الدمار والخراب وتنزف دما؛ للوصول الى اهداف ما تريد وما خططت له ومن اجله نشرت الدمار. اما التبادل السلمي للسلطة والديمقراطية وحقوق الانسان، ما هو الا غطاء مهلهل ومفضوح، تختفي وراءه اهدافها الحقيقية. ففي ظل الخراب واضطراب المشهد السياسي والفوضى يتم تمرير، الاغراض الاستعمارية الامريكية التى بسببها ومن اجلها؛ تدخلت الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب، لصناعة او تهيئة البيئة الملائمة لتلك الاهداف في بلدان الهدف. كما هو واضح في المقطع التالي: ” يجب على القادة الغربيين ان يتقبلوا الوضع القائم في هذه الديمقراطيات البازغة حيث لاتجد المعارضة المحلية فرصة متساوية مع الاخرين للفوز في الانتخابات. حتى ان الصحافة الحرة لاتهتم بنقل اخبار المعارضة. وعلى الغرب ان يحتضن البلدان لا ان يعينها على التغرُب عن طريق محاضرات عن الانتخابات الحرة والعدالة.”

أحدث المقالات