” أسمع جعجعة ولا أرى طِحنا”! مثل قديم يعني أن هناك صوت للمطحنة, بدون رؤية للطحين,
تأرجحت الوزارات العراقية بعد الإحتلال, ما بين الفساد والمحاصصة, دون النظر الى الكفاءة والنزاهة, مع ركود تام بالمحاسبة, فهل سينصلح الحال بعد التغيير؟
تم الاتفاق بين كافة الساسة, لاتخاذ شعار التغيير, ومحاربة الفساد منهاجاً جديداً؛ وقد بدأ بعض الوزراء العمل بذلك, بعد أن لمسوا ذلك من العبادي, إلا أن المحاسبة لم تكن بالمستوى المطلوب! مع أن الصلاحيات تبيح لهم إقامة حدود القانون؛ فما هو السبب؟
تعيينات ببعض الوزارات, بالرغم من أن الدرجات لم تُطلق لحد الآن! نقول يعلم الاداريون كافة, طرقاً للتعيين غير المعلن عنها, إنها درجات وتخصيصات, من يتم احالتهم على التقاعد أو المتوفين, حيث تعطى للمقربين, ومن يدفع بالتي هي أحسن من العملة الخضراء.
فهل قام كل وزير, بحصر ما تم إحالته, على التقاعد والمتوفين في وزاراتهم؟ لا نعتقد ذلك, ففي وزارة التربية, يجري البيع بـ 400دولار والصحة كذلك! كما يسري ذلك على كافة الوزارات, إضافة للدرجات الوهمية.
أما الفساد المالي والاداري, الذي طال الادارات, بالرغم من تكثيف اللجان التي فسدت, تبعاً لفساد المسؤولين عنها, ففي مديرية الكرخ الثالثة مثلاً, الفساد يبدأ بغرفة المدير العام, بسقف كلفته ثمانية ملايين دينار, لينتهي بمئات من الملايين صرفت على الترميمات للمدارس!
أما مديرية الصحة الكرخية, المعروفة بقياداتها العسكرية الفاسدة, حيث نرى مهندسيها ومدراء مستشفياتها, من ضباط مهندسين, وأطباء تم إحالتهم لدوائر الصحة, فعاثوا فيها فساداً, مع نواب ضباط ٍ جهلة, اعتادوا على أخذ الرشى, ليتعدى ما تم صرفه التصور البشري, فقد تم تأهيل إحدى المستشفيات التعليمية, أكثر من كلفة إنشائه بضعفين! ومنظومة أوكسجين مركزية, لثلاث مرات خلال أربع سنوات, فاق مبلغ التأهيل 150 مليون دينار, بمستشفى أطفال الكاظمية.
بعد ذلك اليسير من المذكور أعلاه, هل يعمل السادة الوزراء, على إصلاح منظومات الإدارة والحسابات, أم انهم سيكررون التصريحات المشؤمة: هذه هي نتائج المحاصصة! عملت وزيرة الصحة بإخلاص, عند بدء تسنمها المنصب, ولكن على ما يبدو أن برودة الجو, قد اثرت على حرارة حماسها, فهل كان الهِمَّة من أجل إثبات الوجود؟
لقد قيل قديماً؛” لنعمل من أجل أن يبكي الوطن لموتنا, ولنخلص من أجل أن يبكينا أبناءُ هذا الوطن” , فهل نجد من يعمل على ذلك أم إن وزراء ومدراء العراق مُخَلَّدون؟
ها نحن ننتظر الطحين فقد صُمَّت آذاننا من الجعجعة.